امتلأت الساحة اليمنية أمس بالمتظاهرين الذين انقسموا، جرياً على عادتهم كل أسبوع، بين معارض للرئيس اليمني ومؤيد له. وأحيا المطالبون بإسقاط النظام اليمني جمعة «اصبروا وصابروا ورابطوا»، بدءاً بالعاصمة صنعاء، مروراً بتعز ووصولاً إلى صعدة. وطالب المحتجون بإسقاط بقايا أركان النظام، ومحاكمة المتسببين في قتل المعتصمين، بالاضافة إلى تنديدهم بالقصف الذي تقوم به قوات الحرس الجمهوري على منطقة أرحب في صنعاء وعلى مدينة تعز، مطالبين دول العالم بوقف تلك «المجازر». كذلك نادى المحتجون، وفقاً لموقع «المصدر اون لاين»، بسرعة الحسم للثورة، وتكوين مجلس انتقالي يضم جميع القوى السياسية والثورية في الساحات المختلفة في اليمن، وعدم التعويل على الخارج.
في المقابل، نظم المؤيدون لنظام صالح في صنعاء «جمعة الإخلاص تأييداً للشرعية الدستورية». وذكرت وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» أن «الملايين من أبناء الشعب اليمني العظيم احتشدوا في الساحات والميادين العامة بأمانة العاصمة وعموم محافظات الجمهورية في جمعة الإخلاص، تأييداً للشرعية الدستورية، وتأكيداً لمواقفهم الثابتة والمتمسكة بالنظام والقانون والرافضة لأعمال التخريب والفوضى». ووفقاً للوكالة «أكدت الحشود رفضها أي محاولات للانقلاب على الشرعية الدستورية، أو أي مشاريع تآمرية للانزلاق بالوطن نحو الفتن والشقاق والتشرذم».
في غضون ذلك، تصاعدت التحذيرات من حدة الانقسامات التي بدأت تضرب أطياف المعارضة اليمنية. وقال المحلل غانم نسيبة، إن المعارضة لم تتحد قط في معارضتها لنظام صالح. وأضاف أنه كان من المقدر أن تظهر التصدعات الموجوده الآن آجلاً أو عاجلاً.
من جهته، أوضح الباحث في الشأن اليمني في جامعة برينستون، جريجوري دي جونسن، أن «المعارضة تعرف أن صالح كان ينجو دائماً من خلال تأليب بعضها على بعض»، وأضاف «كانوا حذرين من السقوط في نفس الشرك القديم»، فيما رأى أن تشكيل مجموعة من شباب الثورة اليمنية مجلساً انتقالياً، وإجراء المعارضة مشاورات لتشكيل مجلس وطني «مقامرة نابعة من اليأس».
إلا أن المتحدث باسم شيخ مشايخ قبيلة حاشد صادق الاحمر، عبد القوي القيسي، أعرب عن اعتقاده بأن انشاء المجلسين لن يعمق الانقسامات بقدر ما سيحرك المياه الراكدة، محذراً في الوقت نفسه من عواقب حرص المحتجين على انهاء الجمود. وأوضح أن المعارضة اختارت المسار السياسي وهو طريق طويل لكنه آمن، في حين أن الشباب ربما لا يفضلون هذا.
أما المؤيدون لتشكيل المجلس الانتقالي فيدافعون عن موقفهم بالقول «ما الذي كان اللقاء المشترك يريدنا أن نفعله سوى ذلك؟ انتظرنا ستة اشهر ولم يفعل شيئاً. وهبنا مئات الشهداء وآلاف المصابين واللقاء المشترك يعيش في وهم المبادرة الخليجية»، فيما يصر البعض الآخر على اتخاذ خطوات أكثر حزماً.
وفي السياق، طالب المحتج محمود عبد الله، وهو موظف حكومي فقير وغاضب، بمزيد من الأفعال والقليل من الأقوال. وقال «انا لا أؤيد أي مجلس. نحتاج الى التصعيد. الى الخروج في مسيرة الى القصر الرئاسي... لا يمكن أن ننتظر حتى تصنع لنا اميركا او السعودية ثورتنا».
في هذه الأثناء، أدّت الاشتباكات المستمرة بين عناصر قبلية يمنية وقوات عسكرية في محافظة أرحب إلى سقوط أربعين قتيلاً. ونقل التلفزيون اليمني عن مسؤول عسكري أن 17 جندياً لقوا حتفهم، فيما قتلت القوات ما لا يقل عن 23 قبلياً، وذلك بعدما اتهمت وزارة الدفاع اليمنية الأخ غير الشقيق للرئيس اليمني اللواء علي محسن الأحمر ورجل الدين عبد المجيد الزنداني بدفع بمن وصفتهم بـ«عناصر إرهابية» للاستيلاء على موقع جبل «الصمع» العسكري في مديرية أرحب، المُطل على مطار صنعاء الدولي في محاولة للاستيلاء على السلطة في اليمن.
من جهةٍ ثانية، نفت السلطات اليمنية أن تكون قوات الأمن قد تصدت لتظاهرة نسائية نظمت أول من أمس أمام السفارة الأميركية أو استخدمت العنف بحقهن. وأعرب مصدر مسؤول في وزارة الداخلية اليمنية «عن استغرابه الخبر الذي نشرته السفارة الأميركية بصنعاء على موقعها يوم أمس وزعمت فيه استخدام رجال الأمن العنف ضد المتظاهرات».

(الأخبار، رويترز، يو بي آي)