عمان | مع استقالة وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال، طاهر العدوان، في الأردن، أمس، تكون حكومة معروف البخيت قد تلقّت الضربة الثالثة، التي من شأنها أن تزيد ترنح هذه الحكومة. وقدّم العدوان، المتحدث باسم الحكومة، استقالته بسبب «تشريعات تقيّد الحريات الإعلامية». وأكّدت مصاشدر داخل الحكومة أنّ الخلافات بين البخيت والعدوان طفت إلى السطح منذ فترة بسبب التباينات في المواقف بين الطرفين. لكن القشة التي قصمت ظهر البعير تمثلت بالتعديلات التي أُدخلت على قانوني العقوبات والمطبوعات والنشر، التي دفعت بهما الحكومة للمناقشة خلال الدورة الاستثنائية لمجلس النواب. وكان الوزير المستقيل، قد توعّد الحكومة قبل استقالته، في حال حملها قانوني العقوبات والمطبوعات والنشر إلى جلسة البرلمان، بألّا يذهب معها لمناقشته، قائلاً: «لقد قطعت على نفسي العهد أمام مجلس الوزراء في الجلسة الأخيرة يوم السبت، بألّا أذهب مع الحكومة إلى البرلمان إذا حملت معها مشاريع قوانين ضد الحريات الإعلامية، لأن هذا يتعارض مع مواقفي ومبادئي التي لم أتخلَّ عنها عندما انتقلت من الصحافة إلى الوزارة».
ورأى العدوان أنّ مشاريع القوانين المقترحة الخاصة بقانون المطبوعات، وهيئة مكافحة الفساد وقانون العقوبات هي «ضربة حقيقية موجّهة إلى نهج الإصلاح وإلى الاستراتيجية الإعلامية التي لم يجف حبرها بعد».
وقال الوزير المستقيل إن المشروع الخاص بالمطبوعات «يتناقض تماماً مع ما ذهبت إليه هذه الاستراتيجيا التي أقرها مجلس الوزراء، والتي تقوم على تعديل التشريعات القانونية من أجل سقف أعلى للحريات، لا العكس كما تذهب إليه المشاريع الثلاثة التي يتضمنها جدول أعمال الدورة الاستثنائية. وكشف عن وجود ضغوط تمارس على الحكومة مع إصرار داخلها على حزمة القوانين الثلاثة، من دون أن يوضح طبيعة هذه الضغوط ومصادرها. وأشار إلى أنه «في جلسة يوم السبت الماضي، كانت الغالبية المطلقة من أعضاء الحكومة ضد إدراج التعديل الخاص بالمطبوعات، لكن يبدو أن هناك إصراراً من داخل الحكومة على الذهاب إلى الدورة الاستثنائية بحزمة القوانين الثلاثة التي لا يمكن أن توصف إلا بأنها قوانين عرفية». وخلال تقديم استقالته، فصّل العدوان الحديث عن «الأجواء السائدة ضد الإعلاميين، والاعتداءات المتكررة عليهم، وهو ما يتنافى مع دعوات الإصلاح السياسي الذي لا يمكن أن يقوم على قواعد قانونية وأخلاقية وثابتة بدون مناخ ديموقراطي من الحريات الإعلامية وتحت سقف قوانين الحريات».
وتابع قائلاً إن «هذا وطن الجميع من معارضة وغير معارضة، أصحاب رأي ورأي آخر»، شاكياً «التراخي في التعامل مع ظاهرة الاعتداء على المعارضة ووسائل الإعلام من الحكومة الحالية وأجهزتها». وفي السياق، طمأن الوزير المستقيل إلى انحيازه إلى حرية الإعلام والصحافة، مديناً، في الوقت نفسه، القدح والذم وانتحال الشخصية، لافتاً إلى أن «أنصار الفساد والمفسدين والمضللين لهم الصوت العالي والقدرة على إجهاض كل إرادة وطنية مخلصة وصادقة» في حكومة البخيت.
وذكرت مصادر حكومية أن كلاً من وزير التنمية السياسية، وزير تطوير القطاع العام مازن الساكت، ووزير الدولة، وزير الزراعة سمير الحباشنة، توجها إلى منزل الوزير المستقيل بعد ظهر أمس، في محاولة منهما لإقناعه بالعدول عن الاستقالة، علماً بأن العدوان هو الوزير الثالث الذي يقدم استقالته من حكومة البخيت بعد كل من وزيري العدل حسين مجلي والصحة ياسين الحسبان اللذين استقالا «أدبياً» على خلفية قضية مغادرة السجين خالد شاهين البلاد، وفق ما أعلن رئيس الوزراء في حينها.
وكان ملك الأردن عبد الله الثاني قد أصدر، أول من أمس، مرسوماً يدعو فيه البرلمان للانعقاد بدورة استثنائية، اعتباراً من اليوم الأربعاء. وذكر بيان للديوان الملكي أن المرسوم يقضي بدعوة البرلمان إلى عقد دورة استثنائية «ستبحث في 22 مشروع قانون بينها قانون الصحافة، وتقرير التحقيق بقضية الكازينو التي أكدت لجنة تحقيق نيابية أُلفت لبحثها، تورط مسؤولين حاليين وسابقين بالفساد». وتبحث الدورة الاستثنائية أيضاً «مجموعة من القوانين الاقتصادية، منها قانون معدل لقانون الصناعة والتجارة، وقانون المالكين والمستأجرين، وقانون جديد للبلديات ستجري على أساسه الانتخابات البلدية في شهر تشرين الأول المقبل». ولن يكون على جدول أعمال الدورة الاستثنائية مشروع القانون المعدل لقانون الانتخابات المؤقت، ولا قانون الأحزاب السياسية.