قلنديا | الأجواء بدت اعتيادية في مخيم قلنديا ما بين مدينتي رام الله والقدس المحتلة وسط الضفة الغربية، وكان من المواطنين من بدأ ينام، ومنهم من بدأ يصحو استعداداً لأول سحور في شهر رمضان، بينما الساعة تشير إلى الثالثة والنصف فجراً حين سمعوا أصوات دوريات الاحتلال تدخل المخيم، وبدأوا بالتحرك لمعرفة ما يجري.لأنه مخيم، بدأ الشبان يتحركون في المحيط الذي تتنقل فيه قوات الاحتلال، كأنهم هم من يحاصر الجيش لا العكس، فتبين أن الجيش توغل إلى المخيم في عملية سريعة لاعتقال مجموعة من الفتية بحجة رشق الحجارة على قوات الاحتلال. المواجهات اندلعت على الفور بين سكان المخيم وقوات الاحتلال، ما جعل جنود الجيش الإسرائيلي يفتحون النار على المواطنين بهدف القتل، وهو ما حدث، حيث استشهد الشابان معتصم عدوان (22 عاماً) وعلي خليفة (23 عاماً).
المصادر الأمنية والطبية أكدت لـ «الأخبار» استشهاد الفلسطينيين وإصابة ثالث برصاص جنود كانوا ينفذون اعتقالات في مخيم قلنديا، فيما أشارت مصادر في الاستخبارات إلى أن «الشابين نقلا فجر الاثنين الى مستشفى رام الله الحكومي، أحدهما كان مصاباً في الرأس اسشتهد على الفور، والثاني كان مصاباً بعيار ناري في بطنه نقل على أثره الى المستشفى قبل أن يفارق الحياة نتيجة جراحه البالغة، بينما أصيب شاب آخر بجراح متوسطة».
الناطق بلسان جيش الاحتلال الإسرائيلي قال إن قوة من الجيش كانت تقوم بما سماه «نشاط أمني» في المخيم لاعتقال عدد من الفلسطينيين بحجة أنهم «مطلوبون»، حيث تعرضت القوة للرشق بالحجارة، ما أدى الى إصابة خمسة من الجنود بجروح طفيفة، ورد الجنود بإطلاق الغاز المسيل للدموع، على حد
زعمه.
«الأخبار» تحدثت إلى عدد من المواطنين في المخيم، حيث رووا أن قوة عسكرية إسرائيلية مكونة من سبع آليات اقتحمت المخيم، وأمطر الجنود المخيم بوابل كثيف من العيارات المطاطية وقنابل الغاز المسيل للدموع لاستفزاز المواطنين، الذين احتشد العشرات منهم وتصدوا للجنود بالحجارة والزجاجات الفارغة. وبحسب المواطنين، فقد رد الجنود بإطلاق العيارات النارية باتجاه الأجزاء العليا من أجساد الشبان، كما اعتُقل خلال العملية شابان، هما وجيه أيمن الخطيب، وأنس مناصرة. وذكر شهود عيان أن جنود الاحتلال اعتدوا على الأهالي، وكسروا محتويات العديد من المنازل، خلال عملية الدهم التي استمرت ساعات طويلة.
تأتي تلك التطورات، في وقت اقتحمت فيه قوة معززة من جنود الاحتلال صباح الاثنين بلدة العيسوية وسط القدس المحتلة، ودهمت عدداً من منازل المواطنين بحثاً عما سمّتهم «المطلوبين» لدى أجهزتها الأمنية. وبحسب المصادر فإن قوات الاحتلال اقتحمت منازل عدد من الفتيان والشبان، الذين تفرض عليهم إقامات جبرية وحبس بيتي، وفتّشتها.
قوات الاحتلال تمركزت خلال العملية وبعدها، بالقرب من جامع الأربعين في البلدة، بينما أطلق عناصر هذه القوة بين الحين والآخر قنابل غازية على نحو عشوائي باتجاه منازل المواطنين وسط أجواء مشحونة، كما اعتقلت شاباً من قرية حوسان غرب بيت
لحم.
على الجانب السياسي، أدانت الرئاسة الفلسطينية «الجريمة الإسرائيلية» التي أدّت إلى استشهاد شابين في مخيم قلنديا. وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، «هذه محاولة إسرائيلية لخلق أجواء من التصعيد قبل أيلول»، وحمّل الحكومة الإسرائيلية مسؤولية هذا التصعيد.
كذلك استنكرت حركة «حماس» اغتيال الفلسطينيّين. وقال المتحدث باسم الحركة، سامي أبو زهري، إن «هذا الاجتياح دليل على الطبيعة الإسرائيلية العدوانية القائمة على استباحة الدم والاستخفاف بالمعتقدات والمشاعر الدينية». ودعا أجهزة أمن السلطة إلى «التوقف عن ملاحقة المقاومين، ورفع اليد عنهم ليتمكنوا من القيام بدورهم في حماية شعبنا الفلسطيني في ظل هذه الجرائم الإسرائيلية المستمرة».