أعلن الثوار الليبيون، أمس، أنهم حددوا مكان وجود الزعيم الفار معمر القذافي، من دون مزيد من الإيضاحات، فيما كرر رئيس المجلس الانتقالي الليبي، مصطفى عبد الجليل، القول إن امام الموالين للقذافي مهلة حتى العاشر من أيلول لإلقاء السلاح.ونقلت قناة «الجزيرة» الفضائية عن رئيس المجلس العسكري للثوار في العاصمة طرابلس، عبد الحكيم بلحاج، قوله إن الثوار تمكنوا من معرفة المكان الذي يختبئ فيه العقيد الليبي المخلوع معمر القذافي.
وعلى جبهة بني وليد (جنوبي شرقي طرابلس)، قال القائد العسكري للثوار، عبد الرزاق ناضوري، «اليوم (أمس) سنتفاوض مع مشايخ القبائل. إننا ننتظرهم». وأضاف «كل شيء سيتوقف على المفاوضات. إذا رفضوا فسنتقدم، وإذا جرت المفاوضات جيداً فسندخل ونرفع الراية من دون معارك. إنها الفرصة الأخيرة، لكن لا يمكننا إرجاء الإنذار».
وبحسب المقاتلين المحليين، فإن الكثيرين من المقرّبين من العقيد معمر القذافي، وبينهم نجله الساعدي، موجودون حالياً في بني وليد، لكنّ القذافي نفسه غير موجود فيها، خلافاً لما أعلنه مسؤولون في المجلس في الأيام الأخيرة.
وفي بنغازي، كرر رئيس المجلس الانتقالي، مصطفى عبد الجليل، القول إن أمام الموالين للقذافي مهلة حتى العاشر من أيلول لإلقاء السلاح. من ناحية ثانية، نقلت «الجزيرة» عن عبد الجليل قوله إن الصين تعوق الإفراج عن الأموال المجمدة لليبيين لديها.
من جهة ثانية، أعلن ممثل المجلس الانتقالي لدى لندن، جمعة القماطي، لتلفزيون «بي بي سي» البريطاني أن «المحكمة الجنائية الدولية ستحاكم القذافي على جرائم ارتكبت خلال الأشهر الستة الماضية فقط. غير أن القذافي مسؤول عن سجل مروّع من الجرائم التي ارتكبت على مدار اثنين وأربعين عاماً ينبغي أن يمثل للمحاكمة عنها ويتحمّل المسؤولية عنها، وهو ما لا يمكن أن يحدث بالنحو المناسب إلّا في ليبيا نفسها».
وفي السياق، قالت صحيفة «ديلي ستار صندي»، في عددها أمس، إن وحدات من القوات الخاصة البريطانية في ليبيا وضعت في حالة تأهب، وتراقب الحدود الجزائرية لمنع العقيد القذافي من الفرار والانضمام إلى عائلته الموجودة في الجزائر. ونسبت الصحيفة إلى مصدر أمني بريطاني قوله «نعتقد أن القذافي قد يكون في طريقه إلى الجزائر بعد أن اختبر الأجواء من خلال إرسال عائلته إلى هناك، ويرى بعد قبول الحكومة الجزائرية عائلته أن بإمكانها الترحيب به أيضاً، ويخطط للفرار بعد تراكم الضغوط عليه ويحتاج إلى القيام بشيء ما».
وفي السياق، رفضت الجزائر لجوء عدد من ضباط الجيش والاستخبارات الليبيين فرّوا إلى الحدود الجزائرية، الأربعاء والخميس الماضيين، إلى أراضيها. ونقلت صحيفة «الخبر» عن مصدر «مطّلع» قوله إن «12 سيارة كانت تقل أكثـر من 30 ضابطاً ليبياً، و4 سيارات أخرى تحمل مسلحين، توقفت الأربعاء الماضي في موقع بالصحراء يعتقد أنه في عرق «أش ساتي» على الحدود الجزائرية ــــ الليبية، ثم تحركت 3 سيارات منها إلى الحدود وحاولت الحصول على إذن بدخول القافلة، وقدمت قائمة بأسماء العسكريين والمدنيين الليبيين الراغبين في الإقامة بالجزائر».
وقال المصدر إنه بعد عدة ساعات جاء الرد بالرفض من السلطات العليا في البلاد، مشيراً إلى أن قافلة السيارات اتجهت إلى جنوب ليبيا مساء الخميس نحو الحدود مع النيجر، مؤكداً أن نحو 50 من الحراس الشخصيين للعقيد القذافي، وعدداً من المسؤولين في نظامه، فرّوا برفقة عائلاتهم إلى الحدود
الجزائرية.
في هذه الأثناء، قلّل رئيس الوزراء الجزائري، أحمد أويحيى، من شأن الخلاف بين بلاده والمجلس الانتقالي الليبي. وقال، على هامش افتتاح دورة البرلمان الخريفية، «نحن إخوة وجيران. الإخوة في ليبيا لن يرحلوا، ونحن أيضاً لن نرحل. أما بشأن العلاقات، فإنه من دون شك مع عودة الاستقرار والأمن اللذين أتمنى أن يعودا سريعاً إلى الشقيقة ليبيا ستعود علاقاتنا إلى قوتها». وأعرب عن أمله بأن تسهم العلاقات «الوطيدة» مع ليبيا الجديدة في «بناء الصرح المغاربي».
في هذا الوقت، وجّه القائد العسكري النافذ في قوات الثوار الليبيين، إسماعيل الصلابي، سهام انتقاداته الحادة باتجاه قادة ليبيا الجدد، رافضاً وصفه بالمتطرف، رغم العلاقة التي تربط أفراداً من عائلته بجماعة قريبة من تنظيم «القاعدة». ويقود الصلابي (35 عاماً)، وهو تاجر، فرع «كتيبة 17 فبراير» في بنغازي (شرق)، التي كان لمقاتليها الإسلاميين الدور الكبير في السيطرة على معقل القذافي في طرابلس في 23 آب.
ويقول الصلابي لوكالة فرانس برس «ككل الليبيين نحن مسلمون محافظون، وتقديمنا على أننا قريبون من القاعدة وسيلة لتشويه سمعتنا».
وفي المواقف الدولية، رأى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ضرورة أن تصبح القوى السياسية التي كانت تمثّل القيادة الليبية السابقة جزءاً من عملية المصالحة الوطنية في ليبيا. وقال لافروف، خلال مؤتمر صحافي في موسكو، إنه «يجب بلا شك أن تصبح القوى السياسية والإثنية والقبلية التي تمثل المسؤولين السابقين للدولة الليبية جزءاً من عملية المصالحة الوطنية».
من جهته، دعا وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني المجتمع الدولي والنظام الجديد في ليبيا إلى عدم تدمير كل بنية أجهزة الدولة، كي لا يُرتكب «الخطأ الفادح» نفسه الذي وقع في العراق.
وأضاف فراتيني أن «النقطة المهمة جداً هي بذل الجهود لاستئصال أي محاولة تسلل لمنظمات متطرفة إلى بنية حكومة ليبيا المستقبلية. يجب أن نساعد (مسؤول الخارجية في المجلس محمود) جبريل بقوة في هذه النقطة».
وكان المجلس الانتقالي قد حصل أول من أمس على دعم دولي إضافي بوصول المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، إيان مارتن، إلى طرابلس.
وقد أعلن وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه أن الأمم المتحدة ستستضيف في العشرين من أيلول في نيويورك المؤتمر المقبل لـ«أصدقاء ليبيا».
إلى ذلك، أعلنت الحكومة الكوبية سحب سفيرها من طرابلس، وقالت إنها لا تعترف بشرعية المجلس الوطني الانتقالي. وقالت الحكومة الكوبية إنها «لا تعترف بالمجلس الوطني الانتقالي أو أي سلطة مؤقتة، ولا تعترف إلا بحكومة تؤلّف في ليبيا بطريقة شرعية ومن دون تدخل أجنبي، من خلال الإرادة الحرة للشعب الليبي».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)