أكثر من 650 متضامناً أجنبياً من جنسيات مختلفة يصلون اليوم الى مطار «اللد» المسمى إسرائيلياً «بن غوريون» للتضامن مع الشعب الفلسطيني. هؤلاء يتوزعون على نحو 50 رحلة جوية أوروبية، واتفقوا من كل أنحاء العالم على اللقاء في الأراضي المحتلة والتظاهر في المطار. ولكي يفلتوا من قبضة اسرائيل وينجحوا في اختراق الحصار، قرّروا الحفاظ على سرّية هوياتهم وصفاتهم، رغم أنّ الأمن الاسرائيلي ومطارات الدول الحليفة وضعت لائحة طويلة بأسمائهم، لكن الأكيد أنها شخصيات عالمية مرموقة تؤمن بالقضية الفلسطينية وترفض الاحتلال والحصار.أكثر من 40 مؤسسة فلسطينية ولجان المقاومة الشعبية وقوى وطنية من مختلف الفصائل، كانت قد دعت مجموعات من المتضامنين الدوليين من مختلف الدول إلى زيارة فلسطين مدّة أسبوع كامل، للقيام بنشاطات سلميّة لا عنفيّة، من شمال الضفة الغربية حتى النقب أقصى الجنوب الفلسطيني. ويحمل البرنامج شعار «أهلا وسهلاً في فلسطين» ويهدف الى مناهضة فكرة «التفرقة العنصرية، والتطهير العرقي».
يأتي المتضامنون من 17 دولة مختلفة، اتفقوا على الوصول إلى مطار اللد في يوم واحد، هو الثامن من تموز، ليعلنوا لسلطات الاحتلال الإسرائيلي بوضوح أنّهم هنا للتضامن مع الشعب الفلسطيني. اختيار هذا التاريخ لأنّه اليوم الذي أصدرت فيه محكمة لاهاي الدولية قرارها التاريخي بأنّ جدار الفصل العنصري والاستيطان غير قانونيين، ولأنّه التاريخ الذي قرّرت فيه المؤسسات الأهلية مقاطعة إسرائيل وسحب استثماراتها منها.
هؤلاء المتضامنون سيدخلون المطار ويذوبون بين عشرات الآلاف من المسافرين. وعندها سيبدأ الاسرائيليون بالبحث عنهم لمنعهم من التظاهر داخل المطار أو الخروج منه. لعبة القط والفأر التي لعبها متضامنو «أسطول الحرية2» مع السلطات اليونانية، ستتكرّر اليوم في مطار «اللد»، لكن مع فارق أنّ المتضامنين سيكونون في موقع تنافسي، لأنّه بدلاً من ملاحقة 10 سفن ومحاصرتها في البحر، فإنّ الشرطة الاسرائيلية ستطارد 650 متضامناً وعلى البرّ.
من يستطيع أن يجتاز العقبة الأولى المتمثلة في مطارات الدول الحليفة، ثم الإفلات من التعزيزات الاسرائيلية المقيتة في «بن غوريون»، والتي استنفرت بنحو كامل وفي قبضتها لائحة بأسمائهم، يمكنه أن يشارك لمدّة أسبوع ببرنامج تضامني مع الفلسطينيين يستمر حتى السادس عشر من تموز، يتضمن نشاطات في استصلاح أراض وزراعتها. كذلك سيشاركون في تظاهرات سلميّة ضد جدار الفصل العنصري والاستيطان، وبرامج أخرى تهدف إلى بناء سلام شامل وعادل في أرجاء الوطن.
لكن أمس، نجحت السلطات الفرنسية في تقديم المساعدة لحليفتها الاسرائيلية في صدّ قافلة السلام الجوية، اذ أعلن 7 متضامنين فرنسيين أنهم منعوا من السفر الى اسرائيل. وقال فيليب أرنود إنه حاول السفر عبر مطار «شارل ديغول» الى بودابست ثم اسرائيل، لكن السلطات منعته من ركوب الطائرة اضافة الى ناشطين آخرين. وأضاف أن الشرطة الفرنسية كانت تحمل لائحة بأسماء 400 شخص عليها منعهم من السفر الى الأراضي المحتلة. وقد حافظ النشطاء على السرّية التامة تحسّباً لرد الفعل الإسرائيلي غير المعروف حتى الآن، فلم يعرف من القادمين أكثر من جنسياتهم وعددهم، وأنّهم من 17 دولة. لكنّ الصحافة الإسرائيلية أجرت مقابلات مع ناشطين تحدثوا عن المتضامنين. وقالت صوفيا ديغ لموقع «يديعوت أحرونوت الإلكتروني» إنه يوجد في الأسطول الجوي «مشاركون من كل الأجيال، وأطفال بأجيال 9 و 10 سنوات، وهناك أيضاً أجيال 70 عاماً وأكثر»، مبيّنةً أنَّ مفهوم الأسطول يحمل طابع البحث عن السلام والحفاظ على القانون، ومواطنين يريدون الدخول الى فلسطين.
وتابعت صوفيا أنَّ المتضامنين سيصلون الى المطار ويقولون بكل صراحة «ننوي الوصول إلى المناطق المحتلة»، رغم أنَّهم لن يتمكنوا من هذا. وأوضحت «إذا لم يدخل قسم من الناشطين فهذا سيكون محزناً. فالكل متساوون، أوروبيون، أميركيون، كنديون. لديهم الأوراق ودفعوا مصاريف الرحلة وسيمرّون بفحص أمني. هم لا يختلفون عن آخرين قادمين. النقطة المركزية هي أن هذه رحلة عادية» مضيفة أن « الأمر الوحيد الذي يميّز المشاركين هو أنَّهم جميعهم سيقولون بصوت عالٍ إننا نريد الوصول إلى أصدقائنا الفلسطينيين». وعن إمكانية وقوع مواجهات، أكّدت صوفيا «لن تحصل. لن نأتي مع أعلام فلسطين. نحن سائحون عاديون، ولن نتعامل بنحو مختلف. الناس لن يصرخوا، ولن يكونوا عنيفين. يجري الحديث عن ناس عاديين».
وقد أكّد سامي عوض، مدير مؤسسة «هولي لاند ترست»، وهي مؤسسة من بين 40 مؤسسة مشاركة وقائمة على هذه الفعالية، لـ«الأخبار» أنّ دعوتهم مبنية على الإيمان بالمقاومة اللاعنفية، ومن الأسس المهمة لهم عدم استخدام العنف ضدّ الاسرائيليين لدى وصولهم، مضيفاً «هناك عدة اجراءات سيتخذونها في حال تعرضهم للمضايقة من الاحتلال مثل الجلوس والتضامن وعدم الخضوع للأوامر ورفض السفر دون أي استخدام للعنف من جانبهم».
وتحدث عوض عن الفكرة الأساسية لهذه الفعالية، وهي إيصال صورة للعالم بأنّ الفلسطينيين لا يزالون يعانون من الاحتلال، وتأكيد حق المواطن الأجنبي في الوصول الى الأراضي الفلسطينية دون الخضوع للاجراءات الاسرائيلية.
وأصدر منظمو مبادرة «أهلاً في فلسطين» بياناً شجبوا فيه المحاولات العديدة من وسائل الإعلام الإسرائيلية وغيرها لتشويه رسالتهم ونشاطاتهم التي خططوا لها. وقال المنظّمون «كانت هناك رسائل تدّعي بأننا نحاول الوصول إلى غزّة عن طريق الذهاب الى مطار اللد (المسمى مطار بن غوريون) يوم 8 تموز، وادعى البعض أن هذه المبادرة جاءت بعدما مُنعت قافلة «أسطول الحرية2»، وادعى آخرون أن زوارنا يريدون عرقلة الأمور في المطار، والبعض الآخر ادعى حتى أنهم سيحاولون الاستيلاء على طائرات، هذه الادعاءات التي تعمم والكثير غيرها هي ادعاءات كاذبة».
وقد علمت «الأخبار» أن أكثر من 100 شخصية أميركية ويهودية وفلسطينية ستتوجه إلى المطار لاستقبال النشطاء الدوليين، بينهم محامون، وصحافيون، للدفاع عنهم عند وصولهم في حال حدوث طارئ، ولتغطية الحدث لأنّه الأول من نوعه.