وصلت المناورة الإسرائيلية في الجبهة الداخلية «نقطة تحول 5»، التي تحاكي سقوطاً مكثفاً للصواريخ على الدولة العبرية، أمس، إلى أوجها لتشمل كافة سكّان الدولة العبرية ومرافق مدنية وحكومية على حد سواء. وقد اتبعت الحكومات الاسرائيلية نهج المناورات السنوية في الجبهة الداخلية هذه منذ حرب لبنان الثانية في عام 2006، التي لا تزال اسقاطاتها واضحة البيان، حيث تبين من خلالها ضعف الجبهة الداخلية الاسرائيلية التي تعرضت إلى إطلاق صواريخ على مدار الـ33 يوماً. الحرب، التي أنهت مهمات وزير الدفاع الإسرائيلي عامير بيرتس، ودفعت قائد هيئة الأركان في حينه داني حالوتس نحو الاستقالة، وضعت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة أمام رؤية مفادها أنّ صمود الجبهة الداخلية أثناء الصراعات والحروب هو أمر أساسي وله أثره على نتائج الحرب وأهدافها. وقال قائد الجبهة الداخلية التابعة للجيش الإسرائيلي، اللواء أيال آيزنبرغ، «إنه جرى التركيز خلال المناورة هذا العام على تدريب السلطات المحلية التي تشارك ثلثها فيها».
وجرى، أمس، تفعيل صافرات الإنذار مرتين قبل الظهر، وعند المساء، ليتوجّه السكان إلى ملاجئ أو غرف آمنة في بيوتهم. وفي خطة تتعاطى مع المستويات السياسية العليا، شارك أعضاء المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية الإسرائيلية في المناورة من خلال التدرب على سيناريو طوارئ، واللجوء إلى ملجأ تحت سطح الأرض بني أخيراً في جبال القدس المحتلة، كما جرت تدريبات في الكنيست.
واشتملت التدريبات تعرّض مرافق استراتيجية، منها مصانع كيماويات توجد فيها مواد خطيرة ومحطات توليد كهرباء وموانئ، لهجمات صاروخية وتحطم طائرة في منطقة سكنية. وتجدر الإشارة إلى أنّ المناورة «نقطة تحول 5» السنوية بدأت يوم الأحد الماضي، وستستمر حتى اليوم، يشارك فيها الجيش والشرطة وجميع الأجهزة الأمنية وأجهزة الإنقاذ والطوارئ. وركزّت المناورة خلال الأيام الثلاثة الأولى على تدريب قادة قوات الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية وعمل الوزارات، وستحاكي تعرض الجبهة الداخلية المدنية الإسرائيلية لهجمات صاروخية مكثفة في جميع أنحاء البلاد.
ويقود الوزير المسؤول عن الجبهة الداخلية، متان فيلنائي، هذه المناورة للمرة الرابعة على التوالي. وشغل فيلنائي على مدار السنوات السابقة منصب نائب وزير الدفاع، لكنه في هذا العام هو وزير «الدفاع عن الجبهة الداخلية». ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أنَّ وزارة «الدفاع للجبهة الداخلية» هي وزارة جديدة، لكنّ استحداثها ليس نابعاً من ضرورات أمنية بمقدار ما هو نابع من أمور سياسية، بعدما انفصل فيلنائي عن حزب «العمل» لينضم الى الحزب الجديد «عتسمؤتت» وهناك جرى تقسيم جديد للوزارات، ومنحت تلك الوزارة التي لا تزال غير واضحة المعالم والمهمات.
وفي مقابلة معه نشرتها «هآرتس»، سئل فيلنائي عن أنَّ غالبية الاسرائيليين لم يشاركوا في الماضي في مثل هذه المناورات رغم الصافرات. وأنه بحسب معطيات الجبهة الداخلية، فإن نسبة المشاركين لم تزد على 47 في المئة. فردّ «انا سعيد بكل نسبة فوق الصفر. وأنا اعلم بأنه عندما يصبح هذا الأمر حقيقة، ستكون (نسبة المشاركة) مئة بالمئة».
وفي رد على سؤال الى أي مدى سيكون هذا السيناريو واقعياً؟ رد فيلنائي: «دولة إسرائيل تمتلك قوة ردع عالية في مقابل أعدائها. نحن نفحص أمراً نحذر منه، وكل أعدائنا يعرفون أنه إذا هاجموا جبهتنا الداخلية فإنَّ الرد الإسرائيلي سيكون صعباً جداً، حتى إنَّ عليهم اعادة النظر عموماً بالبدء في هذا. هم يعرفون بأننا نستطيع ضرب قواعد اطلاق الصواريخ التابعة لهم، وإسقاط صواريخهم. لكنَّ خط الدفاع الأخير هو صمود جمهور المدنيين، وقلب الموضوع هو وعي المواطنين». وتابع: «الأمر الهام في هذه المناورة هو تنسيق المنظومات الحكومية في الواجهة المدنية. وانا لا أحب عندما يقولون جبهة»، مضيفاً «اليوم نفهم أنه في الحرب المقبلة، سيكون الجانب المدني جبهة بكل معنى الكلمة».
ويذكر أنَّ هذه المناورة تأتي هذه المرة لكن ثمة تقارير إسرائيلية دائمة تتحدث عن نقص في جهوزية الجبهة الداخلية. ففي نهاية نيسان 2011، أوضح مسؤولون في الجبهة الداخلية ووزارة الدفاع عن أن 45 في المئة من مواطني إسرائيل لن يحصلوا على الكمامات حتى بعد توزيع الكمية كاملة. وقد حذرت تلك الأوساط من أنّه في غياب الميزانيات، فإن ما يقارب الـ3.5 مليون مواطن اسرائيلي سيتنازلون عن الحصول على الكمامات التي من المتوقع انهاء توزيعها نهاية العام 2012. وفي نهاية أيار 2011، حذر جنرال الاحتياط حجاي دافنا، مقدراً أن 85 في المئة من المدارس الاسرائيلية غير مستعدة لحالة طوارئ.
(الأخبار)