رأت أكبر جمعية معارضة بحرينية «الوفاق» الوطني الإسلامية أنّ حوار التوافق الوطني، الذي انطلق أول من أمس، أكثر منه منتدى للحوار، بسبب تهميشه المعارضة، ولأنه لا يعكس التمثيل الحقيقي للشارع. وطالبت بتعديلات دستورية على غرار ما جرى في المغرب، لتوجيه النظام نحو الملكية الدستورية.
وفي بيان هنّأت فيه الشعب المغربي بالاستفتاء على الدستور الجديد، قالت جمعية «الوفاق» إنها تبارك «للشعب المغربي وملك المغرب نجاح الاستفتاء الشعبي على الدستور الجديد، الذي يحد من صلاحيات الملك لصالح رئيس الوزراء، الذي يُختار من الكتلة الأكبر ورئيس السلطة التشريعية، وتحقيق استقلال القضاء». وأضافت إنه «رغم احتفاظ الملك بصلاحيات رئيسية، منها انفراده في تعيين الأجهزة الأمنية، وهو ما ينتقص من الصيغة الديموقراطية الحقيقية، يعدُّ التقدم الذي جاء به هذا الدستور الجديد تطوراً مهماً في مسيرة المغرب نحو الديموقراطية». وأكدت «إننا في البحرين نطالب بنفس المطالب التي طالب بها المغاربة، وإذا كانت هناك نية صادقة وجادة عند السلطة فإن الطريق الذي انتهجه الملك المغربي واضح وسهل. ولم يقدم الشعب المغربي المليوني 10 في المئة من الضحايا الذين قدمهم شعب البحرين للحصول على هذه المطالب».
وقد أكّد رئيس وفد «الوفاق» الى الحوار الوطني، النائب الأول لرئيس مجلس النواب المستقيل، خليل مرزوق، خلال مؤتمر صحافي عقب الجلسة الأولى من الحوار، أن الجمعية عرضت على ملك البحرين أن يحذو حذو نظيره المغربي، وقال «في البحرين هذا ما نطالب به منذ عقود، فقد سلب دستور 2002 مكتسبات دستورية في 1983 كذلك صدر الدستور الأخير بإرادة منفردة، وبغياب العقد الاجتماعي». وأشار الى أن «خطاب ما سُمي الحوار يوضح في بداياته أن الشخصيات والمؤسسات التي جرى اختيارها لا تمثل الشعب، بل تمثل أفكاراً». وأكد أنه ليس هناك تمثيل حقيقي للمجتمع في الحوار «بل اختيار متعمد لشخصيات».
وتابع أنه «حوار أفكار ستكون نتيجتها وثائق ترفع للملك بصيغ إنشائية لا صيغ دستورية». وأوضح أن «الحكومة المنتخبة اذا جرى التوافق عليها بأعلى سقف، فقد تتراجح في الصيغ الى أدنى سقف». وأصرّ على تسمية حوار التوافق الوطني منتدى حوار «لأنّه ليس ثمّة تمثيل حقيقي للناس، ولا يركز على أساس المشكلة، أو تنتج عنه صيغ دستورية كاملة تُعرض على الاستفتاء الشعبي إذا لم تذهب إلى المجلس التأسيسي». كذلك انتقد آليات وإجراءات العمل داخل الجلسة، قائلاً إن «هناك أوراقاً تُطرح وتناقَش ثم ترفع توصيات، تماماً كإجراءات أي منتدى حواري». ولفت الى أنه «وردت عدة مغالطات في افتتاح الحوار، كالقول إن نهج الحوار في البحرين مرسخ. أقول إن البحرين لم تشهد حواراً حقيقياً. وحتى الآن لم نشهد حواراً حقيقياً».
وتطرق الى فجوة أخرى في الحوار تتمثل في «عقلية الإقصاء والتمييز»، لا تزال تنظر إلى أبناء الوطن بمنظور عرقي وقبلي وطائفي. وأعطى مثالاً «جمعية أمل لا تستطيع أن تقرر إن كانت ستدخل الحوار لأن كبار قادتها، وعلى رأسهم الشيخ محمد علي المحفوظ، مغيّب في السجون».
من جهته، قال النائب الوفاقي المستقيل سيد عبد الهادي موسوي، الذي يشارك في الحوار «وجدت نفسي في اجتماع أشبه بالاستماع إلى محاضرة، أنت تسمع فقط، ووجدت مشاركين بعضهم يمثلون أنفسهم، وبعضهم مؤسسات خدمية أو اجتماعية، وبعض الأفراد، وبعض مؤسسات المجتمع المدني».
وأضاف إنه «في أجواء هذا الحوار من المفترض أنه ليس ممنوعاً ذكر مملكة دستورية أو المطالبة بحكومة منتخبة»، متسائلاً «لماذا يقبع إذاً خلف القضبان من طالب بذلك، ولماذا لا يكونون مع المشاركين في الحوار».
وتابع وصف أجواء الحوار «وجدنا جلسات سوالف، وأعتقد ذلك، لأن اللقاء سيكون على جلسات، كل يوم 4 جلسات، وكل جلسة 5 ساعات، وفي كل ساعة 60 شخصاً، وهي أقرب إلى ورشة عمل، ولكل شخص 5 دقائق وتنتهي الجلسة، أي نوع من الأفكار تستطيع مناقشتها في 5 دقائق، وأنت تريد حل أزمة وطنية؟»
وفيما كانت تُعقد أولى جلسات الحوار في مركز عيسى الثقافي، كان هناك مئات الأشخاص يتظاهرون باتجاه دوار اللؤلؤة، وجرى تفريقهم بواسطة شرطة مكافحة الشعب التي استخدمت الغاز المسيل للدموع.
ومن واشنطن، أصدر البيت الأبيض بياناً رحب فيه بالمحادثات، وبتأليف لجنة تحقيق. وأضاف إن الولايات المتحدة «تحيّي قرار جمعية الوفاق، أكبر مجموعة معارضة في البحرين، بالانضمام الى هذا الحوار».
(الأخبار)