صالح عائد هذا الأسبوع!

بينما يواصل نائب الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، مهمة تمرير الوقت على أمل التوصل إلى حل سياسي للأزمة، عاد الجدل بشأن احتمالات عودة الرئيس علي عبد الله صالح إلى البلاد، وسط معلومات عن محاولات حثيثة تجري للتوصل إلى اتفاق على تقاسم السلطة
تستمر التطورات السياسية في اليمن على الوتيرة نفسها. حزب حاكم يصر على التمسك بالسلطة، وبأن عودة الرئيس علي عبد الله صالح مؤكّدة لا محالة، يقابله نائب رئيس لا يجرؤ على إمساك زمام إدارة البلاد على نحو كامل، ومعارضة تتخبط بين مصالح أطيافها المتعددة ومطالب شباب الثورة، الذين يصرون على إسقاط النظام بمختلف أطيافه وتعيين مجلس انتقالي يتولى إدارة البلاد.
في ظل هذه الأجواء، واصل نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي أمس مباحثاته مع السفراء الأجانب، مؤكداً تصميمه «الكامل على تثبيت وقف إطلاق النار وفتح وتأمين الطرقات وتوفير المشتقات النفطية والغاز والكهرباء، وكل متطلبات واحتياجات المواطنين في ظل الأزمة الراهنة».
وأكد هادي، خلال اجتماعه مع رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي بصنعاء السفير ميكيليه سيرفونيه دورسو، وسفير المملكة المتحدة جون ويلكس، والسفير الفرنسي جوزيف سيلفا، أهمية تعاون ومساعدة الاتحاد الأوروبي سياسياً واقتصادياً لليمن، وخاصةً في الظروف الراهنة التي يمر بها، مشيراً في الوقت نفسه إلى «الموقع الجغرافي المهم لليمن ومواقفه تجاه محاربة الإرهاب».
كذلك تطرق هادي إلى طبيعة لقاءاته مع المعارضة وممثلين عن شباب الثورة، مؤكداً «أن الجميع في اليمن في سفينة واحدة، إما أن تصل إلى بر الأمان أو أن يغرق الجميع»، فيما أبدى السفراء الأوروبيون تفهماً واضحاً لأهمية خروج اليمن السريع من الأزمة الراهنة، وذلك بالتزامن مع إعراب وزراء الاتحاد الأوروبي المجتمعين في لوكسمبورغ عن قلقهم من أعمال العنف المستمرة في البلاد، وأهمية إجراء انتقال منظم وشامل للسلطة في اليمن في إطار المبادرة الخليجية لتلبية تطلعات الشعب اليمني، التي تنص على تنحي الرئيس صالح وتأليف حكومة تقودها المعارضة.
من جهته، اتهم المتحدث باسم المعارضة اليمنية، محمد قحطان، أبناء الرئيس اليمني وأقرباءه بعرقلة المرحلة الانتقالية. وبعدما أشار إلى أن «تمسك الأبناء بالسلطة الوراثية أعاق المرحلة الانتقالية»، أكد أن «الثورة لم ولن تعجز عن نقل السلطة إذا ما تعثرت الحلول التوافقية»، في وقت تتزايد فيه الأنباء عن أن غياب الممثل الدوري لأحزاب اللقاء المشترك، ياسين نعمان، عن اليمن مرتبط بامتعاضه من التطورات التي تشهدها البلاد، وسط حديث عن مشاورات تجري للتوصل إلى اتفاق سياسي، يجري بموجبه تقاسم السلطة بين حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم وأقارب الرئيس، والمعارضة.
أمام هذه التطورات، لم يجد شباب الثورة اليمنية، الذين باتت فئات واسعة منهم تعبّر بصوت مرتفع عن اعتراضاتها على طريقة إدارة بعض أطياف المعارضة للاعتصامات، وخصوصاً حزب الإصلاح ، سوى الخروج أمس إلى الشوارع للمطالبة بمغادرة نجل الرئيس أحمد اليمن، وللدفع نحو تأليف مجلس انتقالي.
والمتظاهرون الذين قدرت أعدادهم بعشرات الآلاف رفعوا شعارات ضد نجل الرئيس أحمد وضد ابن أخيه عمار الذي يقود الأمن الوطني، كما رفعوا لافتات رفضوا فيها «الوصاية» الأميركية والسعودية على اليمن.
في هذه الأثناء، عادت التلميحات إلى احتمال عودة الرئيس اليمني إلى البلاد خلال الأسبوع الحالي، بعدما نقل موقع «إيلاف» عن وكيل أمانة صنعاء، ياسر اليماني، قوله «الرئيس عائد يوم الجمعة إن لم يكن قبلها، أي خلال هذا الأسبوع»، في وقت ذكرت فيه صحيفة «الأولى» اليمنية المستقلة أن فريقاً من المحققين الأميركيين يعمل لمصلحة شركة أميركية غير حكومية مختصة في التحقيقات، توصل الى أن الهجوم على الرئيس اليمني وأركان حكمه في الثالث من الشهر الجاري شُنّ بواسطة صاروخ أميركي متطور مخصص للاغتيالات يسمّى «فوقاز».
ونسبت الصحيفة إلى مصادر مطلعة قولها «الصاروخ متطور جداً ولا يزال خارج نطاق التداول، ويتوافر فقط لدى بعض الدول العظمى كالولايات المتحدة وروسيا». وكشفت أن الصاروخ مزوّد برأس دوّار لإحداث فتحة صغيرة في جدران المباني السميكة والدروع ثم ينفجر في الداخل بعد اختراقها.
وأوضحت أن المادة المستخدمة في الصاروخ ليست كمادة الـ(تي إن تي) بل مادة غازية تنتشر بقوة حارقة مصحوبة بقوة ضغط كبيرة يولّدها الانفجار في الأماكن المغلقة، مشيرةً في الوقت نفسه إلى الإصابات التي تعرض لها قيادي بارز في الحزب الحاكم، موضحةً أنه أصيب في الهجوم بكسور بالغة في إحدى ساقيه وحروق في وجهه وفروة رأسه، وقد أفاد أن المادة التي أحرقته «لم تكن ناراً بل غازاً حارقاً».
وأوضح القيادي، الذي رفض ذكر اسمه، أن الغاز أحرق أطراف ووجوه وفروات رؤوس المصلين دون أن يحرق شعرهم. وقال «انظر، أحرق جلدة رأسي دون أن يحرق الشعر. حدث هذا لنا جميعاً». وأضاف «إن انفجار الصاروخ ولّد ضغطا قوياً إلى درجة قاتلة، لو لم يسارع الحراس الموجودون في الخارج والداخل إلى فتح كل الأبواب لقضي علينا في الداخل».
في غضون ذلك، أدى استمرار المعارك في جنوب اليمن بين قوات الجيش اليمني وعناصر يشتبه في انتمائهم إلى تنظيم القاعدة إلى مقتل 22 شخصاً.
وأعلن مصدر عسكري مقتل 17 عنصراً مفترضاً من تنظيم القاعدة و5 جنود في محافظة أبين بجنوب البلاد في مواجهات متواصلة منذ مطلع الشهر الحالي.
إلى ذلك، تفاقمت في صنعاء وباقي مدن اليمن أزمة المحروقات والكهرباء مع ظهور مؤشرات إلى أزمة غذائية بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
وفي صنعاء، أغلقت عشرات محطات المحروقات أمام الزبائن وسط انقطاع شبه تام للبنزين والديزل (المازوت)، فيما ارتفعت أسعار المحروقات أكثر من أربعة أضعاف، بينما وجه سكان اتهامات إلى الحرس الجمهوري الموالي للرئيس صالح، وقالوا إن هذه القوات منعت وصول قاطرات البترول الى صنعاء.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)