دمشق | تتجوّل الدبابات والمدرعات في الشارع. ينزل بعض المسلحين ويدخلون البيت ليفتشوه وفق قائمة موجودة بين أيديهم. في البناء المُقابل، يُسمع صوت طلق ناري، فتتولى إحدى المصفحات قصف البناء بمن فيه. على أبواب المحل المجاور المغلق، تقرأ عبارة: «الجنود مروّا من هنا»، أو «23 مليون شبيح». ثمة محل آخر اقتحمه مسلحون لسرقة مواد صالحة للأكل. السطور السابقة ليست وصفاً لأحداث تجري في مجاهل أفريقيا ولا في أفغانستان ولا حتى في الأراضي الفلسطينية المحتلة. إنها في دير الزور التي تعيش حلقات مسلسل الحل الأمني بعدما ذاقت مراراته شقيقاتها من المدن السورية.هكذا يروي عدد من شهود العيان الذين نجحوا بالهروب خارجين من عالم الموت في أرض الفرات، كما يقولون: «جئنا الى هنا لأن آلة القمع والاعتقال تلاحق الناشطين في كل بقعة على الأراضي السورية»، يقول مروان الناشط في المجتمع المدني كما عرّف عن نفسه. ويكمل «منذ أسبوع، وعائلات المدينة تغادرها باتجاه دمشق وحلب والحسكة، أما الفقراء فتوجهوا صوب القرى وبقي في المدينة المسكونون بحب الفرات ومن قرر أن يواجه القبضة الأمنية».
ليل الجمعة ـــــ السبت الماضي كان الفرصة الأخيرة للمرور من وإلى دير الزور؛ فالطرق المؤدية إلى المدينة أُقفلت، وشهدت المدينة حصاراً تاماً مع دخول سيارات مصفحة وآليات عسكرية مُحمّلة بجنود تمركزوا عند المداخل الرئيسة. يومها، أيقن الجميع أنه آن أوان دير الزور لتكون مسرحاً لعملية أمنية جديدة هدفها كما كل مرة، «القضاء على العصابات المسلحة».
يتحدث الشاب عن دخول الدبابات والجرافات المدينة مع ساعات الفجر الأولى لتصدح المساجد بعبارات التكبير. في منطقتي الجورة والحويقة، تمركزت الدبابات وانتشر الجنود بالإضافة إلى عناصر الأمن، بينما اعتلى القناصة أسطح المباني بما فيها المستشفيات في الحويقة، وبدأوا بإطلاق النار على أي شخص يمر في الطريق. في هذه الأثناء، غابت الكهرباء وساد الظلام، فيما انقطعت الاتصالات عن المنطقة بأكملها. أما في الجورة، فقد عمد عناصر الأمن إلى دهم البيوت وإطلاق النار على عدد كبير من الأبنية، وفرض حصار خانق دفع الأهالي إلى دفن الشهداء في الحدائق. لكن القصف، كما يقول الشاب الناشط، «تراجع نوعاً ما في الجورة والحويقة». أمّا السبب، فهو لأنه «لم يبق شيء ليُضرب فيها».
المشهد ذاته يتكرر في حي القصور والموظفين والعمال، حسبما تفيد المعلّمة الثانوية ريم. هنا أيضاً، ثمة اقتحام للبيوت واعتقالات ومنع للتجوال. لكن الاقتحامات لا تتوقف عند حد التفتيش أو الاعتقال، فكل بيت خالٍ من أهله «ينهب ويخرب ما لا يستطيعون سرقته. أمّا المحال التجارية، وخاصة تلك التي تحوي مواد غذائية، فقد تعرضت للكسر والتحطيم وسرقة ما فيها مما يؤكل». أما المساجد، فكان لها شأن آخر، بحسب تعبير ريم التي تعمل في إحدى ثانويات المدينة، حيث تقول «بعد أصوات التكبير التي لم تتوقف في المدينة، اقتحم عناصر الأمن عدداً من دور العبادة، وكتبوا على جدرانها عبارات مثل: جنود الأسد مرّوا من هنا، الأسد أو لا أحد، 23 مليون شبيّح». ولاكتمال الصورة، أحضروا أسلحة وذخائر ووضعوها في أحد الجوامع لتقوم كاميرات الفضائية السورية وقناة الدنيا بتصويرها على أنها تابعة للعصابات المسلحة. ولم يكتفوا بذلك، حتى أفران الخبز والمقابر «لم تسلم من شرهم»، تختم حديثها.
المشهد الفراتي لا يكتمل إلا بالحديث مع العديد من أبناء المنطقة، ففريد، الطالب الجامعي، يعلّق على ما يجري بالقول «بات المشهد روتينياً أن ننام ونصحو على صوت إطلاق النار. بالأمس يوم غادرنا دير الزور، كانت أرتال الدبابات تتجه إلى منطقة العرضي والصناعة وحي الحميدية، كما أغلقت المشافي الخاصة إثر تهديد من فيها من كادر طبي». البعض تحدث عن سرقة سيارات الإسعاف على أيدي عناصر الأمن الذين سيطروا على المستشفيات العامة، مما جعل نقل أي جريح الى المستشفيات الحكومية أمراً محفوفاً بالمخاطر. وعندما حاول بعض الشبان إقامة مستشفيات ميدانية بمساعدة الأطباء المقيمين في بعض الأحياء، قام عناصر الأمن باعتقال عدد من الأطباء، وضرب الصيدليات لمنع وصول أي مواد طبية للجرحى.
الطالب الجامعي توقّع أن تنسحب الآليات والدبابات من المدينة في غضون الأسبوع المقبل، لكن ذلك، حسبما يقول، «لا يعني عودة الحياة إلى طبيعتها، فمدينة البوكمال انسحب منها الجيش لكن عناصر الأمن يدخلون ويعتقلون ويضربون من يشاؤون، مثلما حصل في حمص والمعضمية وحماه ودرعا».
وعن سؤال «الأخبار» حول احتمال المواجهات، يتابع فريد «أشرتم في «الأخبار» الى احتمال اندلاع مواجهات مسلّحة بين الجيش وعناصر الأمن من جهة، وأهالي الريف والعشائر من جهة أخرى، وهو ما لم يحصل حتى الآن. وربما يعود الأمر إلى الجهود التي بذلها العديد من وجهاء المدينة لضمان سلمية الثورة، إضافة إلى دخول الجيش المدينة من دون اقتحام القرى التي لم تتحرك حتى الآن، لأن اندلاع مواجهات مسلّحة سيخدم النظام أكثر من أي طرف آخر، وخاصة مع تزايد الضغوط الدولية عليه». ويلفت فريد إلى أن من ظهر على شاشة التلفزيون على أنهم شيوخ العشائر، ودعوا النظام والجيش إلى دخول المدينة و«تخليصها من العصابات المسلحة»، هم ليسوا بشيوخ بل مجرد «أشخاص غير معروفين كثيراً في أوساط دير الزور».
في المقابل، يتحدث الشهود الثلاثة عن وصول عدد قتلى المدينة إلى قرابة المئة في مقابل مئات الجرحى على أقل تقدير، وخصوصاً أنّ هناك ضحايا سقطوا ولم يتمكن الناشطون ولا حتى «التنسيقيات» من تحديد هويتهم. أما المفقودون، فيُقدّر عددهم بالمئات. هكذا تمضي دير الزور أيام شهر رمضان؛ تصوم وتفطر وتقضي أوقات السحور وهي تتذوق طعم الرصاص والموت.



دعوة إلى طرد السفير السوري من القاهرة

دعت صحيفة «اليوم السابع» المصرية، أمس، إلى طرد السفير السوري يوسف أحمد من القاهرة، باعتباره رجل النظام الذي يمثّل «عصابة من القتلة تستبيح الدم السوري». وكتب رئيس تحرير صحيفة «اليوم السابع» خالد صلاح: «إذا كنّا مخلصين لقيم الحرية والعدل ومقاومة القهر والقمع والقتل والطغيان، يجب أن نطرد رجل (الرئيس السوري) بشار الأسد من القاهرة، أو أن يُعلن هذا السفير أن السفارة السورية هي أولى الأراضي المحررة من عسكرة الدم».
(يو بي آي)

«تنسيقيّة جزائريّة لدعم الثورة السوريّة»

أعلن في الجزائر، أمس، إنشاء «التنسيقية الجزائرية لدعم الثورة السورية» بمبادرة من الجمعية الجزائرية للإغاثة الإنسانية. وقال مصدر في «التنسيقية» إنها «تتألف من سياسيين وناشطين حقوقيين ونقابيين وإعلاميين وأساتذة وطلبة تهدف إلى تقديم الدعم والمساندة إلى الشعب السوري والتضامن مع ثورته». وأشار إلى أن هذه الهيئة مفتوحة لكافة فئات المجتمع الجزائري. ودعا رئيس هذه التنسيقية عبد العزيز حريتي، إلى «طرد السفير السوري من الجزائر، واستدعاء السفير الجزائري لدى سوريا».
(يو بي آي)

صحافيّون أتراك في حماه

دخلت مجموعة من الصحافيين الأتراك، أمس، إلى سوريا، عبر معبر باب الهوى لمتابعة الأوضاع في المدينة غداة يوم من زيارتها من طرف السفير التركي لدى دمشق. وأفادت وكالة أنباء الأناضول التركية الحكومية، أن فريق الصحافيين الأتراك الذي ضم مراسلاً ومصوراً للوكالة، غادر عبر معبر باب الهوى، بعد إعلان الجيش السوري سحب دباباته من المدينة. ورافقت الشرطة التركية فريق الصحافيين، المكون من عشرة أشخاص، إلى الجانب التركي من المعبر، واستقبلهم مسؤولون من القنصلية السورية العامة في هاتاي بعدما قطعوا المنطقة العازلة.
(يو بي آي)