أردوغان ينصح الأسد: طبّق الإصلاح بسرعة شديدة

وسّعت السلطات الأمنية أمس من حملتها في محيط منطقة جسر الشغور، معتقلةً مئات المواطنين في عدد من القرى المجاورة، في الوقت الذي أقرت فيه الإدارة الأميركية بوجود عناصر مسلحة بين معارضي النظام، وذلك بالتزامن مع عودة الاتصالات السورية ــ التركية
سجلت التطورات في سوريا أمس، حدثين بارزين: الأول، على الخط السوري ـــــ التركي بعد الاتصال الهاتفي الذي أجراه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، بالرئيس السوري بشار الأسد، وتناول التطورات السورية، في استعادة للتواصل المباشر بين الرجلين بعد انقطاع دام قرابة أسبوعين.
ووفقاً لوكالة «أنباء الأناضول»، أجرى أردوغان أمس، بعد يومين فقط من فوز حزبه في الانتخابات التركية، اتصالاً هاتفياً بالأسد، دعاه فيه إلى «التوقف عن اللجوء إلى العنف ووقف الاضطرابات»، التي تجتاح سوريا.
وفي إشارة إلى أن الموقف التركي لم يحمل أي تبدل بعد انتهاء الانتخابات، على عكس ما كان يعول البعض، أكد أردوغان للأسد ضرورة «وضع جدول زمني للإصلاحات بالسرعة الممكنة وتطبيقها بسرعة شديدة»، وذلك بعدما صعّد أردوغان من لهجته الأسبوع الماضي، متهماً سوريا بارتكاب «فظاعات» بحق المتظاهرين. أما التطور الثاني، فتمثل في موقف الإدارة الأميركية من الأحداث الجارية في منطقة جسر الشغور، بعدما أقر أحد مسؤوليها بوجود مسلحين، من أصحاب التوجهات الدينية، يسيطرون في عدد من المناطق.
وفي السياق، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» في عددها الصادر أمس عن مسؤول أميركي، رفض الكشف عن اسمه، «أن الجانب الطائفي والانقسامات والكراهية في تزايد» في سوريا، معرباً عن اعتقاده أن «هذه الانقسامات لن تتلاشى»، ومشيراً إلى أن «ما حدث في شمال غرب سوريا سيؤجج المشاعر العلوية ويزيد تشددهم كجماعة، وسيثير كراهيتهم تجاه السنّة، والعكس صحيح».
كذلك نقلت عن المسؤول الأميركي قوله: «نحن نرى عناصر المعارضة المسلحة عبر سوريا». وأضاف: «في شمال غرب البلاد، نحن نرى أنها تستولي، هناك الكثير منهم». وفيما أكد أن الأميركيين «لا يعرفون حقاً من هي هذه الجماعات المسلحة»، أشار إلى أنهم «على أساس ديني، بالتأكيد».
في غضون ذلك، واصل الجيش السوري عملياته العسكرية في محيط منطقة جسر الشغور؛ إذ اتجهت القوات العسكرية أمس إلى مجموعة من القرى المحيطة، بينها معرة النعمان التي تقع على الطريق السريع بين دمشق وحلب، بهدف إلقاء القبض على عدد من الأشخاص ممن تتهمهم السلطات برفع السلاح في وجه الدولة.
ونقلت وكالة «رويترز» عن شهود وسكان فارين أن القوات السورية تتجه نحو بلدة معرة النعمان، بعد أن ألقت القبض على المئات من الأشخاص في عملية تمشيط للقرى القريبة من بلدة جسر الشغور، فيما أكد أستاذ الصيدلة في معرة النعمان عثمان البدوي، لوكالة «رويترز» أن مروحيات كانت تنقل قوات إلى معسكر في وادي ضيف، على بعد عدة كيلومترات من المدينة. وأضاف: «التقينا المحافظ، وأكد لنا أن الجيش سيذهب فقط للقبض على 360 شخصاً لديه لائحة بأسمائهم»، لافتاً إلى أنه «مع ذلك، فإن سكان معرة النعمان متشككون». كذلك لفت البدوي إلى أن «اسمه على اللائحة، وهو مطلوب القبض عليه لأنه مسلح»، مشيراً إلى أنه «لم يحمل سلاحاً في حياته قط».
من جهته، أوضح رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، لوكالة «فرانس برس»، أن «ستة مدنيين قتلوا في مدينة أريحا» إلى الشرق، في الساعات الأخيرة، بينهم رجل وامراته وطفلاهما، قتلوا بعد ظهر الاثنين بالرصاص في منطقة جسر الشغور على بعد 100 متر من نقطة مراقبة للجيش.
بدوره، أكد ناشط لوكالة «رويترز» أن الجيش أرسل «10 دبابات و15 إلى 20 ناقلة جند إلى محيط مدينة البوكمال» على بعد 500 كلم شرقي دمشق.
وفيما تحدث عن «أن تظاهرات نظمت أول من أمس في دير الزور على بعد 430 كلم شرقي دمشق»، أوضح الناشط مصطفى أوسو لوكالة «أسوشييتد برس» أن الدبابات تحركت أمس باتجاه محافظة دير الزور الشرقية على الحدود مع العراق.
في غضون ذلك، أوضحت وكالة الأنباء السورية «سانا» أن وحدات الجيش تمكنت خلال ملاحقتها التنظيمات الإرهابية المسلحة في جسر الشغور، من ضبط أسلحة وجوازات سفر وشرائح هواتف تركية وبزات عسكرية وسيارات مفخخة استخدمتها عناصر التنظيمات المسلحة لتصوير أنفسهم والادعاء أنهم من رجال الجيش.
من جهته، أفاد التلفزيون السوري أن «العصابات الإرهابية سرقت الديناميت من المقالع واستخدمته في تفخيخ الجسور»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن «بعض الموقوفين من عناصر التنظيمات الإرهابية المسلحة اعترفوا بوجود مقابر جماعية أخرى غير التي اكتُشفت يوم الأحد الماضي».
ومع استمرار العمليات العسكرية، سجلت أعداد اللاجئين السوريين إلى تركيا مزيداً من الارتفاع؛ إذ أوضح مصدر تركي أن عدد السوريين الذين لجأوا إلى تركيا هرباً من القمع في بلادهم بلغ 8538 شخصاً أمس، مع وصول قرابة ألفي لاجئ جديد.
(الأخبار، أ ف ب، أ ب، يو بي آي، رويترز)

■ ■ ■

فرنسا تتريث بالذهاب إلى مجلس الأمن... وكلينتون تتهم إيران



لا يزال المجتمع الدولي منقسماً إزاء الموقف من سوريا، ولا سيما مع استمرار تصلب الموقفين الروسي والصيني تجاه اتخاذ أي قرار يدين دمشق في مجلس الأمن الدولي، وإصرار فرنسا على المضي قدماً
استمرت فرنسا، أمس، في حملتها الهادفة إلى استصدار قرار في مجلس الأمن الدولي يدين سوريا على خلفية الاحتجاجات التي تشهدها منذ أسابيع، مقرةً في الوقت نفسه بعدم تبدل موقف روسيا والصين الرافض لمثل هذه الخطوة، وعدم نيتها طرح مشروع القرار على التصويت قبل ضمان إمراره، فيما اتهمت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إيران بدعم الهجمات التي يشنها «النظام السوري على المتظاهرين».
وأعلن وزير الخارجية الفرنسي، آلان جوبيه، أمس، أن الدول التي أعدت مشروع القرار في الأمم المتحدة لن «تجازف بأن تطرح على التصويت مشروع قرار يدين النظام السوري، إلا إذا توصلنا إلى غالبية كافية». وأضاف: «لدينا اليوم على الأرجح تسعة أصوات في مجلس الأمن، يبقى علينا أن نقنع جنوب أفريقيا والهند والبرازيل، ونعمل على ذلك يوماً بعد يوم».
وأضاف الوزير الفرنسي: «إذا تحركت الأمور من هذا الجانب، وإذا تمكنا من توفير أحد عشر صوتاً، فعلى كل طرف أن يتحمل مسؤوليته. سنطرح مشروع القرار هذا للتصويت، وسنرى ما إذا كانت روسيا والصين ستستمران في (موقفهما لجهة استخدام) حق النقض».
وبعدما جدد التأكيد أن القمع في سوريا «يثير الاستياء ويستدعي الإدانة»، رأى أن «الأمور تتدهور من يوم إلى آخر»، وذلك بعد إعلان المتحدث باسم الخارجية الفرنسية، برنار فاليرو، أمس أن أعضاء مجلس الأمن الـ15 باتوا الآن أمام خيار «غض النظر» أو تحمل مسؤولياتهم حيال «وضع بات لا يحتمل» نتيجة القمع في سوريا. وأبدى أسفه لغياب توافق في المجلس».
أما السفير الروسي في دمشق، سيرجي كيربتشينكو، الذي تصر بلاده حتى اللحظة إلى جانب الصين على رفض حضور الاجتماعات المخصصة لمناقشة مسودة مشروع قرار يدين سوريا في مجلس الأمن، فأكد أن استهداف «سوريا يأتي بسبب مواقفها الوطنية على الساحة الخارجية وإزاء التسوية في الشرق الأوسط، إضافة إلى سوء تقدير الحكومات الغربية وتقويمها الخاطئ للميزان الحقيقي للقوى في سوريا والعالم العربي».
وفي حديث مع التلفزيون السوري، أوضح أن موقف بلاده سيبقى في هذا الاتجاه ما دامت الحكومة السورية تسير باتجاه الإصلاح، لافتاً إلى أن الحل الوحيد للأزمة في سوريا يأتي من خلال حوار وطني شامل، وتنفيذ الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية التي أعلنها الرئيس بشار الأسد.
وبعدما أعلن أن «البعض لم يتخذ موقفاً عادلاً مما يجري في سوريا»، تحدث عن «وجود أجندات مختلفة داخلية لبعض الدول الأخرى في ما يخص سوريا، بما لا يتماشى مع تطلعات المجتمع والشعب السوري».
من جهته، اتهم المتحدث باسم الخارجية الإيرانية رامين مهمانبراست، حلفاء إسرائيل أمس بالتدخل في شؤون سوريا، مشيراً إلى أن «بعض الأنظمة، وخاصة أميركا والنظام الصهيوني، التي لها أهداف خاصة، تحرض الجماعات الإرهابية في سوريا وفي المنطقة لتنفذ عمليات إرهابية وتخريبية».
وأضاف: «النظام الصهيوني والمدافعون عنه يشعرون بتهديد خطير. لذلك يفعلون كل ما يستطيعون للقضاء على خط الممانعة الذي يقف ضد عدوان النظام الصهيوني»، محذراً من أي تدخل عسكري صريح من جانب الغرب. وقال: «نعتقد أنه ليس من حق الأميركيين بأي حال التدخل عسكرياً في أي دولة بالمنطقة»، وأضاف: «أعني سوريا. نرى أن هذا تصرف خاطئ، يمكن أن يكون له عواقب على المنطقة».
أما وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، فاتهمت إيران أمس «بدعم الهجمات الوحشية» التي يشنها الرئيس السوري بشار الأسد على المتظاهرين في بلاده. وقالت إن «إيران تدعم الهجمات الوحشية التي يشنها نظام الأسد على المتظاهرين المسالمين، وتدعم كذلك العمليات العسكرية التي يشنها (ذلك النظام) على مدنه».
وفي مقارنة مع حملة القمع التي شنتها إيران على المتظاهرين المطالبين بالإصلاح عام 2009، قالت كلينتون: «قبل عامين خرج المواطنون الإيرانيون إلى مراكز الاقتراع، على أمل التعبير عن حقوقهم الديموقراطية. لكن السلطات في طهران لم تهتم بإرادة الشعب». وأضافت: «وعندما طالب الشعب بتحقيق تطلعاته، ردت الحكومة بحملة قمع وحشية. وبعد عامين، يستمر ذلك القمع».
وأضافت: «إن العالم صعق بصور لفتى سوري في الثالثة عشرة عذبته قوات الأمن السورية وشوته»، مشيرةً إلى أن هذا الأمر «ذكّرنا بصور شابة إيرانية قتلت في الشارع قبل عامين على مرأى من الجميع».
وأكدت كلينتون أن الولايات المتحدة «تقف إلى جانب المواطنين، بمن فيهم مواطنو إيران وسوريا الذين يتطلعون إلى الحرية وممارسة حقوقهم».
من جهةٍ ثانية، نفت مصادر داخل جامعة الدول العربية، أمس، ما تردد عن تجميد عضوية سوريا في الجامعة. وقالت المصادر إن هذا الاقتراح غير مدرج على جدول أعمالها في الوقت الراهن، مشيرةً إلى أن جهود مسؤولي الجامعة تهدف إلى إقناع الجانب السوري بوقف العمليات العسكرية ضد المدنيين، وخصوصاً في جسر الشعور.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)