واصل المسؤولون الأتراك، أمس، تكثيف مواقفهم التصعيدية إزاء النظام السوري، متحدّثين للمرة الأولى عن احتمال تنظيم المواقف الإقليمية المعارِضة للرئيس بشار الأسد بشكل موحَّد، وهو ما كشف عنه وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأردني ناصر جودة في اسطنبول. وجدّد داوود أوغلو مطالبته بوقف سفك الدماء في سوريا وانسحاب الجيش من جميع المدن وإعادة الوضع إلى طبيعته. ونقلت وكالة أنباء الأناضول عنه قوله إنّ تركيا والأردن «تتمنيان وتطالبان بإعادة إحلال الاستقرار في سوريا»، مشيراً إلى أنه أجرى خلال اللقاء تقويماً للتطورات في المنطقة وخصوصاً في سوريا.وفيما جدّد المطالبة بـ«وقف سيل الدماء (في سوريا) من أجل استعادة الاستقرار»، أشار إلى ضرورة «وقف جميع العمليات العسكرية فوراً في جميع المدن. يجب سحب كل الوحدات العسكرية من المدن وإعادة الوضع إلى طبيعته. نعيد تأكيد تصميمنا على هذه المسألة انطلاقاً من أنه لطالما دعمت تركيا المطالب المشروعة للشعب السوري».
وتابع داوود أوغلو: «نؤمن بشدة بأن مرحلة انتقالية سلمية في سوريا من شأنها أن تسهم كثيراً في استقرار المنطقة، لذلك على نزف الدم أن يتوقف، وعلى الإصلاحات أن تدخل حيّز التنفيذ». ولفت إلى أنّ «مساهمة دولية لتشكيل سلوك دولي إقليمي مشترك إزاء الأحداث السورية أمر مهم للغاية، وفي هذا الإطار لدى تركيا والأردن الكثير لتفعلانه، فنحن جيران، وتحدّثنا بالفعل في هذا الموضوع، وسنحاول جاهدين تحقيق ذلك».
تجدر الإشارة إلى أنه سبق لكبير مستشاري داوود أوغلو، بولنت أراس، أن أوحى بتنظيم مؤتمر إقليمي بشأن الأحداث السورية، وذلك في مقال نشره في صحيفة «توداي زمان» قبل أيام. وعن هذا الموضوع، طمأن داوود أوغلو إلى مواصلة المشاورات مع دول المنطقة بشأن التطورات، بهدف اتخاذ خطوات موحّدة. وذكّر بأن تركيا والأردن وسوريا ولبنان بدأت في مطلع العام جهوداً لإقامة آلية عمل رباعية، معرباً عن ثقته بأن هذا الهدف يمكن أن يتحقّق. وقال «نؤمن بأن سوريا يمكنها أن تقدم مساهمة كبيرة في استقرار المنطقة لكونها دولة صديقة وجارة لكل دول المنطقة، إذا ما أجرت عملية تحوّل ديموقراطي سلمية، ولكن يجب أن يتوقف سفك الدماء أولاً من أجل تطبيق الإصلاحات».
وفي السياق، استطرد بأنه «إذا استمرت العمليات في سوريا وأصبحت مشكلة إقليمية، فمن الطبيعي ألا تبقى تركيا بلا حراك». وأجاب، رداً على تقرير صحافي يفيد بأن تركيا قد تقيم منطقة عازلة على طول حدودها مع سوريا، بأن «مثل هذا التطور غير قائم حالياً، نحن نتحدث عن حدود ممتدة 900 كيلومتر»، في تكرار لنفي مسؤولي وزارة الخارجية أول من أمس للتقرير الذي تحدث عن خيار المنطقة العازلة التركية داخل الأراضي السورية. ومع إرفاق تصريح داوود أوغلو عن الموقف الإقليمي الموحَّد، إلى كشفه قبل يومين أنه يجري اتصالات مع حكام القاهرة والرياض وعواصم إقليمية أخرى نافذة في المنطقة بشأن الوضع السوري، من جهة، واعتبار وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أن دعوة أنقرة والرياض الرئيس الأسد للتنحّي ستكون أجدى من دعوة أميركية في هذا الصدد من جهة أخرى، يصبح ممكناً تلمُّس مسعى تركي جدّي لـ«أقلمة» الأزمة السورية، بعد «الكلمة الأخيرة» التي وجهتها أنقرة لدمشق أول من أمس.
أما نظيره الأردني جودة، فقد شدّد بدوره على ضرورة أن يقرر الشعب السوري مصيره بنفسه، قائلاً إن «أي نوع من المستقبل وأي نموذج يريدون فرضه على بلادهم، هما من الأمور التي يجب أن يحددها السوريون، وفي هذا السبيل يجب أن يتوقف القتل.
(الأخبار، رويترز، يو بي آي)