أكّد الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، خلال اجتماع المجلس المركزي التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية في رام الله أمس، تصميم السلطة الفلسطينية على الذهاب إلى الأمم المتحدة في أيلول المقبل لنيل الاعتراف بالدولة، معلناً تأييده للمقاومة الشعبية السلمية غير المسلّحة، وسط استعدادات اسرائيلية للتصدي الى أي تظاهرات في الضفة الغربية دعماً لمطلب الدولة. وقال عباس «نحن ذاهبون إلى مجلس الأمن، وهذا ما سنتثبت منه في الرابع من الشهر المقبل حيث اجتماع لجنة المتابعة العربية»، موضحاً أن ذلك لن يكون بديلاً من المفاوضات سواء في حال النجاح أو الفشل. وأضاف «قلنا عدّة مرات سابقة إن خيارنا الأول والثاني والثالث المفاوضات. لكن بعد فشل الرباعية في وضع اسس للمفاوضات على اساس وقف الاستيطان ومرجعية حدود 1967 لدولة فلسطين، أصبح الآن الوقت متأخراً للمفاوضات». وقال إن «الوقت متأخر جداً. لا يوجد وقت ونحن ذاهبون الى الامم المتحدة». لكنه أكد أن «هذا التوجه استحقاق وليس بديلاً من المفاوضات، ونريد أن نبدأ من الأمم المتحدة لأسباب كثيرة».
ولفت عباس الى أن القيادة الفلسطينية لم تتلقّ رفضاً أميركياً واضحاً للذهاب إلى الأمم المتحدة، لكنها سمعت الرفض من وسطاء. وقال «نحن لن نتصادم ولا نريد أن نتصادم مع أميركا، لكن نريد أن ننسق المواقف»، مشيراً إلى وجود 122 دولة تعترف بدولة فلسطين على حدود عام 1967. وأوضح أن الذهاب إلى الأمم المتحدة «ليس عملاً أحادياً كما يُروّج إسرائيلياً وأميركياً»، قائلاً «نحن نريد أن نذهب إلى 193 دولة لنشتكي إليها، هذا ليس عملاً أُحادياً بل العمل الأحادي ما تقوم به إسرائيل من نهب للأرض والاستيطان والحصار».
وقال الرئيس الفلسطيني «نحن لا نريد أن نعزل دولة إسرائيل، نريد أن نتعايش مع دولة إسرائيل بأمن وسلام واستقرار جنباً إلى جنب، نحن نريد أن نعزل سياسة دولة إسرائيل ولا نريد أن ننزع الشرعية عنها». وأعلن تأييده للمقاومة الشعبية، قائلاً «نحن مع المقاومة الشعبية، لكن لا تجعلوها شعاراً فقط لأن ما يجري في القرى القريبة من الجدار هو تظاهرات موسمية قليلة العدد».
كذلك دعا إلى تكثيف التظاهرات الاحتجاجية، وقال «ما دامت المقاومة الشعبية حقاً ضدّ الجدار والاستيطان ومنتجات المستوطنات والاستيطان في القدس، إذ لدينا كل يوم ما يحفزنا لنقوم بمقاومة شعبية واسعة النطاق وليس في مجال واحد ولا تشمل شريحة واحدة، ولا تشمل مجموعة واحدة». وأضاف «يجب أن تكون كل يوم وهي مقاومة شعبية غير مسلحة، ونحن نقتدي بتظاهرات الربيع العربي، التي تقول جميعها «سلمية سلمية»، ونحن مع إرادة الشعوب العربية، وما تتوافق عليه الشعوب نحن معه».
وتطرق عباس الى الشأن الداخلي الفلسطيني، وشدّد على أنّ «المصالحة خيار أساسي والوحدة الوطنية طريق إجباري لنا، ولو كنت أريد أن أناور سياسياً لما طرحت مبادرة للمصالحة في المجلس الماضي. على «حماس» قبول تشكيل الحكومة التي قلت إنها حكومتي التي ستأخذنا إلى الأمام، ولا تعيدنا إلى الوراء، وهي حكومة انتقالية من المستقلين والتكنوقراط».
وأعرب عن استعداده لذلك «وصولاً إلى الانتخابات الشفافة والنزيهة، وقد تكلمت مع بعض الدول بهذا الخصوص، وقالوا لي معك حق ونحن معك، ونحن مع إنجاز أشياء أخرى على الأرض كتفعيل المعبر وإنجاز قضية الجوازات وإنجاز الانتخابات المحلية»، لافتاً إلى وجود توجه لتفعيل لجنة المنظمة كي تسير الأمور كلها على سكة واحدة.
بدوره، أعلن رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، سليم الزعنون، أن حركة «حماس» اعتذرت عن تلبية دعوة إلى حضور اجتماع المجلس المركزي. وقال «وجهت رسالة الى رئيس المجلس التشريعي عزيز الدويك طالبته فيها بالحضور الى المجلس المركزي بصفته رئيساً للتشريعي، وبحضور رؤساء لجان التشريع من حركة حماس بوصفهم اعضاء طبيعيين في المركزي». وأضاف أن «الدويك أرسل لنا رسالة اعتذر فيها عن المشاركة هو وأعضاء «حماس»، لكنه أبلغ الزعنون أن نواب الحركة «يدعمون التوجه الفلسطيني الى مجلس الامن والجمعية العامة للأمم المتحدة».
ولفت الزعنون الى أنه «تقدم بطلب الى «حماس» في غزة لعقد اجتماع لأعضاء المجلس الوطني في القطاع، لكن «حماس» أيضاً اعتذرت عن السماح بعقده». الا أنه وصف اتصالاته مع رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل والدويك «بالإيجابية خاصة أنها (حماس) تدعم توجهنا الى مجلس الامن الدولي والامم المتحدة».
وتبدو فرص إعلان الدولة الفلسطينية في أيلول ضئيلة بسبب معارضة الولايات المتحدة، وهي آخذة بالتقلص مع زيادة الدول المترددة أو التي تبدي تحفظاتها، وآخرها كانت سلوفينيا، بحيث أعرب رئيس وزرائها بوروت باهور، الذي يزور المنطقة، عن تحفظاته عن اعلان استقلال فلسطين من جانب واحد، لأنه سيزيد من صعوبة المفاوضات مع اسرائيل.
(أ ف ب، يو بي آي)



استنفار إسرائيلي

في موازاة الاستعدادات الفلسطينية لإعلان الدولة، يستعد جهاز الأمن الإسرائيلي لمواجهة سيناريوهات محتملة في شهر أيلول المقبل، ويظهر أن التخوف الأساسي هو من اندلاع احتجاجات شعبية في الضفة الغربية.
وتشمل السيناريوهات التي يستعد لها جيش الاحتلال احتمال إعلان الأمم المتحدة الدولة الفلسطينية وخروج الشعب الفلسطيني إلى الشوارع فرحاً، لكن بعد يوم واحد ستتبدد الفرحة بعد أن يجد الفلسطينيون أنفسهم لا يزالون مضطرين لعبور الحواجز الإسرائيلية ومشاهدة المستوطنات. وقدّر مسؤولون في جهاز الأمن أنه في هذه الحالة ستتصاعد خيبة الأمل الفلسطينية، وسيفكر «الفلسطيني بأن العالم كله يقول إنه يحق له دولة وإسرائيل وحدها ترفض ذلك، وقد انتهى العهد الذي يكتفي فيه الشعب بالطعام والمأوى وهم يريدون استقلالاً ودولة». وأشار المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون إلى أن أحد السيناريوهات «المتطرفة» هو أن يسير عشرات آلاف الفلسطينيين باتجاه مستوطنة بينما تقف في طريقهم قوات إسرائيلية. ثمة سيناريو آخر هو أن يبادر قادة الشارع الفلسطيني إلى احتجاجات شعبية كالتي تجري في مصر وسوريا وليبيا. ويقدر المسؤولون أن هذا السيناريو سيحرج الأميركيين. اضافة الى ذلك، يدرس الاسرائيليون سيناريو تسليم السلطة الفلسطينية المسؤولية على الضفة الى الاحتلال. وهذا ما تجده اسرائيل «سيناريو مرعب تقوم خلاله السلطة بحل نفسها احتجاجاً وتحمل إسرائيل المسؤولية،، وتجد إسرائيل نفسها فجأة تهتم باحتياجات الفلسطينيين».
(يو بي آي)