عشيّة «جمعة العشائر» السورية، بدا أنّ مساعي الرباعي الأوروبي (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والبرتغال) في مجلس الأمن الدولي لن تجدي في نيل موافقة روسيا على مشروع القرار الأوروبي المعدَّل والملطَّف الذي تدعمه واشنطن لإدانة سوريا، وهو ما أكّدته وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، في أبو ظبي أمس. لكنّ الضغوط الدولية لا يضاهيها إلا التوتر الميداني المستمر بانتظار معرفة ما سيحصل اليوم في جمعة أراد البعض جعل العشائر السورية عنواناً لها.
وأكّدت روسيا، أمس، أنها تعارض أي قرار في الأمم المتحدة بشأن سوريا، في ردّ مباشر على المشروع الأوروبي الذي عُدّل علّه ينجو من الفيتو الروسي خصوصاً، وربما الصيني، علماً بأنّ النص الجديد لمشروع القرار لا يتضمن تهديدات بفرض عقوبات على نظام بشار الأسد. وقال المتحدث باسم الحكومة الروسية، ألكسندر لوكاشيفيتش، إن موسكو «تعارض أي قرار في مجلس الأمن بشأن سوريا لأن الوضع في سوريا لا يمثّل في رأينا تهديداً للأمن والسلم العالميين». وأشار إلى أن «من الأفضل أن يتعامل السوريون أنفسهم مع الوضع في سوريا»، لأن «مجرّد مناقشة القرار في مجلس الأمن يمكن أن يكون أمراً خطراً من ناحية التوتر الداخلي».
وفي السياق، كشف الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، أنّ جامعة الدول العربية لم تُستشر بشأن مشروع القرار المقدم في مجلس الأمن لإدانة سوريا. وقال موسى، في مقابلة مع قناة «روسيا اليوم»، إن مشروع القرار المقدم في مجلس الأمن هو مشروع فرنسي «ولم يستشر أحد الجامعة العربية في هذا الأمر». ورداً على سؤال حول موقفه مما يحدث في سوريا، أجاب «أرفض استخدام العنف ضد المدنيين لأن ذلك يؤدي دائماً إلى نهايات غير طيبة»، مشدداً على حق «الناس بالمطالبة بتحسين أحوالهم وهم يعيشون في منطقة حصل فيها مثل هذا في مصر وفي تونس وفي غيرها». وعن هذا الموضوع، أشار موسى إلى ضرورة أن تواكب الجامعة العربية التغيير الحاصل في العالم العربي «لا أن تتخلف عنه».
وفي المواقف والردود على المواقف، دانت وزارة الخارجية السورية تصريحات وزير الخارجية الفرنسية، آلان جوبيه، التي رأى فيها أن شرعية الرئيس السوري بشار الأسد «انتهت»، لافتة إلى أن موقفه هذا «هو عودة إلى الاستعمار القديم ومندوبيه السامين». وجزمت الوزارة بأن سوريا «تؤكد عدم سماحها بأي تدخل خارجي في هذا الشأن». موقف لم يمنع جوبيه مجدّداً من القول، من أبو ظبي، إن النظام السوري «يرتكب مجازر بحق المدنيين»، لافتاً إلى أن «موقف سوريا غير مقبول. لا يمكن مواصلة ذبح المدنيين بذريعة أن الشعب يتطلع إلى المزيد من الحرية والديموقراطية».
ومن الجانب المؤيد للنظام السوري، رفضت ايران اتهامات وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ التي تفيد بأن طهران تدعم دمشق «في قمع الاحتجاجات الشعبية». وقال التلفزيون الحكومي الايراني إن «هذه الاتهامات لا أساس لها ولا تستند إلى شيء بل هي محض أكاذيب».
ميدانياً، وعلى وقع المخاوف مما قد يحصل في جمعة العشائر، نقلت هيئة الإذاعة البريطانية عن مصادر سورية رسمية تأكيدها أن رئيس فرع الأمن العسكري في محافظة حماة العميد محمد مفلح، ومعه عدد من ضباط الأمن قد أحيلوا إلى القضاء للتحقيق معهم على خلفية الضحايا الذين سقطوا يوم الجمعة الماضي، وقال سكان ومعارضون إن عددهم وصل إلى 70 شهيداً.
من جهة ثانية، نفى رئيس المركز الإعلامي في حماة عبد الرحيم فاخوري لـ«بي بي سي» أن يكون قد أقيل من منصبه لكنه أشار إلى أنه وصل إلى سن التقاعد حيث سيتقاعد بعد شهرين.
كذلك نقل التلفزيون السوري مضمون ما قال إنه اتصال هاتفي «جرى بين عدد من أفراد التنظيمات المسلحة في جسر الشغور يكشف عن حجم الإغراءات الكبيرة التي وعدتهم بها الجهات التي تسمي نفسها المعارضة، وكشف آخر محاولة بعض أفراد هذه التنظيمات استغلال النساء والأطفال لإضعاف الروح المعنوية، عدا التآمر مع بعض المحطات الفضائية»، على حد ما نقلته وكالة الأنباء السورية «سانا». وبثت الفضائية السورية حواراً هاتفياً أشارت إلى أنه «جرى رصده بين شخص اسمه أحمد الحجة وآخر يدعى مصعب، يبيّن فيه الأول للثاني أن المعارضة وعدت بتقديم فيلا لكل من يُهدم بيته». وفي تفاصيل الاتصال يقول الحجة لمصعب إن الجيش السوري سيدخل جسر الشغور وترافقه قنوات عربية وأجنبية للتصوير في حال حدوث اشتباكات». ويتابع الحديث أن المدعو الحجة قال لمصعب إن «الانسحاب أكبر انتصار للتنظيمات المسلحة، فدعهم يدمرون الجسر لكن لا يخرج أي شخص من الجسر لأن الملائكة إذا نزلت وقاتلت معنا فمن المستحيل أن ينتصروا، ورأيي أن تقنعوا العالم بالانسحاب وأن تفكوا كل شيء ولا تتركوا أثراً، وإن لم تستطيعوا اتركوا كل شيء واخرجوا دون أن يبقى منكم شخص واحد، فالقضية ليست جبناً بل عمليات كرّ وفر». ويتابع «الحجة» بحسب «سانا» قائلاً «بالنسبة لنا، نحن قتلنا ولم يقتلوا منا أحداً، وإذا كانوا سيدمرون البيوت فنحن نعرف أن المعارضة ستعوضنا».
كذلك نقلت الفضائية السورية اتصالاً آخر قالت إنه جرى بين شخصين أحدهما يدعى «محمد» من قناة «الجزيرة» والآخر «جميل» من سكان منطقة جسر الشغور، حيث يوضح فيه محمد أن طاقماً من قناة الجزيرة «سيأتي للتصوير والمطلوب منه أمر النساء والأطفال بالنزوح فوراً إلى الأراضي التركية بعد أول طلقة من الجيش باتجاه جسر الشغور، لافتاً إلى أمرهم بالصراخ جميعاً بصوت واحد: يا ويلاه! الجيش ذبح بعضه البعض في الجسر».
إلى ذلك، أصدر الأسد مرسوماً يقضي باستحداث محكمة القضاء الإداري في كل من محافظات حلب وحمص ودير الزور، ومحكمة إدارية في كل من محافظات دمشق وحلب وحمص ودير الزور، على أن «تحدد اختصاصات محكمة القضاء الاداري المستحدثة كما يحدد الاختصاص المكاني لها وللمحكمة الادارية بقرار من رئيس مجلس الدولة».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)

وكالة الطاقة تحيل الملف النووي على مجلس الأمن



أصبح الملف النووي السوري في عهدة مجلس الأمن الدولي، بعدما قرر مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إحالته على المنظمة الدولية بسبب موقع نووي لم يعد موجوداً، بعد قصفه من قبل إسرائيل

قررت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أمس، رفع ملف سوريا النووي إلى مجلس الأمن الدولي، بسبب ادّعاءات بأنها شيّدت مفاعلاً نووياً دمرته الطائرات الإسرائيلية في أيلول 2007، فيما أكد المندوب السوري، بسام الصباغ، أن بلاده ستواصل العمل مع وكالة الطاقة، على الرغم من القرار.
وقال الصباغ في أعقاب صدور القرار، خلال اجتماع مغلق لمحافظي الوكالة الذين يمثلون 35 دولة في فيينا، إن القرار «يدعو إلى الأسف». وعمّا إذا كان القرار سيؤثر على تعاون سوريا مع الوكالة، قال «أعتقد أن سوريا كانت دائماً ملتزمة بتعهداتها وواجباتها، وأعتقد أننا سنستمر بذلك».
واعتمد مجلس محافظي الوكالة، المؤلف من 35 دولة، بغالبية 17 صوتاً ومعارضة ستة أصوات قراراً ينتقد سوريا لتعطيلها على مدى ثلاث سنوات تحقيقاً للوكالة في ما يخصّ موقعاً قصفته إسرائيل عام 2007.
وكانت روسيا والصين ضمن الأصوات المعارضة. وقال الدبلوماسيون إن 11 دولة امتنعت عن التصويت، وتغيّبت دولة واحدة. وقالت روسيا إن مشروع القرار المقدم من الولايات المتحدة و12 دولة جاء «في وقت غير مناسب، وهو غير موضوعي». وذكرت أن التعديلات التي طلبتها على صياغة المشروع لم توضع في الاعتبار.
وقال المندوب الروسي لدى الوكالة، غريغوري بردينيكوف، في بيان «لهذا إذا طرح للتصويت فسنصوّت ضده»، مضيفاً أنه رغم احتمال وجود بعض الأخطاء السورية، إلّا أن الموقع لا يمثّل تهديداً للأمن الدولي الآن لأنه دُمّر. أما مندوب الصين لدى الوكالة، وانغ مين تشينغ، فنقلت عنه وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) قوله «في ظل الظروف الراهنة، لا حاجة إلى اتخاذ قرار بشأن المسألة النووية السورية، بل لا داعي لإحالة المسألة على مجلس الأمن».
وقال وانغ، وهو رئيس إدارة جهاز الوكالة الصينية للطاقة الذرية، إن الصين تعتقد أن هذه المسألة يجب أن تحل في إطار وكالة الطاقة. وأوضح دبلوماسيون غربيون حضروا الاجتماع «كان هناك ما يكفي من التأييد ليتبنّى مجلس محافظي الوكالة القرار الذي يتطلب غالبية بسيطة».
وقالت تقارير للاستخبارات الأميركية إن موقع دير الزور كان مفاعلاً في مرحلة التشييد من تصميم كوريا الشمالية، ويهدف إلى إنتاج البلوتونيوم للقنابل الذرية، قبل أن تقصفه إسرائيل وتحوّله إلى ركام، فيما نفت سوريا ذلك مراراً. وقدمت الوكالة التابعة للأمم المتحدة دعماً للادّعاء الأميركي في تقرير الشهر الماضي قالت فيه إن الموقع «يرجّح كثيراً» أنه كان مفاعلاً نووياً.
(أ ف ب، رويترز)

تركيا تستقبل 2400 لاجئ... وتدعو إلى «التصرف بحسم»



جدد وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، أمس، موقف بلاده من الاحتجاجات في سوريا، مؤكداً أنه حان لدمشق كي تتصرف «بحسم أكبر» بشأن الإصلاحات السياسية التي اقترحها الرئيس السوري بشار الأسد، في وقت ارتفعت فيه أعداد الفارين من سوريا إلى تركيا، لتصل إلى 2400 شخص بعد تسارع وتيرة وصولهم إلى قرية يايلاداغي التي تبعد نحو أربعين كيلومتراً عن مدينة جسر الشغور، حيث يقوم الجيش السوري بعمليات عسكرية منذ أيام.
وقال داوود أوغلو، للصحافيين أثناء قمة في أبوظبي تهدف الى دعم المعارضة الليبية، «لدينا مخاوف جادة بشأن الوضع في سوريا، قبل نصف ساعة تلقيت الأرقام الدقيقة، أكثر من 2400 شخص جاؤوا الآن الى تركيا كلاجئين»، وذلك بعدما كانت وكالة أنباء الأناضول قد تحدثت عن ارتفاع عدد السوريين الذين هربوا الى تركيا الى 1800، مشيرةً إلى أن 1250 لاجئاً دخلوا الى تركيا في الساعات الـ24 الأخيرة.
وجاء حديث أوغلو بعد تشديده في مقابلة مع صحيفة «دير شبيغل» الألمانية على أهمية أن يحدث التغيير السياسي في سوريا. ورداً على سؤال عن عدم مطالبة الرئيس السوري بشار الأسد بالاستقالة، قال «سوريا هي البلد الأكثر أهمية في عملية السلام في الشرق الأوسط، لديها حدود مع العراق وإسرائيل ولبنان والأردن وتركيا، وبالإضافة الى ذلك، سوريا على عكس ليبيا أو تونس، بلد متعدد الأديان». لكنه اضاف «مع ذلك، لدينا معايير تنطبق أيضاً هناك؛ التغيير السياسي يجب أن يحدث، ويجب أن يحدث سلمياً». ولفت إلى أن التغيير كان سيكون أسهل لو أن «المسار الإصلاحي أطلق في كانون الثاني عندما توجه رئيس الوزراء (رجب طيب) أردوغان الى دمشق وتكلم بكل صراحة مع الأسد». وتابع «في الوقت الراهن، النافذة مفتوحة قليلاً فقط، ومع ذلك سنواصل الحديث مع أصدقائنا السوريين».
في غضون ذلك، عززت السلطات التركية من إجراءاتها لاستقبال اللاجئين السوريين، وسط توقعات للمتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في تركيا، متين كوراباتير، بوصول موجة جديدة من اللاجئين اليوم.
ووصلت شاحنات تنقل أسرّة وملابس أمس الى قرية من الخيام أقامها الهلال التركي في منطقة يايلاداغي تتسع لآلاف اللاجئين، مع قدوم أول دفعة من اللاجئين في شهر نيسان الماضي. وعلى الرغم من أنه لم تنصب سوى نحو مئة خيمة على ستة هكتارات حتى الآن، إلا أن هناك 900 خيمة أخرى معدّة للاستخدام حسب أرقام قدمها الهلال الأحمر في نهاية نيسان. نقل أسرّة وملابس، في وقت أصدرت فيه السلطات في إقليم هاتاي بجنوب تركيا أوامر للشرطة بمنع اتصال وسائل الإعلام بالسوريين الذين عبروا الحدود، سواء في المخيم أو في المستشفيات.
(الأخبار)