دمشق | آراء ووجهات نظر متناقضة، باتت تعيشها أطراف المعارضة السورية، على أثر مشاركة بعض أسمائها البارزة في مؤتمر المعارضة الذي عقد في فندق سميراميس بدمشق في 28 من حزيران الماضي، ومقاطعة أسماء أخرى لهذه المؤتمر. أخيراً، يعلن المعارض السوري هيثم المالح من تركيا عقد مؤتمرين في دمشق وإسطنبول، لإعلان قيام «حكومة ظل» في محاولة للخروج من الأزمة السورية. ويشرح المالح طرحه بأنه يحتذي ببريطانيا. ويقول إن كل حزب هناك لديه حكومة ظل، والهدف منها هو الاستعداد لسد الفراغ الذي قد يحصل مستقبلاً إذا ما سقط النظام بدلاً من الدخول في اقتتال داخلي. بمواجهة ذلك، ينتقد كثيرون المالح ويتهمون نشاطاته بأنها طمعاً في السلطة ليس أكثر، وأن النظام الحالي أفضل بمراحل من نظام إسلامي قد يأتي بشخصيات مثل المالح إلى الحكم من شأنها أن تكرس حياة ظلامية تحمل قمعاً واستبداداً بشكل جديد، فيما يبدي عدد من المعارضين السوريين تحفظهم ورفضهم لهذه المبادرة، كما هي حال الكاتب لؤي حسين، الذي قال لـ«الأخبار»: «هذه المبادرة مرفوضة تماماً. ما تعيشه سوريا اليوم ليس حالة انقلابية على النظام، ولم ولن ندعو نحن يوماً لمثل هذه الممارسات أو الحلول. كيف لنا أن نكون دعاة حرية وديموقراطية، وأن نقبل ونوافق على مثل مبادرات كهذه؟ وهل لنا أن نتساءل عن خلفية الشخصيات المعارضة التي دعت إلى إقامة حكومة ظل، إن كان لها وجود حقيقي في الشارع السوري اليوم؟ وهل يمتلكون الخبرة الكافية في الجوانب السياسية والقانونية والاجتماعية للخروج بسوريا من الأزمة والدوامة التي تعيشها؟». بدوره، أبدى المعارض السوري فايز سارة وجهة نظره بخصوص اللقاءات التشاورية، والجلسات الحوارية التي دعا إليها النظام السوري في الأيام القليلة الماضية، بالقول: «من حق السوريين أينما كانوا أن يبادروا إلى عقد اجتماعات تشاورية حوارية كهذه. سوريا في النهاية هي للشعب السوري أولا وأخيراً، وعلينا جميعاً العمل كل حسب طاقته واستطاعته، على الخروج من الأزمة السورية التي أدخلنا بها النظام السوري».
وعن عدم مشاركته في هذه الحوارية والتشاورية، أضاف سارة: «أنا كنت ولا أزال رافضاً ومعارضاً بشدة للحضور أو المشاركة في اجتماعات تقام تحت سقف النظام السوري، كيف لنا التحاور والتشاور مع نظام يناقض نفسه بشدة؟ يدعو للحوار، وفي الوقت نفسه يطلق النار على المتظاهرين السلميين في جميع المناطق والمحافظات السورية التي تخرج فيها تظاهرات مناهضة؟ إن النظام السوري، حتى هذه اللحظة، لم يقدم شروطاً صحية وصحيحة لعقد حوار وطني حقيقي. ما تقوم به السلطة السورية اليوم ما هو إلا محاولة للالتفاف على مطالب الشارع السوري المنتفض، التي تتصاعد تدريجاً مع استمرار الحل الأمني الذي لا يزال يتمسك به النظام الأمني المتعنت».
وعن رأيه في المؤتمر الذي دعا إليه هيثم المالح، رأى سارة أن «حكومة الظل لا تزال فكرة تحتاج إلى المزيد من النقاش والحوار والتعقل، ومن الصعب بحق رسم بضعة أشخاص سيناريو للخروج من الأزمة السورية، بمعزل عن صوت الشارع المنتفض الذي باتت مطالبه واضحة جداً للجميع».
يوماً بعد يوم، تزداد الصورة في سوريا ضبابية، فلا المتظاهرون يردعهم الموت والاعتقال والتعذيب، ولا النظام يبدو أنه يفقد شيئاً من أوراق قوته. لكن الأكيد أنه ليس هناك معارضة سورية موحدة تمثل الشارع وتؤثر فيه مباشرة، ويبدو أن اقتراح حكومة الظل سيزيد من انشقاقات الرأي في صفوف المعارضة في سوريا وخارجها.