تنعقد بعد عصر هذا اليوم الجلسة الثانية لحوار التوافق الوطني، على أن يتناول المحور السياسي صلاحيات المجلس التشريعي. ويعوّل المشاركون على أن تجتاز هذه الجلسة عقدة آليات الحوار، التي رافقت الجلسة الأولى، والانتقال الى مرحلة النقاش الجدّي. من جهة ثانية، كانت هناك مواقف مغايرة لموقف جمعية «الوفاق» المعارضة السلبي، من الجهتين المعارضة والموالية، ونظرت الى النصف المليء من الكأس. موقف المنبر التقدمي (معارضة يسار)، عبّر عنه نائب الأمين العام، عبد النبي سلمان، الذي شارك في المحور السياسي، في حديث لـ«الأخبار». وقال إن الجلسة الأولى كانت إيجابية، رغم التحفظات على آليات ادارة الجلسة. وأوضح أنّه حضر عن المحور السياسي ممثلون، اثنان عن كل من جمعيات المنبر و«وعد» والتجمع الوطني و«الوفاق»، وكان المشاركون في هذا المحور الذي تناول الجمعيات السياسية، أكثر من 70 شخصاً. وقال إنه جرى طرح القضايا بنحو موضوعي وقوي، وحظي كل شخص بخمس دقائق للكلام. وأكّد أن الجمعيات سجلت اعتراضها على إشكاليات الحوار، وأُعطيت وعوداً بإعادة النظر فيها.
لكن في المقابل، رأى عبد النبي أنّ الحوار بصيغته الحالية يبقى عقيماً. ولفت الى وجود جهات في الجلسة لها مصلحة بانحراف الحوار عن مساره. وتطرّق الى بعض ما جرى في قاعة المحور السياسي، وقال إن هناك شيوخ دين من الجانب الرسمي دعوا الى استقالة الجمعيات السياسية «لأنها تسببت بحسبهم في الأزمة الأخيرة». ورأى أنّ هذا الطرح مستفز، وقد انتُقد حتى من شخصيات موالية.
ولفت الى أنّ التيارات الديموقراطية الثلاثة طرحت رؤية فصل الدين عن الدولة، وذلك من أجل كف يد رجال الدين عن السياسة، بسبب الدور المؤجج والسلبي الذي لعبته خلال الأحداث الأخيرة «نحن نعاني من هؤلاء الذين يمسكون بالمنابر الدينية ويسببون الفتنة من الجهتين». وطالبت بأن يكون لوزارة العدل رأي في تأسيس هذه الجمعيات. كذلك طُرحت مشكلة تمويل الجمعيات، الذي استخدمته السلطة عقاباً للجمعيات المعارضة في الفترة الأخيرة، اضافة الى موضوع الصحافة الحزبية (النشرات)، قائلاً إن «هناك 4 جمعيات أوقفت صحافتها الحزبية على خلفية مواقفها السياسية».
لا يخالف نائب رئيس مجلس الشورى، جمال فخرو، موقف المعارضة والمشاركين في الحوار بالنسبة إلى إشكالية ادارة الحوار وآلياته. لكن لديه وجهة نظر مختلفة لجدوى الحوار. ويقول لـ«الأخبار» إنها «المرة الأولى التي ندير فيها حواراً بهذا النحو، لم نحتج سابقاً إلى أن نجمع 300 شخص ونوزعهم على محاور». ويضيف أن «هناك 300 رأي مختلف في طريقة ادارة هذا الحوار، وكل شخص يرى أن طريقته هي الأفضل»، وأنّه «جرى خلال الحوار التركيز على الآليات بدل الموضوع، فهل نجلس ونناقش الآليات؟».
وينتقل فخرو الى الحديث عن الإيجابية الثانية للجلسة وتتعلق بالمرونة والتعاون الذي أبدته ادارة الحوار، ويقول إنه في محور الجمعيات السياسية هناك 6 نقاط، فاقترح مدير الجلسة مناقشة كل نقطة على حدة، لكن آراء عدّت أنه يجب مناقشة جميع النقاط معاً لارتباطها بعضها ببعض، فكان ذلك. وأضاف «واقترح مدير الجلسة 3 دقائق لكل متحدث، لكن طُلبت 5 دقائق فكان ذلك». في الوقت نفسه، أقرّ بأن طريقة ادارة الحوار تحتاج الى تعديل.
ورأى فخرو أن «النفوس متعبة»، وأنها «خطوة جبارة أن تجمع 300 شخص تحت سقف واحد. في السابق هؤلاء لم يكونوا يلقون السلام بعضهم على بعض، جلسوا الى الطاولة نفسها لمدة 4 ساعات، وشربوا الشاي معاً». وقال إنّ «هناك حاجة ماسّة إلى إزالة الاحتقان من النفوس، أن يجلس الجميع معاً ويتحدثوا معاً، ويتناولوا الطعام معاً».
وتابع «دعونا ننهي على الأقل دورة واحدة، واذا لدينا ملاحظات لتحسين الحوار، فلنخاطب الرئيس». وأسف لقول مسؤول كبير في جمعية كبيرة لم يسمها، إن هذا الحوار لم يكن حواراً، قائلاً «طبعاً هذا لم يكن حواراً، كانت هناك كلمة لرئيس الحوار وكلمتان لمنظمي الحوار، ما زلنا في الجلسة الأولى». وأسف أيضاً لوجود بعض النفسيات السلبية. ودعا الى مواقف إيجابية.
وفي ما يتعلق بعقدة المشاركين في الجلسات، لم يجد فخرو وجهاً سلبياً لها، وقال «نحن نتحاور بالأفكار، القضية ليست العدد. يمكن شخصاً واحداً أن يغير فكر مجموعة؛ الإقناع هو الأصل، اضافة الى عدم وجود تصويت بل توافق، وبالتالي فإن غلبة رأي معيّن لا تعني أنه سيمرّ».
وتطرق الى مسألة فصل الدين عن الدولة، وقال إنه طالب بها بقوة: «لا يحق لرجل الدين أن يذهب الى البرلمان، ويعتلي المنبر في اليوم التالي». وأضاف «الجمعية السياسية يجب ألّا تقوم على الدين».
وأشار الى أنّه لو كان هناك جهة رقابية «لكان نصف سياسيي البحرين في السجون». ودعا الى الفصل، وأن تقوم الجمعيات والعمل السياسي على أساس وطني. وفي المحصلة رأى في الجلسة الأولى خطوة جيدة، وعلى الجميع العمل من أجل تحسين لغة التحاور والوصول الى نتائج ايجابية.