الرباط | انطلقت في المغرب أول من أمس الحملة التي تسبق الاستفتاء على نص الدستور المقترح، على أن تستمر إلى غاية الثلاثين من الشهر الجاري، وسط توقعات بأن يحظى مشروع الدستور الذي قدمه الملك المغربي محمد السادس بالقبول، وخصوصاً بعدما حسمت معظم الأحزاب المغربية التصويت بـ«نعم»، مع استثناءات قليلة قررت المقاطعة. فاجأت «الكونفدرالية الديموقراطية للشغل»، وهي واحدة من أشهر نقابات العمال في المغرب، الجميع بإعلان مقاطعتها للتصويت ودعت العمال وعموم المواطنين إلى الحذو حذوها.
وبررت «الكونفدرالية»، التي يتزعمها النقابي نوبير الأموي، قرارها بكون «المنهجية المتبعة في الإعداد أبعد ما تكون عن المنهجية التشاركية، وهو إخلال بالإشراك الفعلي». وقالت إن «المصلحة العليا للبلاد تقتضي مواجهة الحقائق بما يلزم من الجدية والمسؤولية والوطنية»، موضحة «فرض الدستور دون نقاش كاف أمر لا يمكن القبول به».
كذلك قرّر الحزب الاشتراكي الموحد وحلفاؤه في اليسار الديموقراطي مقاطعة التصويت. ورأى نائب الأمين العام للحزب محمد الساسي أن «النص الدستوري الجديد أعد على عجل، وهو مليء بالتناقضات ولا يحقق الطموحات المنشودة»، مؤكداً أن حزبه «سيستمر في النضال من أجل نظام ملكي برلماني كما فعل دائماً، عكس بقية الأحزاب التي تنتظر الإشارات لتعد مذكرات تتضمن مقترحات تعديلية». وأضاف «نحن نستحق أن نعيش حياة أفضل وبدستور أفضل، لا أن نخرج من غرفة انتظار إلى أخرى».
بدوره، قال المتحدث باسم جماعة «العدل والإحسان» المحظورة، فتح الله أرسلان، إن الجماعة ترى الدستور الجديد مثل سابقيه «دستوراً ممنوحاً من النظام»، مؤكداً أن «صلاحيات الملك لا تزال متضخمة وواسعة بخلاف ما هو مطالب به في الشارع».
أما الحركة الأمازيغية فلم تحسم بعد قرارها من الدستور والتصويت عليه. ورغم أن النص كرّس للمرة الأولى اللغة الأمازيغية رسمياً إلى جانب العربية، يرى الفاعلون الأمازيغيون صيغة إيرادها ملتبسة وغامضة. وقال «المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات»، وهو منظمة غير حكومية، إن «الدستور المعروض على الاستفتاء لا يرقى إلى تطلعات الشارع المغربي، وهو في حقيقته دستور معدل يتضمن بعض المكاسب في إطار استمرار بنية الاستبداد التي لم تتغير، والتي لا تزال تمركز كل السلطات في يد الملك، ما يجعلها مكاسب مقيدة بصيغ قانونية تمثل عوامل عرقلة كلما تطلب الأمر ذلك، وهذا من شأنه أن يبعث على الخيبة ويثير قلق واستياء القوى الحية المطالبة بالتغيير وبملكية برلمانية حقيقية».
وفي ما يخص اللغة الأمازيغية، رأى المرصد أن «الصيغة التي ورد بها الترسيم في نص مشروع الدستور، تثير التباسات وتأويلات كثيرة، وخصوصاً عند تخصيص فقرة منفردة لكل لغة من اللغتين الرسميتين على حدة، عوض جمعهما في فقرة واحدة بصفتهما لغتين رسميتين للدولة، وهو ما يبعث على الاعتقاد بوجود تراتبية بين لغة رسمية أولى هي العربية، ولغة رسمية ثانوية هي الأمازيغية، ما يعني الإشارة إلى مواطنين من الدرجة الأولى وآخرين من الدرجة الثانية».
كذلك دعا المجلس الوطني إلى دعم حركة 20 شباط إلى المشاركة بكثافة في مسيرات يوم الأحد المقبل. وقال بيان المجلس إن مشروع الدستور المطروح على الاستفتاء «لا يتجاوب مع طموح الحركة إلى دستور ديموقراطي يفتح الباب أمام بناء الديمقراطية ببلادنا»، وحيث إن مطالب الحركة تتضمن مطالب اخرى سياسية واقتصادية واجتماعية أساسية لم يُستجب لها. وندد بـ«الممارسات القمعية وتسخير البلطجية لاستفزاز ومهاجمة المتظاهرين في مسيرات يوم الأحد المنصرم، وحذّر السلطة من العواقب الوخيمة للعب بالنار».