مرة جديدة يخرج الخلاف الضمني بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه إيهود باراك على شاكلة قرارات يدفع الفلسطينيون، حتى الشهداء منهم، ثمنها الأكبر. فبعدما سمح نتنياهو بتسليم جثامين 84 فلسطينياً استشهدوا بعد احتلال الأراضي الفلسطينية في حزيران 1967، أمر باراك بتجميد التسليم «حتى إشعار آخر». وقال المتحدث باسم وزير الدفاع، باراك سيري: «لقد أمر باراك الليلة الماضية بتجميد المباحثات مع السلطة الفلسطينية بشأن نقل جثث 84 فلسطينياً، حتى إشعار آخر». وسعى سيري إلى إبعاد الموضوع عن خلافات نتنياهو وباراك، مشيراً إلى أن «هذا القرار اتُّخذ بعد التشاور مع رئيس الوزراء؛ لأننا نريد قبل متابعة هذه المباحثات القيام بعملية تثبت من الجثامين المعنية». بدوره، أعلن الوزير المسؤول عن الاستخبارات في حكومة «بيبي»، دان مريدور، أن تل أبيب «تنوي الاحتفاظ بالجثامين لإعادتها في إطار عملية تبادل محتملة لأسرى فلسطينيين مقابل الجندي جلعاد شاليط» المحتجز لدى المقاومة منذ أكثر من خمس سنوات في قطاع غزة. وقال مريدور للإذاعة العامة للدولة العبرية: «يجب أن نحافظ على كل الأوراق الممكنة لاستعادة شاليط، بما في ذلك بقايا أشخاص مهمين للطرف الآخر». وكان رئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية، حسين الشيخ، قد أكد أول من أمس أن دولة الاحتلال ستفرج عن 84 جثماناً لفلسطينيين قتلوا في حرب 1967. وأوضح حسين الشيخ أنه «بعد اتصالات مكثفة ومفاوضات مع الجانب الإسرائيلي دامت لأكثر من عام، وافقت إسرائيل على الإفراج عن شهداء المقابر الذين تحتجز غالبيتهم منذ عام 1967». حتى إنه سبق لجيش الاحتلال أن اعترف بأن نتنياهو نفسه «وافق على تسليم 84 جثة من مقبرة المقاتلين الأعداء في غور الأردن للسلطة الفلسطينية». وجرياً على عادتها، لم تجد السلطة الفلسطينية سوى استنكار قرار باراك تجميد تسليم جثث الشهداء. وطمأنت حكومة سلام فياض، خلال اجتماعها الأسبوعي في رام الله، أمس، إلى أن السلطة الوطنية «ستواصل جهودها لاسترداد جثامين كافة الشهداء والكشف عن مصير المفقودين». وفي السياق، أدانت الحكومة «الهجمة التعسفية بحق أسرى الحرية داخل سجون الاحتلال، وتصاعد الاعتداءات على حقوقهم التي كفلها القانون الدولي الإنساني وكل المواثيق والمعاهدات الدولية».
تجدر الإشارة إلى أنه بحسب منسق الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء سالم خلة، «يحتجز الاحتلال أكثر من 334 شهيداً فلسطينياً في مقابر سرية هي عبارة عن مدافن بسيطة، محاطة بالحجارة بدون شواهد، ومثبتة فوق القبر لوحة معدنية تحمل رقماً معيناً، ولهذا سميت مقابر الأرقام؛ لأنها تتخذ الأرقام بديلاً لأسماء الشهداء».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)