بعد انقضاء المئة يوم التي وعد خلالها نوري المالكي بحل المشاكل السياسية والاقتصادية ومحاربة الفساد والمفسدين، عاد العراقيون الى شارعهم، والمفارقة هذه المرّة أن الحكومة تصدّت لهم بتظاهرات مضادةشهدت العاصمة والمدن العراقية، أمس، تظاهرات متفرقة ومضادّة، الفئة الأولى طالبت بالإصلاح السياسي والاقتصادي في جمعة «القرار والرحيل»، والفئة الثانية، مؤيّدة للحكومة، وقد عمدت إلى إفشال الأولى، وذلك بعد أيام قليلة من انتهاء مهلة المئة يوم التي مُنحت للوزارات لتحسين أدائها.
وتجمّع مئات الأشخاص في ساحة التحرير في وسط بغداد حاملين لافتات تطالب بالإصلاح وبخروج قوات الاحتلال الأميركية من البلاد، ومردّدين هتافات مناوئة لحكومة رئيس الوزراء نوري المالكي. والى جانب هؤلاء، تظاهر حوالى ثلاثة آلاف شخص، معظمهم من رجال العشائر مؤيدين للحكومة، للمطالبة بإعدام موقوفين متهمين بقتل 70 شخصاً كانوا يحضرون حفل زفاف في مدينة الدجيل شمال بغداد عام 2006. وبعد مرور نحو نصف ساعة على بدء التظاهرة المطالبة بالإصلاح، اقتحم نحو عشرة رجال التجمع وانهالوا بالضرب على أربعة من المتظاهرين، ما أدى الى تفرق الحشد المعارض للحكومة بعد دقائق. وأقامت قوات الشرطة والجيش حواجز عند مداخل ساحة التحرير، ومنعت السيارات من التوجه اليها، فيما كان يجري تفتيش الداخلين الى مكان التجمع.
وسماح الحكومة بخروج تظاهرات لأنصارها في بغداد والمحافظات الأخرى للمرة الأولى يمثل تكتيكاً جديداً يُقصد به مواجهة التظاهرات المناوئة لها، من دون الاضطرار الى زج أجهزتها الأمنية، للنأي بنفسها عن أيّ اتهامات بارتكاب خروق.
وفي منطقة الحلّة، تظاهر المئات أمام مبنى المحافظة وسط المدينة، وسط إجراءات أمنية مشدّدة، حاملين أعلاماً عراقية ولافتات كُتب على إحداها «المية خلصت يا ولد وكل الفساد بها البلد». وفي ظل الإجراءات الأمنية المشددة في البصرة، تجمع المتظاهرون في ساحة المرأة العراقية في منطقة العشار وسط المدينة للمطالبة بالإصلاح المعيشي والأمني، وحملوا لافتات كُتب على إحداها «بعد العاشر من حزيران لا مكان للمفسدين في عراق الصابرين» و«الشعب يريد أفعالاً لا أقوالاً عدالة اجتماعة لا محاصصات» و«إنهاء الاحتلال مطلب وطني عاجل».
وتظاهر في كركوك نحو 400 شخص وسط المدينة، معظمهم أعضاء في الحزب الشيوعي، طالبوا بتحسين الأوضاع الخدمية والأمنية في البلاد، وبتطبيق مبادئ حقوق الإنسان، كما شهدت مدن الناصرية والنجف تظاهرات مماثلة شارك فيها العشرات.
وفرضت السلطات العراقية إجراءات مشددة في مناطق متفرقة من البلاد، بينها حظر تجوال في محافظة ديالى ومدينة تكريت كبرى محافظة صلاح الدين لتجنب اتساع التظاهرات.
وكان ناشطون عراقيون قد وجهوا على موقع الـ«فيسبوك» للتواصل الاجتماعي دعوات إلى التظاهر في عموم محافظات العراق، وخصوصاً في ساحة التحرير وسط بغداد، في ما أطلقوا عليه «جمعة القرار والرحيل».
وشهد العراق في بداية العام الحالي أكبر تظاهرات مناوئة للحكومة منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، دفعت نوري المالكي الى الإعلان في 27 شباط أنه سيقيم وسيعلن بعد 100 يوم من هذا التاريخ «إخفاقات ونجاحات كل وزير». وانقضت المدة من دون أن تتمكن الحكومة في هذه الفترة من إيجاد حلول لمشاكل أساسية.
في هذه الأثناء، أعلنت جماعة تطلق على نفسها اسم كتائب حزب الله مسؤوليتها عن الهجوم على قاعدة عسكرية ما إلى مقتل 5 جنود أميركيين هذا الأسبوع.
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)