القدس المحتلة| بعد هدوء لفترة ليست بالقصيرة، فوجئت دولة الاحتلال، أمس، بعملية نوعية من العيار الثقيل؛ عملية مركّبة وبالغة التعقيد، على حدّ وصف الجيش الإسرائيلي، تكوّنت من ثلاث مراحل، ولم تتمكن القوّات الأمنية الإسرائيلية من التعامل معها، أو حتى إيقافها، كما أنّها لا تعلم حتى اللحظة كيف جرى التخطيط لها، ومن أين أتت الخلية المهاجمة، أو حتى عدد منفذيها. بصدمة شديدة تناقلت وسائل الإعلام العبرية، وكذلك المستوى الأمني والسياسي في إسرائيل، نبأ إطلاق نار على حافلة إسرائيلية على الطريق إلى إيلات (جنوب فلسطين المحتلة)، قبل أن يتحول الأمر الى إطلاق نار على سيارة مدنية، ثم هجوم بصاروخ على حافلة ثانية، واشتباك مسلّح في منطقة ثالثة، وسقوط قتلى وجرحى في صفوف الإسرائيليين بينهم جنود، إضافة الى 7 من منفذي العملية كما أعلنت المصادر العسكرية الإسرائيلية، على عكس الإعلام الإسرائيلي الذي قال إن منفذي الهجوم لاذوا بالفرار.
وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال، البريغادير يوؤاف مردخاي إن «ثلاث هجمات منفصلة وقعت في جنوب إسرائيل»، مضيفاً إنه «في الهجوم الأول تعرّضت حافلة عمومية كانت تقل مدنيين وجنوداً إسرائيليين للهجوم بأسلحة رشاشة، وفي الثاني تعرضت سيارة خصوصية لإطلاق نار، وفي الثالث أطلق المنفذون قذائف هاون أو صواريخ مضادة للدبابات». كما وصف الأمن الإسرائيلي العملية بأنها معقدة جداً ومفاجئة، ونُفذت بتفان واحتراف شديدين.
وفور وقوع الهجمات، أعلنت إسرائيل حالة تأهب قصوى على الحدود الإسرائيلية المصرية، فيما وصل الى مستشفى «يوسف تال» في إيلات 7 قتلى و27 جريحاً، بينهم 5 جرحى في حالة حرجة من العملية الثانية، وتم نقل 7 جنود إسرائيليين إلى مستشفى «سوروكا». وفي تفاصيل العملية، أفادت المعلومات الأولية بأنّه مع وصول عناصر من خلية مسلحة إلى محيط إيلات، أقلّتهم سيارة إلى منطقة العملية، ترجلوا من السيارة وبدأوا بإطلاق النار على الحافلة الأولى، وبدأ الاشتباك مع جنود الاحتلال، قبل أن يتم إطلاق النار على سيارة ثانية، ليعقبه هجوم بصاروخ على حافلة ثالثة تقل جنوداً إسرائيليين.
وقالت المصادر العبرية إنّ قوات الأمن الإسرائيلية شنّت حملة مطاردة واسعة لملاحقة المنفذين، الذين على ما يبدو نفّذوا عملياتهم قرب الجانب المصري من الحدود. وأكّدت أنّه جرى تبادل لإطلاق النار بين المنفذين وقوة من القوات الخاصة الإسرائيلية، التي أغلقت الطرق المؤدية الى مكان تنفيذ العملية، كما أُقيمت نقاط تفتيش عند مدخل إيلات، في محاولة لإلقاء القبض على المنفذين أو قتلهم بمشاركة مروحيات حربية.
ورغم تخمينات أولية بقدوم منفذي العملية من الجانب المصري، وهو ما نفته مصادر مصرية، فإن أجهزة الأمن الإسرائيلية ومسؤولاً إسرائيلياً رفيع المستوى أكدوا أن منفذي العملية قدموا من قطاع غزة بعد التسلل عبر الحدود المصرية من خلال محور صلاح الدين «فيلادلفي»، وهو ما نفته «حماس».
وبحسب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، فإن عدد منفذي الهجوم غير معروف على الإطلاق، وعدد القتلى في صفوفهم يتراوح بين 3 إلى 7 أشخاص. في وقت بدأ فيه البحث عن خلايا أخرى قد تكون ساندت الهجوم ولا تزال في المنطقة.
لكن وفقاً للتقديرات العسكرية الإسرائيلية، فإنه، نسبة الى نوعية العملية وكفاءة تنفيذها، قد يصل عدد منفذيها إلى 20 شخصاً، قُتل منهم سبعة وتمكن الباقون من الفرار، وهو ما يعكس حالة تخبط في المستوى العسكري الإسرائيلي، بعد هذا الهجوم المفاجئ.
من جهة ثانية، ذكر موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تلقت معلومات من الأجهزة الأمنية الأردنية قدرت وقوع عملية عسكرية في مدينة إيلات، وجرى هذا قبل دقائق من وقوع العملية.
على المستوى السياسي، عمل وزير الدفاع إيهود باراك على تقويم الأوضاع عبر تواصله مع القوات على الأرض في موقع العملية. وتوعّد بالردّ «بقوة» على الهجمات، متهماً «قطاع غزة» بالوقوف وراء العملية. واعتبر خلال مشاورات أمنية أن «الهجوم الخطير في جنوب البلاد يعكس انخفاض السيطرة المصرية على شبه جزيرة سيناء واتساع نشاط العناصر الإرهابية»، مضيفاً إن «مصدر النشاطات الإرهابية هو قطاع غزة»، وإن «إسرائيل ستعمل ضدها بمنتهى القوة والصرامة».
كذلك طلب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عقد جلسة للمجلس الأمني المصغر في أسرع وقت ممكن. وقال في بيان صدر عن مكتبه «نتحدث عن حادث خطر تعرض فيه إسرائيليون للأذى وتم الاعتداء على سيادة اسرائيل». وهدد بـ«رد شديد». وفي ما يبدو ترجمة للتهديدات، قالت لجان المقاومة الشعبية إن ضربة جوية اسرائيلية أسفرت عن استشهاد قائد الفصيل الفلسطيني المسلح وأربعة من رفاقه، إضافة إلى طفل، في جنوب قطاع غزة. وقالت لجان المقاومة الشعبية، وهي فصيل يعمل غالباً مستقلاً عن حماس، ان القائد الشهيد هو كمال النيرب. وأكد مصدر عسكري اسرائيلي الضربة الجوية على مدينة رفح. كما أكد المتحدث باسم اللجنة العليا للإسعاف والطوارئ في وزارة الصحة في حكومة حماس أدهم أبو سلمية «سقوط ستة شهداء في غارة صهيونية على منزل في رفح».



حذرت من استهداف غزّة

«حماس» تنفي علاقتها بالهجوم



أعلن المتحدث باسم حكومة «حماس»، طاهر النونو، أنه لا علاقة لقطاع غزة بعملية ايلات. وقال إن «الحكومة الفلسطينية تنفي الاتهامات الاسرائيلية على لسان (وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود) باراك حول العملية التي وقعت في ايلات، وتؤكد أنه لا علاقة لقطاع غزة بما حدث في ايلات». وأضاف «نعتبر هذه الاتهامات محاولة للخروج من الأزمة الاسرائيلية الداخلية». وحذرت «حماس»، في بيان من «التهديدات الصهيونية التي صدرت عن قادة الاحتلال وخاصة باراك بعمليات عدائية ضد غزة»، مؤكدة أنه «إذا فكر الاحتلال بالعدوان على القطاع، فإن حماس ستكون على رأس المدافعين بكل بسالة ورجولة عن الشعب الفلسطيني والأطفال والنساء». من جهة ثانية، أكّد مصدر أمني في غزة أن حكومة «حماس» أخلت أغلب مواقعها تحسّباً من الردّ الإسرائيلي على الهجمات. بدورها، رفضت حركة الجهاد الإسلامي نفي أو تأكيد مسؤوليتها عن الهجمات. وقال القيادي في الحركة، خضر حبيب، إن هذه العملية «تأتي في سياق الدفاع عن النفس»، مؤكّداً «نحن في حركة الجهاد مع حق المقاومة لأنه حق مكفول وكفلته كل الأعراف السماوية والإنسانية».
(أ ف ب)



باراك: الهجوم يعكس انخفاض السيطرة المصرية على سيناء واتساع نشاط الإرهابيين الذين يأتون من غزة وإسرائيل ستردّ بقوة



نتنياهو: طلب عقد جلسة طارئة للمجلس الأمني المصغر وقال إن ما جرى «حادث خطر تأذى فيه إسرائيليون واعتُدي على سيادة إسرائيل»



النونو: الحكومة الفلسطينية تؤكد أنه لا علاقة لغزّة وتنفي الاتهامات الإسرائيلية التي تعتبر محاولة للخروج من الأزمة الداخلية




إلغاء تظاهرات إسرائيلية

قرر اتحاد الطلبة الإسرائيلي، أمس، الغاء تظاهرات كانت مقررة في مطلع الأسبوع احتجاجاً على ارتفاع تكاليف المعيشة، وذلك بعد العملية النوعية التي نفّذها مسلّحون في مدينة ايلات الجنوبية وقتلوا 7 اسرائيليين. وقال رئيس الاتحاد لراديو الجيش الإسرائيلي، ازيك شموئيلي «بعد الهجمات التي وقعت في جنوب إسرائيل بالقرب من الحدود المصرية، كان من المقرر أن تكون هناك احتجاجات في أرجاء البلاد مع تظاهرة رئيسية في القدس وقررنا إلغاءها نظراً الى الأحداث». لكنّه أضاف إن الحملة ضدّ السياسة الاقتصادية التي انطلقت الشهر الماضي ستستمر.
من جهة ثانية، دانت بريطانيا الهجمات، وقال مسؤول شؤون الشرق الأوسط اليستير بيرت «أدين أعمال العنف المجنونة هذه». وأضاف «في الوقت الذي تستمر فيه جهود السلام، ليس هناك مكان لهذه الوحشية كما ليس لمرتكبيها أي عذر».
(رويترز، أ ف ب)