من المؤكّد أن توقيت تفجّر قضية «الجاسوس الإسرائيلي» إيلان غاربيل في مصر هو آخر ما يتمناه الإسرائيليون في هذه المرحلة. فالعلاقات المصريّة الإسرائيليّة عرفت الكثير من قضايا التجسس المتبادل ورواياته، لكن الإسرائيليين، يصرون على أنَّ غاربيل «ليس جاسوساً»؛ إذ أكدّ مصدر إسرائيلي أنَّ الحديث هو عن «ولد لا عن جيمس بوند»، مضيفاً أن «كل العالم يعرف جيداً أن هذه مسرحية. ولدي أساس بالقول إنه سيُطلَق سراحه بعد أيام». ونقلت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية عن مصادر سياسية قولها إنّ إسرائيل تقدّر أنّ السبب المركزي الذي يقف من وراء اعتقال غاربيل هو «الحاجة (لدى المصريين) إلى الإثبات للجمهور المصري أنَّ المجلس العسكري يسيطر على الأوضاع» وأنه «يحقق الأمن لمواطنيه». لكن في مقابل هذا قالت مصادر أجنبية لصحيفة «معاريف» إن الحديث ليس عن مؤامرة، وإن المصريين حتى هذه اللحظة «يشتبهون في أن غاربيل جاسوس».
وأعربت وزارة الخارجية الإسرائيلية عن قلقها إزاء اعتقال الإسرائيلي ـــــ الأميركي في مصر، وخصوصاً أنه يأتي بعد عدة خطوات قام بها المجلس العسكري لا تتناسب مع الإسرائيليين، منها أزمة الغاز الطبيعي وفتح معبر رفح، وسط تساؤل عما إذا كان اعتقال غاربيل سيكون «الأزمة الجديدة».
وحتى هذه اللحظة، رفض المصريون طلباً من الخارجية الإسرائيلية بأن يلتقي ممثل عن الوزارة غاربيل. لكن مصادر في تل أبيب قالت إن جهات أمنية إسرائيلية ومصرية على اتصال بشأن هذه القضية، وإن الولايات المتحدة ضالعة أيضاً.
ونفى وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان وجود أي علاقة بين أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية وغيلان غاربيل. وقال لإذاعة الجيش الإسرائيلي إن غاربيل هو «طالب جامعي، وقد يكون غريباً بعض الشيء أو يفتقر إلى المسؤولية». ورأى ليبرمان أن «مصر تتصرف بغرابة، وقد سلمناهم جميع التوضيحات والمعطيات المطلوبة»، مشيراً إلى أنه «عندما تحدث أخطاء من جانبنا، نسارع إلى إصلاحها، وهم أيضاً يدركون أنّ من الأجدى إنهاء هذه القضية بأسرع وقت». وأضاف أنه يأمل إطلاق سراح غاربيل قريباً «ولا أريد التفكير بسيناريو آخر».
وفي سياق متصل، كشفت صحيفة «معاريف» أمس أنَّ نائب وزير الخارجية الإسرائيلي داني أيالون، زار القاهرة قبل أسبوعين سراً والتقى عدداً من المسؤولين المصريين، إلا أن الخارجية الإسرائيلية نفت هذه الزيارة.
وهذه هي المرة الأولى التي تسافر فيها شخصية إسرائيلية لا تشغل منصب وزير أمن أو وزير مقرّب إلى مصر (مثل بنيامين (فؤاد) بن العيزر). وتُعَدّ هذه الزيارة مفاجأة، وخصوصاً أن أيالون هو نائب أفيغدور ليبرمان، الذي هدّد مصر أكثر من مرة بقصف السد العالي. ولم يلتق ليبرمان منذ تعيينه وزيراً في مصر ولم يزر مصر أصلاً. لكن حسب «معاريف»، كان ليبرمان على علم بزيارة نائبه للقاهرة. وقد التقى أيالون، بحسب الصحيفة، رئيس المجلس العسكري محمد طنطاوي ووزير الخارجية نبيل العربي.
وقالت «معاريف» إن أيالون بحث مع نظرائه المصريين عدداً من القضايا، منها اتفاق المصالحة بين «فتح» و«حماس» وفتح مصر معبر رفح وتزويد الدولة العبرية بالغاز الطبيعي. لكن «معاريف» رأت أن أساس الزيارة هو محاولة نقل العلاقات المصرية الإسرائيلية إلى المسار الدبلوماسي السياسي، إذ إن العلاقات المصرية الإسرائيلية ارتكزت دائماً على زيارات سرية لمسؤولين إسرائيليين، لم ينسقوا سفرهم ولقاءاتهم مع الخارجية الإسرائيلية.
وكان الإسرائيليون قد أعربوا عن قلقهم من التطورات الأخيرة في مصر، متخوفين من «تقوية الإخوان المسلمين» في الانتخابات القريبة، ومن التقرب إلى حماس وإيران. لكن القلق الإسرائيلي الأكبر هو اهتزاز اتفاقية السلام بين البلدين. وذكرت «معاريف» أنه سبق أن تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الآونة الأخيرة مع طنطاوي.