بعد حرب استمرت عقوداً مع الشمال، لم يعد لدى جنوب السودان سوى 4 أيام تفصله عن إعلان ولادة دولته الجديدة، فيما تشهد الساحة السياسية الجنوبية حراكاً متواصلاً، سعياً وراء إنجاز ترتيبات ما قبل الانفصال، ومحاولة إيجاد حلول لتسوية عدد من الملفات الأساسية والاقتصادية العالقة.وبعد الانتهاء من تحديد اسم الدولة الجديدة لتكون «دولة جنوب السودان»، ووضع مسودة الدستور، يبحث برلمان جنوب السودان قوانين الهجرة والجنسية والجوازات للدولة الوليدة، بالتزامن مع كشف وزير الاستثمار، وياي دينق أجاك، أن حكومة جنوب السودان تعتزم إعادة النظر في بعض العقود النفطية، بينها عقد كبير لشركة «توتال» الفرنسية وذلك بعد إعلان الاستقلال عن الشمال.
في غضون ذلك، أعلن مدير إدارة السودان في وزارة الخارجية المصرية السفير محمد مرسي عوض، أن القاهرة ستعترف بدولة جنوب السودان يوم السبت المقبل، وستحوّل القنصلية المصرية العامة في جوبا إلى سفارة بدءاً من اليوم نفسه.
وأعرب عوض عن أمله في أن يسهم إعلان الدولة الجديدة في طي صفحة الحرب الأهلية، وبدء مرحلة جديدة من التعاون بين شمال السودان وجنوبه، وتحقيق الاستقرار والتنمية في البلدين وفي المنطقة، مؤكداً أن مشاركة مصر في احتفال أهالي جنوب السودان بإعلان دولتهم تُعد ترجمة حقيقية لمدى العلاقات الطيبة التي تجمع مصر بجنوب السودان منذ مئات السنين.
على المقلب الآخر، تستعد الخرطوم للتعامل مع الوضع الجديد الذي سيفرضه الانفصال، معلنةً الخريطة الجديدة للبلاد.
وأوضحت السلطات أن مساحة السودان ستتقلص ابتداءاً من السبت المقبل إلى 1.882.000 كليومتر مربع، لتتراجع بذلك البلاد إلى المركز السادس عشر عالمياً، والثاني أفريقياً بعد الجزائر، والثالث عربياً من حيث المساحة.
كذلك فإن عدد دول جوار السودان تقلص من تسع إلى سبع، بحلول دولة الجنوب بديلةً للكونغو وأوغندا وكينيا.
أما على الصعيد السياسي، فأكد القيادي في حزب المؤتمر الوطني، ربيع عبد العاطي أن السودان يريد انسحاب قوات حفظ السلام من البلاد بعد انفصال الجنوب في التاسع من تموز الجاري، تطبيقاً لما ورد في اتفاق السلام الشامل لعام 2005، رافضاً بذلك ضغوطاً دولية لتمديد مهمة البعثة الدولية ثلاثة أشهر بعد انفصال الجنوب.
في المقابل، حذر مسؤول رفيع في المجال الإنساني، طلب عدم الكشف عن اسمه، من أن انسحاب بعثة الأمم المتحدة من السودان سيكون له تأثير مدمر على المدنيين في جنوب كردفان ومناطق أخرى متنازع عليها، بالتزامن مع إعراب الاتحاد الأوروبي عن «قلقه البالغ» من استمرار المعارك في ولاية جنوب كردفان الشمالية، الواقعة عند الحدود المستقبلية للدولتين، مطالباً بوقف سريع لإطلاق النار.
وأوضح بيان الاتحاد، أن وزيرة خارجية الاتحاد كاثرين آشتون دعت خلال مباحثات مع وزير الخارجية السوداني علي كرتي، «الطرفين إلى التوصل بأسرع ما يمكن إلى اتفاق لوقف اطلاق النار، والسماح بوصول المنظمات الإنسانية» إلى المنطقة، وذلك بعدما رأت أن الانفصال الوشيك لجنوب السودان يمثل «فرصة للشمال لفتح فصل جديد في العلاقات بين السودان والاتحاد الأوروبي»، شرط تسوية ملف جنوب كردفان.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)