أوحت الصور الواردة من المدن السورية، حتى بعد ظهر أمس، بأنّ الأوضاع تتجه إلى نوع من التهدئة العسكرية. لكن، مع الساعات الأولى من المساء، تبدّل المشهد، مع ورود أنباء عن سقوط 24 قتيل على الأقل، 16 منهم في مدينة حمص، مع استمرار عمليات الجيش في دير الزور وغيرها من القرى والبلدات. وأكّد ناشطون في مدينة حمص مقتل 16 شخصاً قبل ساعة من موعد الإفطار. وقال أحدهم في اتصال مع وكالة «فرانس برس» إن «قوات الأمن أطلقت النار عشوائياً في حي بابا عمرو، فقتل 16 شخصاً، والجثث ملقاة في الشارع ولا يمكن انتشالها بسبب إطلاق النار»، مشيراً إلى أن «هناك نحو عشرين جريحاً ممددين على الأرض»، بالتزامن مع «حملة اعتقالات في المنازل». وعلق ناشط آخر «لقد فوجئنا بإطلاق النار، فلم تكن هناك تظاهرة في المدينة مع استعداد الناس للعودة الى منازلهم لتناول الإفطار». وبذلك، ارتفعت إلى 24 قتيلاً حصيلة يوم أمس إثر مقتل سيدة في بلدة سرمين بمحافظة إدلب، بحسب مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن الذي سبق أن أعلن أن ثلاثة من أهالي حمص توفّوا نتيجة التعذيب أثناء اعتقالهم لدى الأجهزة الأمنية، اضافة الى مقتل 7 في مدن أخرى دخلها الجيش.وكانت السلطات السورية قد حرصت على تأكيد انتهاء حملتها الأمنية في مدينة حماه بعد عشرة أيام من دخول قوات الجيش السوري إليها. وجاء التأكيد السياسي على إنهاء الجيش وجوده في مدينة حماه على لسان وزير الخارجية وليد المعلم، الذي أشار إلى أن القطع العسكرية بدأت مغادرة المدينة بالفعل. أما التأكيد العسكري، فتولّاه ضابط شدّد، أمام عدد من الصحافيين الذين نظمت لهم السلطات السورية جولة في المدينة، على أن «الجيش خرج نهائياً من حماه عائداً إلى ثكنه العسكرية بعدما نفذ مهمته الوطنية». كذلك، أكد مصدر مسؤول لوكالة الأنباء السورية «سانا» أنّ وحدات الجيش «استطاعت أن تستعيد كميات من الأسلحة وأجهزة الاتصال اللاسلكي»، فضلاً عن استعادة «مبالغ مالية كبيرة كانت قد سطت عليها هذه المجموعات أثناء اقتحامها وتخريبها للمصرف الزراعي في مدينة صوران».
وشملت زيارة الصحافيين ساحة العاصي، حيث يقع مبنى المحافظة في وسط المدينة، وقد بدت «خالية باستثناء بعض السيارات والمارة» بحسب مندوبي وكالات الأنباء. كذلك زار الوفد الإعلامي مركزاً للشرطة «أحرقه ودمّره مخربون» بحسب ضابط شرطة أكّد أن «كل المراكز الأمنية تعرضت لهجمات متزامنة من قبل المخربين الذين قتلوا 17 شرطياً». وفي وقت لاحق، أعلن مصدر عسكري بدء انسحاب الجيش السوري من محافظة إدلب. غير أن «اتحاد تنسيقيات الثورة السورية» في حماه أبلغ فضائية «الجزيرة» بأن الآليات السورية عادت الدخول إلى حماه فور مغادرة السفير التركي والصحافيين.
ولم ينعكس هدوء حماه على مدينة سرمين في محافظة إدلب، حيث بدأت القوات السورية عملية عسكرية في المدينة شأنها شأن بلدة تفتناز الواقعة على بعد 30 كيلومتراً عن الحدود مع تركيا التي دخلتها عربة مصفحة وعشر حافلات جند.
إلا أن مصدراً رسمياً سورياً نفى مقتل أي شخص في بلدة سرمين، مشيراً إلى أن «عنصراً من قوات حفظ النظام قتل وجرح آخر بكمين مسلح نصبته مجموعة إرهابية في خان شيخون على الطريق الدولية بين حماه وحلب».
أما مدينة دير الزور، فأكد «المرصد السوري» لوكالة «فرانس برس» أن «الدبابات والمدرعات العسكرية وسيارات الأمن سيطرت على أحيائها لتنفيذ حملة مداهمات واعتقالات، أدت إلى اعتقال ما لا يقل عن 60 شخصاً.
وفي جديد الحملة الأمنية، تحدث «المرصد» عن «اقتحام قوات هائلة من الجيش مدينة زملكا وعربين وحمورية في ريف دمشق، ومصادرة قوات الأمن جميع الدراجات النارية والبدء بحملة اعتقال كبيرة» مع قطع كامل للاتصالات.
(أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)