تتجه الدول الغربية، وعلى نحو خاص الولايات المتحدة، إلى اعادة تنشيط عملياتها الاستخبارية في اليمن، لمواجهة تنظيم «القاعدة»، في ظل استمرار الأزمة السياسية في اليمن، ومخاوف من لجوء التنظيم إلى تنفيذ المزيد من الهجمات بعدما أثبتت الوثائق التي عُثر عليها في مخبأ زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن بعد مقتله، أنه كان على تواصل مع عناصر التنظيم في اليمن، وتحديداً رجل الدين الأميركي المتشدد اليمني الأصل أنور العولقي.وبعد أيام قليلة من إعلان بريطانيا نشر قوات لها على مقربة من السواحل اليمنية، ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أن المقاتلات الأميركية قتلت يوم الجمعة الماضي أبو علي الحارثي، وهو ناشط من تنظيم «القاعدة» متوسط المستوى، مع عدد من المسلحين المشتبه فيهم بجنوب البلاد، فيما استهدفت طائرة تجسس أميركية قبل أسابيع، العولقي، لكنه نجا.
ولفتت الصحيفة إلى أن هذه العمليات الأخيرة التي جاءت بعد قرابة سنة من توقف الهجمات الجوية الأميركية في اليمن، تعدّ أحد الخيارات القليلة المتاحة لمنع المتشددين من تعزيز سلطتهم في البلاد، ولا سيما في ظل التعقيدات التي أضافتها الاحتجاجات ضد صالح. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين قولهم إن وكالات الاستخبارات الأميركية والسعودية، كانت تتلقى مزيداً من المعلومات، من المخبرين وعن طريق التنصت الإلكتروني، بشأن الأمكنة المحتملة للمتشددين، لكنّ المسؤولين لفتوا إلى أن اتساع نطاق الصراع في اليمن خلق خطراً جديداً يتمثل في تسريب طرف معلومات للأميركيين، قد تحثهم على شن هجمات جوية ضد مجموعة منافسة.
كذلك لفت مسؤول رفيع المستوى في وزارة الدفاع «البنتاغون»، رفض الكشف عن هويته، إلى أن استخدام القوة ضد المتشددين في اليمن بات أكثر تعقيداً، بسبب اندماج الناشطين في تنظيم «القاعدة» مع متمردين آخرين أو مسلحين مناهضين للحكومة، ما يجعل مهمات القصف أصعب.
وبعدما أوضحت الصحيفة أن قيادة العمليات الخاصة المشتركة في البنتاغون تقود الحملة الأميركية في اليمن بتنسيق وثيق مع وكالة الاستخبارات الأميركية «سي أي ايه»، أشارت إلى أن الفرق العسكرية الأميركية والناشطين الاستخباريّين لديهم نقطة قيادة في صنعاء لتتبع المعلومات عن المسلحين هناك، والتخطيط لهجمات جوية مستقبلية.
وأضافت إن القلق من احتمال تضاؤل الدعم للحملة الأميركية إذا سقط النظام اليمني، دفع بالسفير الأميركي في صنعاء جيرالد فايرستاين الى الاجتماع بزعماء المعارضة، ليوضح ضرورة مواصلة العمليات الأميركية، مشيرةً إلى أن زعماء المعارضة اليمنية أخبروا السفير أنه ينبغي مواصلة العمليات ضد «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية، بغض النظر عمن سيفوز بالسلطة في صنعاء.
وذكرت الصحيفة أن حجم الحرب الأميركية في اليمن يعدّ من أكثر الأسرار كتماناً في إدارة أوباما، مع قلق المسؤولين فيها من أن تؤدي العمليات الأميركية الأحادية الجانب الى إضعاف قبضة صالح على السلطة.
فصالح يعد حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة في حربها ضد «القاعدة»، وهو لم يتردد يوماً في التأكيد للمسؤولين الأميركيّين أن الأجواء اليمنية مفتوحة أمام الطائرات لتضرب أينما تشاء، على أن يقوم النظام اليمني بتحمل مسؤولية القصف، ولو تطلّب الأمر منه الكذب أمام مجلس النواب.
في المقابل، تدرك الولايات المتحدة أن أي جهة سياسية جديدة ستصل إلى السلطة في اليمن، لن تستطيع، على الأقل في المدى القصير، التغاضي عن إرضاء الولايات المتحدة، ولا سيما في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور في اليمن، والحاجة الملحّة إلى الدعم الأميركي المالي من جهة، والدولي من جهة ثانية، وهو ما لا يمكن أن يتوافر إلا في حال استمرار التعاون في محاربة تنظيم القاعدة في اليمن، الذي أثبت تمتعه بعدد من الميزات التي تجعله يتفوق على باقي فروع التنظيم.
الميزة الأولى تتمثل في انضواء عدد من العناصر ممن يمتلكون خبرات عسكرية كبيرة، ولا سيما بعدمل تحوّل اليمن إلى مقر لإيواء عناصر «القاعدة» من أصحاب الجنسية السعودية، وذلك بعد اندماج التنظيمين اليمني والسعودي تحت اسم «تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب» عام 2009.
أما الميزة الثانية، فقد أثبتها من خلال نجاحه في تهديد المصالح الأميركية والغربية في عقر دار هذه الدول، بعدما تبين أنه يقف خلف محاولة تفجير الطائرة فوق ديترويت عام 2009، إضافةً إلى استهداف طائرات شحن متجهة إلى أميركا. أما الميزة الثالثة، فهي امتلاكه القدرة على التواصل مع عدد من مؤيديه في الغرب باللغة الإنكليزية من خلال مجلة «انسباير»، ما يمكّنه من إنتاج دعاية مؤثرة على الإنترنت تحرّض آخرين على شن هجمات.
(الأخبار، يو بي آي)