إلـــى الـــوراء دُر


«المفاوضات أولاً»، يبدأ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس كلامه أثناء لقاء السفراء في تركيا الأسبوع الماضي، ضارباً عرض الحائط باتفاق المصالحة مع حركة حماس التي اشترطت أولاً وأخيراً إلغاء المفاوضات مع الحكومة الإسرائيلية. يكمل الرئيس كلامه الملغوم ليكرر في نهاية كل جملة «ولكننا سنذهب إلى المفاوضات أولاً»، وكأننا لم نفهم من المرة الأولى أنه سيذهب إلى المفاوضات عاجلاً أو آجلاً، وأن غزله مع الإسرائيليين لن ينتهي ما زال الأخ رئيساً للسلطة الفلسطينية ومتحدثاً رسمياً باسمها.

كلام عبد الله غول كان مشرفاً أكثر من كلام ذلك الفلسطيني العربي (صاحب القضية)، إذ تحدث غول عن استيائه من استمرار عملية الاستيطان التي باتت تقسّم وتعزل مدن الضفة الغربية بعضها عن بعض، وتحدث أيضاً عن انتهاك إسرائيل للقرارات الدولية وارتكابها جرائم حرب في قطاع غزة. كُل هذا الكلام، ولا يزال محمود عباس متمسكاً بالمفاوضات، لماذا يا ترى؟ أسأل نفسي كل يوم هذا السؤال، ما هو الثمن الذي يُقدم للرئيس الفلسطيني من تحت طاولة لقاء كل ما يتنازل عنه من أراضٍ ودماءٍ فلسطينية. لا أحد يعرف ما الثمن، أساساً لم يعد أحد يفهم شيئاً هذه الأيام لأن ما يحدث هو في قمة الغرابة! بالنسبة إلي أصبحت مشاهدة محمود عباس على التلفاز أشبه بأخذ جرعات من «سمّ البدن على الصبح»، ربما في السجون الإسرائيلية أصبحوا يعذبون الأسرى الفلسطينيين من خلال إجبارهم على مشاهدته وهو ينطق بمثل هذا الكلام، كل شيء وارد! والغريب أكثر أن حركة حماس لم تصدر بياناً تعلّق فيه على ما ورد عن محمود عباس، أنا لم أسمع شيئاً حتى الآن، أيعقل أن تكون موافقة من مبدأ أن «السكوت علامة الرضى» لطالما كان التفاوض غير مباشر معها بل من خلال السلطة؟ إنها فعلاً لمهزلة! الوضع الفلسطيني يشبه حل الألغاز، لم أعرف مَنْ يريد ماذا، ومَنْ مع مَنْ؟ ماذا يريد هؤلاء ولماذا الكل لا يحرك ساكناً على بناء تلك المستعمرة أو الاستمرار في بناء ذاك الجدار؟
أتعرف يا صديقي، كم أتمنى لو تشّم فلسطين نسيم الربيع العربي الآتي من مصر، فتصاب بعدواها، «الشعب يريد إسقاط النظام»، «الشعب يريد إسقاط المفاوضات»، «الشعب يريد وحدة وطنية حقيقية»! لكننا اليوم وللأسف مجبرون على الاستدارة دائماً إلى وراء قبل أن نخطو ولو خطوة واحدة إلى الأمام، فإسرائيل تطعننا من الأمام ومحمود يطعننا من الخلف! أعداؤنا هم أيضاً من منّا وفينا، كيف نحاربهم؟

بيروت ـــــــ إيمان بشير

■ ■ ■

يصطفلوا...!



حتى لو باعوها بالمزاد العلني، لو وقف ابو مازن السيد الرئيس ووقف بجانبه رموز منظمة التحرير ورؤؤسها ووضعوا الضفة الغربية وقطاع غزة وفلسطين المحتلة عام 1948 في مزاد علني وحملوا أجراسهم وبدأوا بالبيع والشراء،وتقدم الأتراك والإيرانيون بالطبع ايضاً مشايخ الخليج «ليهدوها إلى الصهاينة مجاناً مرة أخرى» هل يستطيع القادم بشرعية أوسلو أن يجعل ابن الجليل يتوقف عن القول انه من الجليل؟
هل يستطيع قادة الفصائل والحركات والجبهات بجرة قلم أن يجعلوا ابن القدس يتنازل عن مقدسيته؟؟
لا . ولا ألف منظمة ولا ألف رئيس سينزع من ملايين البؤساء في المخيمات الفلسطينية حقهم التاريخي في أرضهم السليبة، فالحق في فلسطين لا يمنحه سفر التثنية لموسى على جبل مادبا في الأردن بطريقة اقطاعية، ولا كل التوراة والتلمود واجماع الحاخامات اليهود والصهاينة على ان هذه الأرض موعودة من يهوه لشعبة المختار، كل هذه الترهات التوراتية والخزعبلات الصهيونية لن تستطيع يوماً أن تجعل من فلسطين وطناً قومياً لليهود، فاليهودي الإثيوبي ليس من نفس قومية اليهودي البولندي، لكن السامري الفلسطيني من نفس قومية البهائي والسني والشيعي والمسيحي والأحمدي الفلسطيني.
كل الكون لو اجتمع فلن يجعل من يافا ... يافو. حتى لو صدحت كل اللافتات بالعبرية انها يافو، لن يغيروا الميناء والسمك والتراب والبرتقال وعنب الخليل وجوافة قلقيلية وزيت نابلس، كل الكون لن يغير فلسطين. فلسطين هي فلسطين، لذا، أختي المبجلة إيمان رفقاً بنفسك ودعك من متابعة عباس أو هنية أو حتى ملوح، كل ديك على مزبلته صياح، لكن لنا موعد ن لم نصله فأبناؤنا وأحفادنا سيصلونه، موعد مع الفجر... فجر فلسطين ...أليس الفجر بقريب؟

الأردن ـــــــ عبد الله درويش