مع دخول الحملة الجوية التي يشنها حلف شمالي الأطلسي على ليبيا يومها المئة، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال أمس بحق كل من الزعيم الليبي معمر القذافي، وابنه سيف الإسلام، ورئيس الاستخبارات الليبية عبد الله السنوسي، بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية منذ 15 شباط الماضي. وقالت القاضية، سانجي مماسينونو موناغينغ، خلال جلسة عامة في لاهاي إن «المحكمة تصدر مذكرة توقيف بحق القذافي». وكان مدعي المحكمة لويس مورينو ـــــ اوكامبو قد طلب من القضاة في 16 أيار الماضي، اصدار مذكرات توقيف بحق القذافي ونجله ورئيس الاستخبارات. واتهمهم بالمسؤولية عن أعمال القتل التي ارتكبتها قوات الامن الليبية بحق السكان المدنيين منذ اندلاع الانتفاضة في منتصف شباط، لا سيما في طرابلس وبنغازي ومصراتة.
وفي سياق الاتصالات الجارية لحل الأزمة الليبية، ذكر مصدر تونسي رسمي أن ثلاثة وزراء ليبيين يجرون في مدينة جربة التونسية مباحثات مع «أطراف أجنبية» لم يحدد هويتها ولا هدف هذه المباحثات. وقالت وكالة الأنباء التونسية الرسمية إن وزير الصحة والبيئة في النظام الليبي، أحمد حجازي ووزير الشؤون الاجتماعية إبراهيم الشريف، انضما إلى وزير الخارجية، عبد العاطي العبيدي، الذي يتواجد في جربة منذ أيام حيث يجري مفاوضات مع «عدة أطراف أجنبية»، ولم تشر الوكالة الى هوية هذه الأطراف.
وفي الجزائر، استقبل رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، أمين الشؤون الخارجية في مؤتمر الشعب العام الليبي، سليمان الشحومي، مبعوثاً رسمياً من حكومة القذافي. وذكر بيان صادر عن مكتب المجلس إن الشحومي وصل إلى الجزائر من تونس قبل أن يتوجه في وقت لاحق إلى موريتانيا.
من جهته، قال رئيس الوزراء الصيني، ون جيا باو، خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، في لندن، إن «الصين أجرت في الآونة الأخيرة اتصالات مع كل من الحكومة الليبية والمعارضة في ليبيا، وهو ما يعكس الموقف النزيه للصين في ما يتعلق بهذه القضية».
من جهة أخرى، أفادت صحيفة «ديلي ميرور» بأن مصادر مطلعة في الحكومة البريطانية أبدت مخاوفها من أن لندن قد تضطر إلى نشر قوات برية في ليبيا إذا ما أُطيح العقيد القذافي أو تعرض للقتل.
وقالت الصحيفة إن مصدراً رفيع المستوى في الحكومة البريطانية أكد أن التخطيط لمرحلة ما بعد الأزمة في ليبيا «مسألة في غاية الصعوبة لن تترك أمام رئيس الوزراء، ديفيد كاميرون، من خيار سوى نشر جنودنا لمنع نشوب حرب أهلية شاملة»، مع أن كاميرون استبعد، على نحو متكرر، إرسال قوات برية إلى هناك. وأضافت أن الأمم المتحدة أبلغت الحكومة البريطانية بأن الأمر سيستغرق ثلاثة أشهر لإعادة الأمور إلى مجاريها الطبيعية بعد رحيل القذافي، فيما رأت الأخيرة أن قوات من الدول العربية يمكن أن تسد الفراغ.
ونسبت إلى المصدر قوله «إن كاميرون قد لا يجد أي خيار سوى إرسال قوات برية إلى ليبيا ولفترة محدودة، ونحن ببساطة قد نضطر إلى ذلك مهما كان رد الفعل الدولي، لكن يتعين علينا حينها أن نجعل من الواضح تماماً أن هناك جدولاً زمنياً صارماً لمثل هذا الانتشار ولمدة ستة أسابيع على سبيل المثال».
إلى ذلك، ذكرت صحيفة «ديلي تلغراف» أن وزير الخارجية الليبي السابق، موسى كوسا، يواجه دعوات إلى العودة إلى بريطانيا والمثول أمام المحكمة.
وقالت الصحيفة إن كوسا يقيم حالياً في جناح بفندق فخم في العاصمة القطرية الدوحة وتحت حماية الأجهزة الأمنية القطرية.
ونسبت إلى النائب عن حزب المحافظين البريطاني الحاكم، روبرت هالفون، قوله «يتعين تسليم موسى إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي وتقديمه للمحاكمة على الدور الذي لعبه في الفظائع التي ارتكبها نظام العقيد القذافي على مدى عقود». وأضاف هالفون «إن انشقاق كوسا عن نظام القذافي يُعد أمراً جيداً وينبغي أن يؤخذ في الحساب، لكن مثل هؤلاء الناس يجب أن يواجهوا المحاكمة على أفعالهم».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)