دمشق | كما كان متوقعاً، نزل الآلاف من السوريين إلى الشارع تلبية للدعوات التي انتشرت على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» من أجل التظاهر في جمعة أطلق عليها اسم «جمعة أسرى الحرية»، تضامناً مع المعتقلين السياسيين ومع معتقلي التظاهرات الاحتجاجية. فبينما يطلق النظام دعوات إلى الحوار، لا تزال حملة الاعتقالات في شتى أنحاء سوريا مستمرة، وقد كان آخرها الاعتقالات التي نفذتها قوات الأمن مساء الأربعاء الماضي بحق المثقفين والفنانيين السوريين من أمام مسجد الحسن في منطقة الميدان في قلب العاصمة دمشق. وجاءت الحملة ضد المثقفين بعدما دعا هؤلاء إلى تظاهرة سلمية، اعتبرها البعض رداً على مؤتمر الحوار الوطني، وتعبيراً صريحاً عن اندماج المثقفين في الشارع السوري، ورفضهم القاطع للحل الأمني وإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين والاعتقال وانتشار الجيش في المدن السورية. منظمات حقوقية طالبت بالإفراج عن أربعين معتقلاً من المثقفين والناشطين قالت إنهم اعتُقلوا أثناء التظاهرة. وبعدما ترددت أنباء عن اعتقال النجم السوري خالد تاجا والفنان فارس الحلو والمخرج الشاب محمد عبد العزيز، نفى هؤلاء أن يكونوا قد اعتُقلوا، وأكدوا أنهم شاركوا في التظاهرة من دون التعرض للاعتقال. وقد شارك معهم نبيل المالح ورياض سيف وفايز سارة والصحافي يعرب العيسى ومراسل وكالة «فرانس برس» راشد عيسى، فيما كان من بين المعتقلين كل من الممثلة مي سكاف والكاتبة ريما فليحان والكاتبة يم مشهدي والمخرج السينمائي نضال حسن والصحافي إياد شربجي والممثلين الأخوين ملص إضافة إلى المصور مظفر سلمان والناشطات ساشا أيوب وجيفارا نمر وسارة الطويل.
وفي اليوم التالي للتظاهرة التي قمعتها قوات الأمن بسرعة كبيرة، دعا السيناريست سامر رضوان إلى اعتصام مفتوح أمام مبنى وزارة الداخلية السورية في دمشق، أول من أمس، بعدما نظّم ناشطون صفحة على الفايسبوك طالبت بالحرية للمعتقلين السياسيين، وعلى رأسهم مثقّفو تظاهرة الميدان. لكن الاعتصام لم ينفذ، وقد علمت «الأخبار» من مصادر موثوقة أن مجموعة من المثقفين نزلوا باتجاه وزارة الداخلية، إلا أن الوجود الأمني الكثيف منعهم من إطلاق اعتصامهم. وقد صرّح أحد هؤلاء المثقفين لـ«الأخبار» بأن «ما يحصل يدعو إلى الخذلان. فالقمع الأمني يخيف المثقفين ويجعلهم يبتعدون عن الاهتمام بالشأن العام، أو يتابعون نشاطهم من تحت المكيّف في المنزل وعلى صفحات الإنترنت، بينما يعتقل ويموت المتظاهرون في الشارع». ويضيف أن «الاعتصام كان يريد الحرية لمعتقلي تظاهرة الميدان ولا شيء سوى ذلك، لكن العدد القليل الذي نزل والكثافة الأمنية منعانا من رفع صوتنا».
ويظن البعض أن السلطات السورية كانت قد أعدّت مذكرات اعتقال بأسماء المنظمين لتظاهرة الميدان، وذلك بتهمة الدعوة إلى التظاهر من دون أخذ الإذن من السلطات.
من جهة أخرى، وبالتزامن مع جمعة أسرى الحرية التي خرجت فيها تظاهرات في مناطق عديدة، تتردد أنباء عن ازدحام السجون والمعتقلات السورية بآلاف المعتقلين، ويرجّح البعض أن يكون الأمن السوري قد حوّل بعض الصالات والملاعب الرياضية في دمشق إلى سجون يحتجز فيها معتقلي الأحداث الجارية، وعدد كبير منهم من محافظة درعا، ولا سيما أن تقديرات المعارضة والمنظمات الحقوقية تشير إلى أكثر من 15 ألف معتقل في الأحداث الأخيرة.