تونس | ماذا تريد حركة النهضة الإسلامية التونسية من «مجلس تحقيق أهداف الثورة؟». فبعد تجميد عضويتها في هذه الهيئة، على أثر قرار تأجيل موعد انتخابات المجلس التأسيسي حتى 23 تشرين الأول المقبل، عادت «النهضة» عن قرارها، قبل أن تنسحب مجدداً من هذه المؤسسة التي ألّفها رئيس الجمهورية المؤقّت فؤاد المبزّع، بهدف تجاوز الفراغ المؤسساتي بعد إلغاء العمل بالدستور القديم للبلاد، وحلّ جميع المؤسسات النيابية السابقة. وقرّر الممثلون الثلاثة لحركة «النهضة» في المجلس، أمس، الانسحاب من هذه المؤسسة، بعدما عُرضت مسوّدة لقانون جديد للأحزاب السياسية ليحل مكان القانون القديم الذي يضمّ فصولاً قانونية تحدّ من حرية العمل الحزبي. ومشروع القانون الجديد الذي لا يزال قيد النقاش، أدرج عدداً من البنود القانونية بخصوص تمويل الأحزاب بهدف ضبطها وحسن تنظيمها والتقليص من أثر «المال السياسي» في نشاطاتها. من الطبيعي ألا يعجب هذا الفصل العديد من الأحزاب، من ضمنها حركة النهضة التي بات من شبه المؤكد، من خلال التظاهرات الضخمة التي تنظمها وعبر التقارير الإعلامية، أنها تقدّم المساعدات المالية والعينية إلى جمهورها. لذلك يرجَّح أن تتمسك بعرقلة إصدار هذا القانون بكافة الوسائل. وعلى أبواب انتخابات المجلس التأسيسي، تبرز خطورة توظيف الأموال من أجل استمالة الناخبين، وهو ما دفع إلى دق ناقوس الخطر. فقد شدد زعيم حزب «العمال الشيوعي»، حمة الهمامي، على ضرورة «مراقبة صارمة لتمويل الأحزاب»، وأن يكون التمويل «حكومياً فقط». أما ممثل «حركة التجديد»، سمير بالطيب، فأشار إلى أن حركة النهضة «تتّبع أسلوباً غير ديموقراطي، وانسحاب أعضائها مهّد له زعيم الحركة راشد الغنوشي منذ أسبوعين في وسائل الإعلام». هكذا انطلقت ماكينة الإسلاميين لضرب مشروعية «مجلس تحقيق أهداف الثورة» ما لم يكن في خدمة أهدافهم. وعن هذا الموضوع، حذّر أحد قادة «النهضة»، حمادي الجبالي، من أنّ «مجلس تحقيق أهداف الثورة» أصبح يقرّر تشريعات تهمّ مصير البلاد، متسائلاً «ماذا بقي للمجلس التأسيسي؟ هذا انتحال للشرعية، ولا يمكن أن يقبل به الشعب التونسي».
في غضون ذلك، يواصل «مجلس تحقيق أهداف الثورة» النظر في قائمة الأشخاص الذين سيُحرمون من الترشح لانتخابات المجلس التأسيسي. وكان القانون الانتخابي الخاص بالمجلس قد نصّ على منع ترشح القيادات العليا لحزب الرئيس زين العابدين بن علي، وجميع الأشخاص الذين ناشدوه الترشح مرة أخرى في انتخابات 2014.