رام الله | كانت الساعة تشير إلى السادسة صباحاً عندما فوجئ الحرس الخاص بالقيادي الفتحاوي محمد دحلان بفرقة عسكرية من الاستخبارات العسكرية الفلسطينية تطوّق منزله بحي الطيرة في رام الله، وتعتقل الحراس، قبل أن تدهم المنزل وتصادر أسلحة. لم تتوقف العملية عند هذا الحدّ، فحين كان دحلان يستعد للمغادرة إلى الأردن، تصدّت له قوات الأمن واعتقلت حراسه. ونقلت وكالة «سما» عن مصادر فلسطينية مطّلعة قولها إن دحلان غادر الضفة الغربية إلى الأردن، فيما هاجمت قوة من الأمن الفلسطيني السيارة التي كان يستقلها وصادرتها. وقالت المصادر إنه «جرى التحفظ على مرافقي دحلان في داخل سيارته، وهم أبو علي شاهين وسفيان أبو زايدة وتوفيق أبو خوصة، الذين أُطلق سراحهم في ما بعد، فيما قامت قوة أخرى بإلقاء القبض على رئيس مرافقي دحلان سليم الشيخ خليل».
وفي تفاصيل عملية الدهم، أكّدت مصادر مقرّبة من دحلان لـ«الأخبار» أنّ «النائب الفتحاوي فتح بنفسه باب منزله للأمن الفلسطيني، حيث أبلغوه أنهم في مهمة لتفتيش المنزل بحثاً عن أسلحة، إذ بعد رفع الحصانة عنه، وردّ المحكمة الفلسطينية الطعن المقدّم منه، لم يعد له الحق بامتلاك حراسة وأسلحة».
في بداية العملية سُمع صوت إطلاق رصاص خفيف، حين حاول بعض حراس دحلان الهرب، غير أن الأمن الفلسطيني الذي طوّق كل الحي، لا المنزل وحده، اعتقل جميع الحراس، وعددهم 12، وصادر أسلحتهم، كذلك صادر عشر سيارات تعود لدحلان. واستخدم الأمن سيارات جمع النفايات التابعة لبلدية رام الله لخداع الحرس، حيث أُغلقت الطرق المؤدية إلى منزل دحلان بتلك السيارات، لتقتحم بعدها الدراجات النارية التابعة للأمن المكان بطريقة لم يتمكن معها الحراس من التعامل مع الموقف.
لكن السلطة الفلسطينية نفت، على لسان المتحدث الرسمي باسم الأجهزة الأمنية اللواء عدنان الضميري، أن يكون قد جرى اقتحام منزل دحلان، موضحةً أن ما جرى كان «محاصرة كشك الحراسة القريب من منزله»، ومصادرة الأسلحة والمركبات التي في حوزتهم، في إطار تطبيق القانون، لأن الأسلحة كانت في حوزة حراسه بطريقة غير شرعية. وأكّد الضميري أنّ «دحلان لديه حصانة برلمانية (بصفته نائباً) ولم يُمسّ»، وأن «العملية تمّت بمصادرة الأسلحة والمركبات التابعة للسلطة من هؤلاء الحراس الشخصيين غير المنتدبين من قبل الأمن الوطني الفلسطيني».
في هذه الأثناء، أوردت المركزية اتهامات جديدة ضدّ دحلان استدعت إقصائه، حيث أكّد متحدث باسم المركزية أن إقصاء دحلان جاء بسبب «تجاوزات تمسّ الأمن القومي والاجتماعي الفلسطيني، بما في ذلك الاستقواء بجهات خارجية، وارتكاب جرائم قتل على مدار سنوات طويلة، وممارسات لاأخلاقية، والثراء الفاحش نتيجة الكسب غير المشروع ونهب أموال صندوق الاستثمار، والتآمر الثابت في سلوك هذه الجماعة في محاولة لاحتلال إرادة الحركة مقدمة لكسر الإرادة السياسة الوطنية التي لم ينجُ منها حتى الشهيد القائد ياسر عرفات».
وذكرت مصادر فلسطينية أن أوامر صدرت إلى النيابة العامة لبدء التحقيق مع دحلان يوم الاثنين المقبل، وأشارت إلى أن أجهزة أمن السلطة ستفرج اليوم عن كافة مؤيّدي دحلان الذين اعتُقلوا خلال الفترة الماضية. وقال عضو المركزية، جمال محيسن، إن «هناك قضايا كبيرة جداً في لائحة اتهام دحلان تخصّ أمن الدولة سيحوّلها الرئيس إلى النائب العام وسيحاكَم عليها، وبعض هذه القضايا خطير للغاية».
وكان أعضاء في اللجنة المركزية لحركة «فتح» قد أعلنوا أن اللجنة قررت تحويل الملف المالي والجنائي لمحمد دحلان إلى هيئة مكافحة الفساد والقضاء الفلسطيني من خلال النيابة العامة، فيما قرّرت المحكمة الحركية لـ«فتح» تأكيد قرار اللجنة المركزية بفصل دحلان من الحركة ومن عضوية المركزية، بحسب ما أوضح محيسن، قائلاً إن القرار «أعطى فرصة أخيرة لدحلان ليتقدّم بالتماس إلى رئيس الحركة بجهوزيته للامتثال أمام لجنة التحقيق التي تؤلفها اللجنة المركزية خلال أسبوعين من تاريخ القرار، وإلا يصبح القرار نافذاً قطعياً، ويعود الأمر إلى اللجنة المركزية لاتخاذ القرار المناسب في هذا الخصوص».
من جهته، عقّب محمد دحلان على قرار المحكمة وما تبعه من تصريحات لأعضاء المركزية بالقول إنه «سيتقدم خلال الأيام المقبلة، وفقاً لقرار المحكمة الحركية، بمذكرة لأمين سر حركة «فتح» يطالبه فيها بإجراء تحقيق نزيه وعادل معه في القضايا ذات الطابع التنظيمي المنسوبة إليه».