يعقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة جلسة مهمة الأربعاء المقبل للنظر في «التقرير الاولي والتحديث الشفوي في حالة حقوق الانسان في سوريا». وكان المجلس قد طلب من المفوضية السامية لحقوق الانسان، بموجب قرار اعتمد بغالبية ٢٦ صوتاً في جلسة خاصة عقدت في ٢٩ نيسان الماضي لمناقشة «الحالة الراهنة لحقوق الانسان في سوريا»، ان ترسل بنحو عاجل بعثة الى سوريا للتحقيق في جميع الانتهاكات المزعومة للقانون الدولي لحقوق الانسان، ولإثبات وقائع وظروف مثل هذه الانتهاكات والجرائم المرتكبة، بغية تجنب الإفلات من العقاب وضمان المحاسبة الكاملة. وطلب من المفوضية أن تقدم تقريراً أولياً الى الدورة السابعة عشرة العادية، التي بدأت أعمالها في جنيف في ٣٠ أيار الماضي وتختتم في ١٧ حزيران الجاري في المقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف.
وبالتزامن مع النظر في حالة حقوق الانسان في سوريا، ينظر المجلس بناءً على قرارات اتخذت بالإجماع، في حالة حقوق الانسان في كل من ليبيا وساحل العاج. إلا ان الفارق في طريقة معالجة المجلس لحالة حقوق الانسان في سوريا بالمقارنة مع ليبيا وساحل العاج، هو في الولاية القانونية التي يستند اليها المجلس في قراره بشأن سوريا، إذ ينص القرار على إرسال بعثة تحقيق تابعة للمفوضية، اما في حالتي ليبيا وساحل العاج فقد أنشأ المجلس لجنتي تحقيق دوليتين مستقلتين، وهو امر عدّه المراقبون «تدخلاً مخفّفاً» من الامم المتحدة في الاحداث السورية، وذلك نتيجة المعارضة الشديدة التي قادتها روسيا والصين ومجموعة الدول الاسلامية وانسحاب غالبية الدول العربية الاعضاء في المجلس اثناء التصويت على القرار إبان انعقاد الجلسة الخاصة بسوريا في نيسان الماضي.
وفي ما يشبه تهيئة اعلامية لجلسة الاربعاء المقبل، دعت مفوضة الامم المتحدة لحقوق الانسان نافي بيلاي (الصورة) أمس، السلطات السورية الى وقف الهجمات على المدنيين، وأبدت اسفها إزاء «لجوء اي حكومة إلى قمع مواطنيها لإرضاخهم». وأضافت «من المؤسف تماماً أن تلجأ حكومة الى قمع مواطنيها من اجل إرضاخهم، باستخدام الدبابات والمدفعية والقناصة». وحثّت دمشق على «وقف انتهاك حقوق الانسان الاساسية لشعبها، وأن تسمح لبعثة تقصّي الحقائق المكلّفة النظر في الانتهاكات بالدخول الى سوريا بناءً على قرار المجلس».
وكان مكتب بيلاي قد ارسل طلبات للسماح لفريق البعثة بالدخول الى سوريا، لكنها لم تتلقّ جواباً بالقبول او الرفض من السلطات السورية. ولفتت بيلاي الى أن تجاهل السلطات السورية لطلبها لن يعوق تقديم تقرير اولي حول حالة حقوق الانسان في سوريا في الجلسة التي ستعقد الاربعاء المقبل. وذكّرت بيلاي الدول المجاورة لسوريا بالتزاماتها تجاه القانون الدولي والاتفاقيات المتعلقة باللاجئين والتي توجب استقبالهم وضمان عدم اعادتهم الى سوريا إذا كانوا غير راغبين في العودة. ودعت هذه الدول الى ابقاء حدودها مفتوحة امام اللاجئين.
مصدر دبلوماسي عربي في جنيف أكد لـ«الأخبار» أن التقرير سيوصي الحكومة السورية بالكف فوراً عن اعمال العنف ضد المدنيين التي تمثّل انتهاكاً لأحكام القانون الانساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الانسان المعمول بهما. كذلك سيوصي بالتوسع في اجراء تحقيقات دقيقة ونزيهة وشفافة في جميع الانتهاكات المزعومة، ولا سيما التحقيق بهدف ملاحقة المسؤولين عن حالات الاعدام خارج نطاق القضاء، او بإجراءات موجزة او تعسفاً، والمسؤولين عن حالات الاختفاء والتعذيب، مع الاحترام الكامل للضمانات القضائية. والافراج من دون شروط وفوراً عن جميع المحتجزين نتيجة مشاركتهم في تظاهرات سلمية او عن غيرهم من المحتجزين تعسفاً.. والكشف عن اسماء جميع المحتجزين لديها، وكذا الاشخاص الذين توفوا رهن الاحتجاز، من اجل التخفيف من معاناة اقارب المختفين، وفي حالات الاشخاص الذين توفوا، وأن تقدم الحكومة دليل وفاتهم الى جانب تحديد مكان دفنهم بالضبط. وستوصي بمنح التعويض الكافي للضحايا أو لأسرهم، واتخاذ جميع التدابير الملائمة لمنع تكرار هذه الانتهاكات.