السفير يتدخّل
في آذار الماضي، جرت انتخابات طلابية في جامعة عمان الأهلية وهي جامعة تعد من أغلى الجامعات الخاصة في ما يخص تكاليف الدراسة. وبسبب الفرز الإقليمي في الجامعات الأردنية وغياب الجسم النقابي الطلابي، تظهر الكتل المتنافسة على أسس المنبت «فلسطيني، شرق أردني، شركسي، الخ». فازت الكتلة الفلسطينية المؤلفة من الطلاب الأردنيين من أصول فلسطينية والفلسطينيين من الضفة الغربية وفلسطينيي المناطق المحتلة عام 1948، الأمر الذي لم يرق للطلاب الشرق أردنيين، ومعظمهم من مدينة السلط القريبة، وبعض العشائريين، وخصوصاً بعد أزمة 24 آذار التي جعلت العشائريين والعنصريين يستمعون إلى بعض من قال إنّ الفلسطينيين احتلوا عمان، وإنّ المعارضة هي من الأردنيين ذوي الأصول الفلسطينية. اشتعلت مشاجرة كبيرة في الجامعة حاولت قوات الشرطة أن تفضها، لكنها لم تفلح، إلى أن تدخلت القوى الأمنية «مكافحة الشغب» وأوقفتها بالقوة، واعتقلت من اعتقلت.
المشاجرة امتدت خارج أسوار الجامعة وتحولت إلى مظاهرة للخاسرين في الانتخابات وهرج ومرج حيث شُتم الفلسطينيون علناً في الشوارع. تدخل الأمن مرة اخرى وأنهى المسيرة بالقوة، فالبلد كان يشهد في تلك الفترة توتراً كبيراً.
المسيرات تجددت في الليل وتكرر مشهد شتم الفلسطينيين نفسه، وبعدما انقضى اليوم تبين أنّ تدخل الأمن والدرك في الجامعة جاء بتوجيه مباشر من وزير الداخلية الأردني بعدما اتصل به السفير الصهيوني في العاصمة عمان، وأبلغه بقلقه الشديد بسبب ما يتعرض له «المواطنون الإسرائيليون في جامعة عمان الأهلية».
الاتصال الصهيوني جاء بعدما انتشر خبر المشاجرة على المواقع العربية في فلسطين المحتلة عام 1948، الأمر الذي استهجنه الفلسطينيون من المناطق كافة مع مراعاة فروق تواريخ الاحتلال واختلاف اثباتات الشخصية.
هل كان هذا السفير يخشى فعلاً على فلسطينيي 48 أم أنه مجرد توجيه لوزير الداخلية الأردني، وتدخل في الشؤون الأردنية الداخلية وصيد في المياه العكرة في فرصة ينتظرها كبير الجواسيس هذا؟
هذه الأمور أصابتني بالحيرة، ما سر هذه النخوة التي تحركت فجأة لدى السفير؟ ما رأيك عزيزتي ربى بما جرى وحدث في يوم من أيام آذار العمانية المشحونة بالمشاجرات والهراوات، بدأت في ميدان عبد الناصر وانتهت حول أسوار جامعة عمان الأهلية؟

معاذ عابد ــــــ الأردن

■ ■ ■

ومزع...!!!

قبل أن أقول شيئاً، تعليقي على تدخل السفير الإسرائيلي في عمان هو: ومزع...!!
تدخل لم يأت نتيجة خوف على رعايا «دولته» ولا على كيانه بل لأن الدم الفلسطيني على اختلاف مناطق سكنه والهويات والجنسيات التي يحملها، قد توافق واتفق على عكس ما يحدث في الضفة الغربية وقطاع غزة.
يبدو أن هذا التحالف والاتفاق الفلسطيني على صعيد الجامعات قد أصاب السفير وكيانه بخوف شديد، فهاهم الفلسطينيون من المناطق والقوى كافة يتحدون في قضية ولو أنها طلابية إلاّ انها نذير شؤم على هذا السفير ودولته المجرمة. منذ متى يسأل هؤلاء عن سلامة العرب الفلسطينيين، وهم يمارسون ضدهم يومياً محاولات الاقتلاع والتهجير منذ عام 1948 حتى يومنا هذا؟ منذ متى يهتم هؤلاء بنا نحن الفلسطينيين وهم يومياً يحاولون تهويد تراثنا وأرضنا، حتى مدافننا ارادوا تحويلها الى متاحف؟ هل من يقول بكل ذلك يتحرك حسّه فجأة لحمايتنا؟
هل أصبحت دولة اسرائيل ديموقراطية فجاةً وباتت تخاف على «مواطنيها»؟
أذكر أثناء دراستي في الجامعة الاردنية أن الجالية الفلسطينية من الداخل المحتل عام 1948 كانت تنظم دوماً برامج في أيام الجاليات تحت العلم الفلسطيني ويكون هناك أحياناً علمان فلسطينيان في معارض الجاليات، لكن أن تتفق الجاليتان تحت علم فلسطيني واحد... فهذا يعني فقط شيئاً وحيداً هو وحدة التراب الفلسطيني من البحر الى النهر. هذا ما يخيفهم في ظل محاولة لتحويل العلم الفلسطيني إلى علمين أو ثلاثة وحتى أكثر. هذا ما يخيفهم: ان يرفع العلم نفسه في غزة والضفة الغربية، يريدون أن نختلف على كل شيء حتى على العلم، لكنهم بالتأكيد لن يستطيعوا الى ذلك سبيلاً، لأن من اختلطت الوان علمه بالدم منذ النكبة حتى الآن لن يستطيع احد أن يفرقه عن علمه. كما أن ما جمعه الله لا يستطيع ان يفرقه إنسان.

ربى حسن ـــــ عمان