أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، أمس، أنه سيطلب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قطع العلاقات مع السلطة الفلسطينية، مدّعياً أنَّ الفلسطينيين «يستعدون لسفك دماء لم يسبق له مثيل» بعد التصويت على قرار الاعتراف الأممي بالدولة الفلسطينية في أيلول المقبل.
وأوضح ليبرمان أنَّ السلطة الفلسطينية تبذل جهوداً «لتقديم ضباط إسرائيليين كبار إلى المحكمة الدولية في لاهاي»، مشدداً على أنه سيطلب قطع الاتصال على مستويات المياه والمالية والخارجية. وتابع ليبرمان أنه «لا يمكن نيل تنسيق أمني، وأيضاً تقديم جنود الجيش الإسرائيلي الى محكمة لاهاي».
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي «في الوقت الذي يتحدثون فيه عن وضع ليس عنيفاً، هناك أكبر استعدادات لسفك الدماء»، مدّعياً «عندما تجهّز تظاهرة فيها عشرات آلاف الرجال سينقضّون على الحواجز ويدخلون من دون فحص، فكل واحد يستطيع أن يتخيّل ماذا سيحصل لو أنَّ 30 إلى40 ألف إنسان يحاولون عبور الحاجز بالقوة. الفلسطينيون يُعدّون لهذا بأدق التفاصيل. هذا استعداد للعنف بمقاييس لم نرها».
لكنَّ ما قاله ليبرمان لا يتوافق مع ما نشرته صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية في عددها الصادر أمس، حين قالت إنَّ السلطة الفلسطينية أمرت قوات الأمن الفلسطينية بأن تمنع انحدار التظاهرات في أيلول المقبل إلى نقطة التصادم مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، مثل الحواجز والمستوطنات. وتابعت الصحيفة أنَّ هذه الأوامر نقلت إلى قادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الأسابيع القليلة الماضية في أعقاب التخوف من مواجهات عنيفة على نطاق واسع بين آلاف الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي. وقالت الصحيفة إنَّ السلطة الفلسطينية قد مررّت أيضاً رسائل مشابهة إلى الجيش الإسرائيلي، مفادها أنَّ الفلسطينيين يريدون منع التظاهرات العنيفة التي من شأنها أن تؤدي الى تصعيد بين الجانبين وتحطيم التنسيق الأمني.
وقال رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، عضو الكنيست شاؤول موفاز، إنه سمع من قائد هيئة الأركان مائير غالنت أنه سيجنّد احتياطاً إذا دعت الحاجة. وذكرت الصحيفة الإسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي قلق من تبعات قرار المحكمة الاسرائيلية العليا من إخلاء ثلاثة بيوت في مستوطنة ميغرون بجانب رام الله، حتى نهاية أيلول، خوفاً من تقديرات تشير إلى أن المستوطنين سيقدمون على ممارسات انتقامية ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم.
وتابعت «هآرتس» أن السلطة الفلسطينية تنوي تنظيم التظاهرات في قلب المدن الفلسطينية الكبرى، لا على نقاط التماس، ومنع إمكان الصدام العنيف. وستحصل هذه التظاهرات تحت رعاية منظمة التحرير الفلسطينية ورقابة قوات الأمن الفلسطينية. وتابعت الصحيفة أن قيادة منظمة التحرير الفلسطينية تطلب أن تتحول الأحداث المخطط لها ابتداءً من 20 أيلول إلى تظاهرة تأييد كبيرة لأبو مازن وقيادة فتح، ومنع حماس من التدخل في تنظيم التظاهرات.
وزادت الصحيفة الإسرائيلية أنه رغم «تحسن» الحال الاقتصادية في الضفة الغربية المحتلة، وافتتاح عدد من المصالح الصغيرة، إلا أنَّ شعور الناس في القرى ومخيمات اللجوء هو أن التغيير الإيجابي في العالم العربي لم يصلهم حتى الآن، مشيرة إلى أن غالبية سكان الضفة يعيشون براتب منخفض، والسلطة الفلسطينية التي تشغّل ما يقارب 150 ألف موظف تدخل أزمة اقتصادية، حيث تأخرت الرواتب. وأشارت«هآرتس» إلى أنه ليس واضحاً ما إذا كانت السلطة الفلسطينية ستدفع الرواتب في شهر أيلول. وإن عدم دفع الرواتب من شأنه أنَّ يؤدي إلى غليان.
وفي السياق، كتب يسرائيل زيف في صحيفة «معاريف» أن «أمام إسرائيل إمكانيّتين أساسيّتين للتأثير على الخطوة في الزمن الباقي؛ الأولى هي عرض حل سياسي شجاع يدفع الفلسطينيين إلى تأجيل الخطوة الأحادية الجانب والعودة فوراً الى طاولة المفاوضات. الإمكانية الثانية هي خطوة مفاجئة تتمثل في استعداد إسرائيلي للتصويت إلى جانب الاعتراف». وتابع «مثل هذه الخطوة ستفتح أمام الفلسطينيين أيضاً إمكان تأييد أميركي في مجلس الأمن، وسترفع عدد الدول المؤيّدة، وتنزع تهديد العقوبات الإسرائيلية الأحادية الجانب.
إسرائيل، في المقابل، ستستخلص هي أيضاً فضائل من الخطوة: فهي ستجمع نقاط مهمة في الساحة الدولية تمنع مضمون إعلان إشكالي بالنسبة إليها، تعيد الفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات في المسائل الأساس، ولن تفقد السيطرة على الخطوة السياسية». ويخلص الكاتب إلى أنه «على مسافة خمسة أسابيع من الموعد النهائي، الإبداع والشجاعة هما المخرج المطلوب».