فاجأت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، العالم بأسره بنشرها النص الحرفي لتقرير لجنة الأمم المتحدة عن اعتداء البحرية الإسرائيلية على «أسطول الحرية» الذي كان متجهاً إلى غزة في عام 2010. تقرير مؤلَّف من 105 صفحات، نال الرضى الإسرائيلي؛ لأنه أعطى شرعية نسبية للهجوم الدامي الذي أودى بحياة 9 مواطنين أتراك في المياه الإقليمية الدولية المقابلة لشواطئ قطاع غزة الفلسطيني، ومعارضة تركية كانت متوقعة. وقد نشر الموقع الإلكتروني للصحيفة الأميركية، ليل أول من أمس مضمونه كاملاً، وذلك عشية المهلة الأخيرة التي سبق أن حدّدتها أنقرة لنشر التقرير بعد تأجيل نشره مراراً بوساطات أميركية متكررة، بهدف محاولة تحقيق إجماع تركي ـــــ إسرائيلي على مضمونه، في سعي فاشل لحل أزمة الشرطين التركيين: اعتذار إسرائيل رسمياً عن الجريمة، وتعويض ذوي الشهداء الأتراك التسعة كشرطَين لا بد من تلبيتهما لإعادة تطبيع العلاقات كاملة مع دولة الاحتلال.
ورأى التقرير، الذي لم يُنشر رسمياً بعد، أنّ إسرائيل «بالغت في تصدّيها لأسطول الحرية»، لم يطلب من تل أبيب الاعتذار؛ لأنه وصف الحصار البحري الإسرائيلي المفروض على غزة بأنه «قانوني في نظر القانون الدولي»، غير أنه حثّ الدولة العبرية على التعويض المالي على ذوي الضحايا. وخلص التحقيق، الذي بدأ عمله في 10 آب 2010 وتولى رئاسته رئيس وزراء نيوزيلندا السابق جيفري بالمر ونيابة رئاسته الرئيس الكولومبي السابق ألفارو أوريبي (الصورة) مع عضوية الإسرائيلي جوزف إتسهار والتركي سليمان أوزدم سنبرك، إلى أن «قرار إسرائيل بالسيطرة على السفن بمثل هذه القوة بعيداً عن منطقة الحصار ومن دون تحذير مسبق مباشرة قبل الإنزال، كان مفرطاً وغير معقول»، موضحاً أن الأسطول المؤلف من ست سفن «تصرف بطريقة متهورة عندما حاول كسر الحصار البحري». ودعا التقرير حكومة بنيامين نتنياهو إلى إصدار «إعلان مناسب تبدي فيه أسفها» حيال الهجوم، ودفع تعويضات لعائلات الضحايا التسعة الذين قُتلوا على متنه، إضافة إلى الجرحى. وتخلل التقرير مطالعات سياسية من نوع تأكيده أنّ «على تركيا وإسرائيل استئناف علاقاتهما الدبلوماسية كاملة عبر إصلاح علاقاتهما لمصلحة الاستقرار في الشرق الأوسط». ورأى أن «أمن إسرائيل يواجه تهديداً حقيقياً من جانب المجموعات المقاتلة في غزة. الحصار البحري فرض باعتباره تدبيراً أمنياً مشروعاً بهدف منع إدخال الأسلحة إلى غزة عبر البحر، وتطبيقه يتماشى مع متطلبات القانون الدولي».
غير أنه أشار إلى أن الخسائر في الأرواح والإصابات التي نجمت عن استخدام الجيش الإسرائيلي للقوة «غير مقبولة». ومن علامات التحيز الواضح للتقرير لمصلحة الدولة العبرية، ما جاء فيه عن أن عناصر البحرية الإسرائيلية «واجهوا مقاومة منظمة وعنيفة من مجموعة من الركاب» الذين كانوا على متن سفينة «مافي مرمرة» فجر مطلع حزيران 2010. ولاحظ «تقرير بالمر» أنّ مئات الركاب على متن السفن الست «لم يمارسوا العنف مع الجنود الإسرائيليين، لكن هذا لا يمكن إسقاطه على سلوك أفراد المنظمة التركية (IHH) الذين كانوا يستقلّون سفينة مافي مرمرة». حتى إن التقرير أشار إلى وجود «تساؤلات جدية حيال الطبيعة الحقيقية لسلوك وأهداف أفراد منظمة الإغاثة التركية». ومن النقاط التي تضمنها التقرير تأكيده أن الحكومة التركية «حاولت إقناع منظمي أسطول الحرية بعدم مواجهة الجنود الإسرائيليين، لكن لم يكن ممكناً فعل أي شيء أكثر من ذلك». وأوضح التقرير أن أعضاء اللجنة لم يمتلكوا الحق بالحصول على شهادات، ولا الحق بطلب امتلاك وثائق، واكتفوا بالمعلومات التي حصلت عليها اللجنة من إسرائيل ومن تركيا»، لذلك فإنّ «خلاصات التقرير لا يمكن أن تُعَدّ نهائية من وجهة نظر القانون ولا الوقائع».
(الأخبار)