«لسان العرب» هي أول صحيفة يومية في فلسطين أسسها وحررها إبراهيم سليم النجار في عام 1921. لكن البدايات كانت مع صحيفة «القدس الشريف» التي أطلقتها في عام 1876 السلطنة العثمانية لتنشر قراراتها وفرماناتها، وكانت تُطبع في الدوائر الحكومية. وفي العام نفسه أسس علي الريماوي جريدة «الغزال»، وكانت تكتب باليد. أما بداية القرن العشرين فشهدت ظهور العديد من النشرات الدورية من بينها «الترقي»، «النجاح»، «الإنصاف» و «الكرمل». وكانت هذه النشرات سرية تكتب باليد وتدعو معظمها إلى مقاومة السلطات العثمانية، إلى أن جاء إعلان الدستور في عام 1908، الذي أجاز حرية التعبير. في ذلك الوقت، شهدت فلسطين إطلاق أكثر من صحيفة في القدس ويافا والعديد من المدن الفلسطينية. وتُعد صحيفة النفير العثماني العلمية ـــــ الأدبية أول صحيفة فلسطينية؛ لأن مؤسسها هو إبراهيم زكا الفلسطيني. وانطلقت هذه الصحيفة في الإسكندرية في عام 1904 وانتقلت إلى يافا لتستقر بعدها في القدس. وظلت معظم الصحف تصدر بصورة غير منتظمة يومين أو ثلاثة أسبوعياً، مع عدم الالتزام بعدد محدد من الصفحات. وفي مراجعة لأرشيف جريدة «الأخبار» الفلسطينية من خلال كتاب للباحث شوملي قسطندي، نجد أنّ الصحيفة كانت تصدر بأربع صفحات معظم الوقت، وفي أحيان أخرى بست. ونلاحظ كذلك مرور العديد من المحررين على الجريدة، فيما بقي بندلي حنا غرابي هو الناشر الوحيد. ويمكن أن نلاحظ أنّ اشتراك الجريدة حُدد لمدينة يافا بـ75 قرشاً وجنيه واحد لخارج المدينة. وعرفت معظم المدن الفلسطينية في فترة الانتداب البريطاني صدور الصحف، فأصدر حبيب حنانيا جريدة «القدس» في القدس، وكانت تنشر مرتين في الأسبوع. وأطلق إميل أنطون الغوري في عام 1933 جريدة «اللواء» اليومية في حيفا، وصدرت بالإنكليزية والعربية. وأسس نجيب نصار صحيفة «الكرمل» في العام نفسه، وفي حيفا أيضاً. أما عيسى البندك فأسس «صوت الشعب» في بيت لحم في عام 1933.
«إرادة الشعب» هو أيضاً اسم لصحيفة أصدرها عاهد المصري في نابلس في عام 1946. وفي العام نفسه أسس القس جون طنب «كوكب الكرمل» في حيفا. أما السلطات فأصدرت جريدة «حكومة فلسطين» بالعربية والإنكليزية والعبرية، ابتداءً من عام1921. وعملت الصحافة الفلسطينية ما قبل النكبة في ظروف قاسية. فتوقفت لفترات أو فرضت عليها رقابة شديدة. وعمدت السلطات العثمانية إلى إيقاف الصحف مع بداية الحرب العالمية الأولى، لتعود بزخم وتنوع أكبر مع بداية عهد الانتداب البريطاني، رغم إخضاع الصحف لإشراف دائرة التحقيق الجنائي لسلطة الانتداب. ومع ذلك، استطاعت ان تؤدي دوراً بارزاً في الحركة السياسية والثقافية ومقاومة سياسة الانتداب ومواجهة المشروع الصهيوني. وكانت الصحافة السلاح الفعال في تعبئة المواطن الفلسطيني في خلال الثورة الفلسطينية الكبرى 1936 ـــــ 1939، فأحكمت السلطات قبضتها على الصحف وأغلقت معظمها وفرضت رقابة شديدة على الباقي. واستمرت في هذه السياسة خلال الحرب العالمية الثانية. ورسمت السياسة الرقابية بتوجيهات مباشرة من لنـدن. ومع نهاية الحرب، شهدت الصحافة نهضة جديدة، فصدرت العديد من الصحف، من بينها صحيفة الاتحاد الأسبوعية في عام 1944، وهي على علاقة وثيقة بالتنظيم الماركسي اللينيني الفلسطيني. نهضة لم تبلغ ذروتها، فبحلول النكبة سقط حلم فلسطيني آخر.



الصحافة الثقافية

تسمح مراجعة تاريخ الصحافة الفلسطينية في فترة ما قبل النكبة بالاطلاع على غنى الحركة الثقافية عموماً. وقد تخصصت بعض الصحف في المسرح والسينما وأخرى في الرياضة. وأصدر جبرائيل شكري ديب جريدة «الرياضة والسينما» في عام 1935 في مدينة القدس. وهي تعرف عن نفسها بأنها «جريدة تعنى بشؤون الرياضة والمرسح (أي المسرح) والسينما والراديو». كذلك أسس إبراهيم تلحمي في عام 1937مجلة الأشرطة السينمائية الأسبوعية بالعربية والإنكليزية.