تواصلت التطورات الميدانية والسياسية على جبهة الملف السوري، على وقع كشف مصدر رسمي سوري أن الرئيس بشار الأسد سيلقي كلمة، ظهر اليوم، يتناول فيها الأوضاع الراهنة في بلاده. وستكون هذه الكلمة الثالثة للأسد منذ اندلاع الاحتجاجات في البلاد منتصف شهر آذار الماضي، بعد تلك التي ألقاها في مجلس الشعب السوري نهاية شهر آذار الماضي، والكلمة الثانية لدى ترؤسه الاجتماع الأول لحكومة عادل سفر في شهر نيسان الماضي. على صعيد آخر، أفاد موقع «سيريانيوز» الإلكتروني أنّ خمسة عناصر من الجيش قُتلوا بنيران «مسلحين» استهدفوا نقاطاً عسكرية في مدينة حمص وسط سوريا بعد منتصف ليل السبت الأحد.
من جهتها، أعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) «استشهاد تسعة من المدنيين وعناصر الشرطة وجرح أكثر من سبعين بينهم ثلاثة ضباط أحدهم برتبة عقيد، سقط معظمهم في هجمات لمسلحين على مبان عامة، ولدى استغلالهم تجمعات للمواطنين في عدد من المناطق والمدن عقب صلاة الجمعة» يوم الجمعة الماضي.
وشهدت مدينة جسر الشغور مسيرة شعبية حاشدة نظمتها فعاليات شعبية وأهلية وشبابية مؤيدة للسلطة، «تعبيراً عن تمسكهم بالوحدة الوطنية واستنكارهم للمؤامرات التي تستهدف النيل منها ومن صمود الشعب السوري».
من ناحية ثانية، قال رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، إن «نحو 5 دبابات وآليات عسكرية، إضافةً الى 15 ناقلة جند وحافلات وسيارات جيب انتشرت على مداخل بلدة بداما الحدودية» التابعة لمحافظة إدلب. وأشار إلى أن «بلدة بداما كانت مصدر تزود اللاجئين السوريين القابعين على الحدود التركية من جهة الأراضي السورية، بالمؤونة».
وفي وقت وسّع فيه الجيش السوري نطاق عملياته العسكرية التي بدأها في شمال غرب البلاد، كشف الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، أمس، عن اتصالات تُجرى في إطار الجامعة بشأن الوضع في سوريا.
وفي ظل التطورات الأمنية المتسارعة، دعت بريطانيا رعاياها الى مغادرة سوريا فوراً على متن رحلات تجارية، محذرة من أن سفارتها في دمشق قد لا تتمكن لاحقاً من تنظيم عملية إجلائهم في حال تدهور الوضع أكثر.
وقال موسى في مؤتمر صحافي في القاهرة «هناك قلق طبيعي، ومشروع لا يمثّل خطة ولا مؤامرة، إنه قلق من ناس على إخوانهم في بلد عربي مهم».
وكشف موسى أنه يتلقى كثيراً من الاتصالات الهاتفية من وزراء خارجية عرب، ومسؤولين لتبادل وجهات النظر في ما يجري في سوريا، وتبعاته وما يمكن عمله في إطار الجامعة العربية.
وفي السياق، كشفت صحيفة «توداي زمان» التركية أن رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، ووزير خارجيته، أحمد داوود أوغلو، أبلغا مبعوث الرئيس السوري بشار الأسد، إلى أنقرة، حسن توركماني، الأسبوع الماضي أن صبر تركيا نفد تجاه الوعود بالإصلاح في سوريا. ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي رفيع المستوى أن أنقرة تكاد تفقد صبرها. وقال «لقد دافعنا عن الاتفاقيات (مع سوريا) من قبل لأن ذلك كان صحيحاً في ذلك الوقت، لكن الآن لن نقف الى جانب الظلم بالتأكيد». وكشفت الصحيفة أن أردوغان ومدير الاستخبارات القومية، حقان فيدان، حمّلا المبعوث السوري شخصياً رسالة تحذير «فظة».
كذلك ذكرت الصحيفة التركية نفسها أن داوود أوغلو قال لتروكماني «شددنا على أن الدعم التركي لسوريا يتوقف على رغبة الحكومة السورية في تبني إصلاحات شاملة في البلاد».
من جهة ثانية، قال مسؤول أميركي رفيع المستوى إن الولايات المتحدة تنظر في «إمكان جمع أدلة لاتهام سوريا بجرائم حرب ارتكبتها قواتها الأمنية في سياق حملة القمع» التي أطلقها النظام السوري ضد الاحتجاجات.
إلى ذلك، ذكرت شبكة «سي ان ان» الأميركية أن وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، بحثت هاتفياً مع نظيرها الروسي، سيرغي لافروف، الوضع في سوريا.
وكانت كلينتون قد كتبت في مقال بصحيفة «الشرق الأوسط» السعودية تحت عنوان «لا عودة إلى الوضع السابق في سوريا»، قائلة «إن القمع الدامي الذي يمارسه النظام السوري ضد المتظاهرين قد يؤدي الى تأخير ساعة رحيل الأسد»، لكنها شددت على «أنه لا رجعة في ذلك».
وأضافت كلينتون «لقد أدت حملة القمع العنيفة التي يمارسها الرئيس الأسد الى تقويض مزاعمه بأن يكون مصلحاً».
وأشارت كلينتون إلى أن قرابة 1300 سوري لقوا مصرعهم منذ اندلاع الاحتجاجات السورية وتعرض الآلاف للسجن. وفي السياق، استبعد وزير الدفاع الألماني، توماس دي ميتسير، مشاركة برلين في أية عملية يمكن أن يقوم بها حلف الأطلسي في سوريا.
إلى ذلك، أشار وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك الى أنه «مقتنع بأن أيام نظام الرئيس السوري أصبحت معدودة، وأنه لن يصمد إلّا لمدة بضعة أشهر». ورأى في مقابلات مع بعض وسائل الإعلام الفرنسية بمناسبة زيارته لباريس، أن «استبدال الأسد سيؤدي الى إضعاف قوة إيران و«حزب الله»، لذا يجب على اسرائيل «ألا تأسف على أي تغيير في القيادة السورية».
من جهة ثانية، اختارت المعارضة السورية في الخارج «حكومة منفى» بعدما انتخب أعضاء الهيئة الاستشارية المنبثقة عن مؤتمر أنطاليا مكتباً تنفيذيّاً من تسعة أعضاء، يضمّ ممثلين عن معظم القوى السورية. وذكرت وسائل إعلام أن من ضمن اللائحة أعضاءً في «الإخوان المسلمون» و«إعلان دمشق» وتشكيلة تمثل كافة الطوائف السورية، وهم ملهم الدروبي ومحمد كركوتي وعمار القربي وخولة يوسف وعهد الهنيدي والشيخ عبد الله ثامر ملحم ورضوان باديني وسندس سليمان وعمرو العضم. ككذلك أنشأ معارضون آخرون «مجلساً وطنياً» لمواجهة نظام دمشق، حسبما أعلنوا أمس. وأوضح المتحدث باسم المجلس، جميل صعيب، أن هذا «المجلس الوطني» يضم معارضين معروفين، وخصوصاً عبد الله طراد ومأمون الحمصي والشيخ خالد الخلف وهيثم المالح وسهير الأتاسي وعارف دليله، علماً أن المالح والأتاسي ودليله موجودون في سوريا.
(الأخبار، رويترز، يو بي آي، أ ف ب، سانا)