لم يغب الثوار المصريون عن ميادينهم في جمعة «الإنذار الأخير»، أمس، لكنّ عددهم لم يصل إلى معدله الطبيعي، في ظل غياب «الإخوان المسلمين». أما التعديل الحكومي لعصام شرف، فيُتوقَّع أن يطال 15 حقيبةجاءت جمعة «الإنذار الأخير» في مصر، أمس، أقل ممّا كان متوقعاً منها، إذ لم يتعدَّ عدد المشاركين فيها الآلاف تحت شعار رفض إدارة المجلس الأعلى للقوات المسلحة

لعملية الانتقال السياسي في البلاد، والاعتراض على بطء وتيرة الإصلاحات. ورغم أن التظاهرات لم تكن حاشدة مقارنة مع التجمعات السابقة، وسط مقاطعة القوى الإسلامية، إلا أن التحركات عمت مختلف المدن المصرية، وذلك تلبية لدعوة أكثر من 28 حركة شبابية لمسيرات ضد المجلس الأعلى. وفي ميدان التحرير بالقاهرة، طالب آلاف المتظاهرين، المجلس العسكري، بخطة انتقال سياسي واضحة وشفافة، منتقدين طريقة إدارته للبلاد، ومتهمين إياه بعدم وفائه بوعود الإصلاح التي تعهد بتطبيقها، على وقع مواصلة اعتصام مفتوح للآلاف في القاهرة والإسكندرية والسويس، منذ يوم الجمعة الماضي، حتى تتحقق مطالبهم.
وفي السياق، شدد إمام مسجد عمر مكرم، في ميدان التحرير، على أن «المتظاهرين لن يتركوا ميدان التحرير حتى تتحقق جميع مطالب الثورة، وفي مقدمتها الإسراع بمحاكمة المتورطين في قتل المتظاهرين ومحاكمتهم علناً»، وذلك قبل أن يؤدوا صلاة الغائب على أرواح «شهداء الثورة». وهتف المتظاهرون خلال التظاهرة «القصاص القصاص ضربوا أولادنا بالرصاص». في غضون ذلك، واصل رئيس الحكومة عصام شرف إصدار أوامره بإرسال سيارات إسعاف إلى ميدان التحرير لرعاية عدد من المتظاهرين المضربين عن الطعام.
أما في مدينة السويس، فقد هتف مئات المتظاهرين «السويس أسقطت المشير»، في إشارة إلى وزير الدفاع، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة حسين طنطاوي. وكان المشهد مماثلاً في مدينة الإسكندرية، حيث تجمع قرابة خمسة آلاف متظاهر أمام مقر الشرطة، مطالبين باستقالة وزير الداخلية منصور العيسوي. وقد حافظت جماعة الإخوان المسلمين على موقفها الرافض للمشاركة في أي تظاهرات مناهضة لإدارة الجيش الحياة السياسية في البلاد، على قاعدة أن «الحكومة تستحق أن تُمنَح فرصة لمدة أسبوعين»، وفقاً لتصريح القيادي في الجماعة عصام العريان، الذي حذّر من أنه «ستكون لنا فعالية بعد أسبوعين، فإما أن تكون فعالية شكر، أو احتجاج».
ومن المطالب الرئيسية للمحتجين، إنهاء المحاكمات العسكرية للمدنيين، وإقالة ضباط الشرطة المتهمين بقتل المتظاهرين ومحاكمتهم، فضلاً عن محاكمات حاسمة وشفافة لأقطاب النظام السابق.
في المقابل، نظّم مئات من المواطنين مسيرة تأييد للمجلس العسكري، انطلقت من ميدان روكسي في القاهرة، ووصلت إلى مقر وزارة الدفاع، أطلقوا عليها شعار «جمعة الأغلبية الصامتة قررت أتكلِّم»، وفقاً لوكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الحكومية. وأكد هؤلاء المتظاهرون «تأييدهم الكامل للمجلس الأعلى للقوات المسلحة لإدارة المرحلة الانتقالية»، مطالبين «بمحاكمة المتهمين المتورطين في قضايا الفساد من دون ممارسة أي ضغوط على القضاء». على صعيد متصل، وفي إطار محاولات عصام شرف استرضاء المتظاهرين، كشفت صحيفة «الأهرام» الحكومية أن التعديل الوزاري المرتقب على الحكومة سيشمل 15 وزيراً على الأقل. وأشارت «الأهرام» إلى أن الدكتور حازم الببلاوي، مستشار صندوق النقد العربي، قَبِل منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، لافتة إلى أن الدكتور علي السلمي، نائب رئيس حزب «الوفد الجديد»، وافق على تسلُّم نائب رئيس الوزراء. وكان شرف قد أعلن، مساء يوم الاثنين الماضي، أنه سيجري تعديلاً وزارياً على حكومته خلال أسبوع «بما يعكس الإرادة الحقيقية للشعب»، على قاعدة أن وجود عدد من الوزراء المحسوبين على النظام السابق من بين أبرز عوامل اعتراض الثوار.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)