تلتزم الحكومة العراقية الحذر في تعاملها مع الأزمة التي تشهدها سوريا، في موقف يرى محللون أنه يوازن بين قربها من إيران الداعمة لدمشق، و«العمق العربي» الذي ترتفع فيه أصوات تعارض إجراءات النظام السوري. ومنذ تأكيد رئيس الوزراء نوري المالكي، نهاية حزيران الماضي، أن «استقرار المنطقة ككل، مرتبط باستقرار سوريا وأمنها»، لم تصدر الحكومة العراقية أي موقف صريح من الحراك المناهض للنظام، قبل أن يتحرك رئيس البرلمان اسامة النجيفي، أول من أمس، من خلال دعوته الحكومة السورية إلى اتخاذ «موقف جريء لوقف نزف الدم». وعلّق وكيل وزارة الخارجية لبيد عباوي على الموقف العراقي قائلاً «موقفنا ينص على دعوة الحكومة السورية الى إجراء إصلاحات تتناسب مع تطلعات الشعب، ونحن لا نتفق على استخدام العنف سواء من قبل القوات الحكومية أو من قبل الجماعات المسلحة». وأضاف «نأسف لتصاعد العمليات العسكرية، ونتمنى أن تتوقف، وأن تبدأ الاصلاحات في سوريا». من جهته، يرى الباحث والاكاديمي العراقي احسان الشمري أن «الحكومة العراقية تتبنى موقفاً حذراً حيال الاحداث في سوريا، وهو موقف مرتبط بالصراع السياسي بين إيران ودول عربية، في مقدمتها السعودية».
ويوضح أن «إيران الداعمة للنظام السوري لاعب رئيسي في العراق، وتملك مواقع نفوذ كثيرة في حكومته ودولته، لذا فإن اتخاذ مواقف مغايرة تجاه أحداث سوريا قد ينعكس سلباً على كثير من الملفات المشتركة بين العراق وإيران». كذلك، فإن العراق، وفقاً للشمري، «لا يريد أن يخسر العمق العربي بعدما بدأت الدول العربية ترفع من نبرتها في وجه نظام (الرئيس بشار) الأسد».
وعن إمكان أن تسير بغداد على خطى الرياض والمنامة والكويت في استدعاء سفيرها من دمشق، شدد عباوي على أن هذا الموضوع «أمر غير مطروح أبداً حالياً». بدوره، رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة المستنصرية، عزيز جبر، أن «الحكومة العراقية تعتمد موقف اللاموقف وتتحدث بالعموميات» إزاء الملف السوري، مشيراً إلى أن «هذا الأمر مرتبط بالموقف الإيراني الداعم للنظام السوري»، مؤكداً أن العراق «سيميل إلى الجانب الإيراني أكثر من ميله إلى الاطراف العربية».
ويرى جبر أن «مجلس التعاون الخليجي يقود الحملة ضد النظام في سوريا، والعراق لا يملك علاقات جيدة مع هذا المجلس وبعض أعضائه، وخصوصاً السعودية». وفي السياق، يلفت الشمري إلى أن «شيعة العراق عانوا من حزب البعث، ويتطلعون الى تغيير تأتي معه الديموقراطية الى سوريا. لكن إذا رحل الأسد وبرزت جهات متشددة أو سلفية في الحكم بدلاً منه، فسيكون الشيعة في العراق معارضين لتولّي الاسلاميين الجهاديين السلطة هناك، إذ يرون أن هذا الامر سيغيّر كثيراً في المعادلات والعلاقات بين الطرفين».
(أ ف ب)