القاهرة ـ الأخبار كانت أكاديمية الشرطة المصرية، أمس، مسرحاً لاشتباكات عنيفة بين أنصار الرئيس المخلوع حسني مبارك ونجليه، علاء وجمال، ووزير الداخلية الأسبق وعدد من قادة الوزارة المتهمين بقتل المتظاهرين أثناء الثورة من جهة، وأسر الشهداء من جهة ثانية. ولم يختلف محيط المحكمة عن الأوضاع التي سادت داخلها، ما استدعى تدخّل عناصر الأمن وإلقاء القبض على أكثر من 8 أشخاص من شباب الثورة وأهالي الشهداء، في موزاة مطاردة المصفحات وعدد كبير من الضباط وجنود الأمن المركزي الشباب في الخارج والاعتداء عليهم وتفريقهم، على وقع هتافات «يا كويتي يا خسيس دم المصري مش رخيص»، في إشارة إلى المحامين الكويتيين الذين تطوّعوا للدفاع عن مبارك، و«يا حبيب قول لمبارك الإعدام في انتظارك».

الحراسة المشددة حول الأكاديمية كانت أشد من الجلسات السابقة، وتنوّعت الحراسة ما بين دبابات ومصفحات وسيارات أمن مركزي ودفاع مدني. أما داخل القاعة، فلا أحد يعرف كيف تسلّلت صورة مبارك إلى قاعة المحاكمة. فوجئ الحضور فور رفع المحكمة الجلسة للمداولة، وخروج المتهمين جميعاً من القفص، بأحد محامي مبارك يرفع صورة له على مرأى ومسمع من قوات الأمن التي لم تحرك ساكناً. وعلى الفور، تحولت القاعة إلى ساحة معركة بين أنصار الرئيس المخلوع والمدّعين بالحق المدني وأسر الشهداء، الذين طالبوا بإنزال الصورة. إلا أن حاملها رفض ذلك، فتطور الأمر إلى الاشتباك بين الطرفين وتبادل للسباب. أسر الشهداء لم يجدوا أمامهم إلا الهتاف ضدّ مبارك، وإشعال النار في الصورة، فضجّت القاعة بهتافات مدوية تطالب بإعدامه مثل «يا مبارك يا مبارك... الإعدام في انتظارك»، و«يا جمال قول لأبوك المصريين هيعدموك».
قوات الأمن لم تتمكن من السيطرة على الأمر في البداية، فاكتفت بتأمين قفص مبارك حيث قفز قرابة 200 عنصر أمن فور بدء الاشتباكات إلى القفص، وعملوا على تأمينه عبر الوقوف حوله، فيما أصرّت أسر الضحايا والمدعون بالحق المدني على إخراج المحامي الذي رفع صورة مبارك من القاعة، وهو ما تحقق بالفعل، حيث اصطحبته قوات الأمن خارجاً رغماً عنه، لتتمكن من السيطرة على الأحداث.
وبعد استئناف الجلسة، بدأت المحاكمة تأخذ طابعاً مختلفاً، حيث استمعت المحكمة إلى الشاهد الأول، وهو مدير إدارة الاتصالات في الأمن المركزى، اللواء مهندس حسين محمد موسى، وهو أحد الشهود الـ1630. توجه إليه رئيس المحكمة المستشار أحمد رفعت بـ45 سؤالاً ليكشف أن اللواء أحمد رمزي، مساعد وزير الداخلية للأمن المركزي، أصدر تعليمات بتسليح قوات الأمن المركزي خلال أحداث 28 كانون الثاني. وذكر أنه في الفترة الممتدة ما بين 25 و28 كانون الثاني، كُلّف الضباط بالحضور في مواقع عملهم خلال يوم «جمعة الغضب»، حيث جُهّزت قوات الأمن المركزي بالعصي والدروع والقنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه.
المستشار سأل الشاهد «هل صدرت أي تعليمات بالتعامل بالأسلحة النارية مع المتظاهرين؟»، فنفى، لكنه قال إن اللواء أحمد رمزي أصدر الأوامر بتزويد القوات الأمنية بالأسلحة النارية والذخيرة. «وهل انفرد المتهم بإصدار هذا الأمر؟»، فأجاب الشاهد بـ«نعم».
تابع القاضي أسئلته: «خلال ما ورد إليك من اتصالات عبر الأجهزة اللاسلكية، هل رصدت للمتهم حبيب العادلي، وزير الداخلية الأسبق، اتصالات أو توجيهات مهما كان نوعها في استخدام الأسلحة لمواجهة المتظاهرين أمام مبنى وزارة الداخلية؟»، فجاء الردّ «لا أعرف». لكنه أكد أن «الحوارات التي دارات بين الضباط تؤكد أن هناك اجتهادات من قبل بعض الضباط». وأوضح الشاهد أنه «خلال زيادة التحذيرات من وجود أعداد كبيرة من المتظاهرين، أصدر اللواء أحمد رمزي تعليمات بمحاولة منع المتظاهرين من الوصول إلى ميدان التحرير، وكانت تعليماته للقيادات الميدانية في الأماكن المختلفة المحيطة بالميدان بالتعامل مع المتظاهرين بحسب رؤية القيادات الشخصية وتقديرها للموقف». والسؤال الأخير لهيئة المحكمة تعلق بقتل المتظاهرين وإطلاق الرصاص عليهم أمام مقر الحزب الوطني على كورنيش النيل في القاهرة. أجاب الشاهد بأن «هناك تعليمات صدرت للقوات بإطلاق الرصاص». من أصدر هذه التعليمات؟ سألت المحكمة. وقبل أن يجيب، تدخل أمير سالم، أحد المدّعين بالحق المدني قائلاً إن «الشاهد يغيّر أقواله، لأنّه في تحقيقات النيابة قال إن حبيب العادلي مسؤول عن إصدار الأوامر، وهناك دائرة لاسلكية تربطه بمساعديه». فأثار هذا القول غضب المحكمة، وقالت إنه «لا يجوز مواجهة الشاهد بأقواله في النيابة»، فأصرّ أمير على متابعة أقواله، فرفعت المحكمة الجلسة للمرة الثانية.
ومجدداً، عاد المستشار أحمد ليرفع جلسة المحاكمة بسبب الخلافات والاشتباكات بين المحامين، قبل أن تُستأنف بطلب الشاهد الأول اللواء المهندس حسين سعيد موسى. المحامي أمير سالم كان قد قاطع المحكمة وطلب منها «إتاحة الفرصة للمحامين عن المدّعين بالحق المدني مثلما تتيحها لدفاع المتهمين»، مضيفاً «لا نوافق على تصرّفات بعض المحامين، ولكننا نستشعر الخطر من عدم سماح المحكمة لمحامي أسر الشهداء والمصابين بالدفاع مثلما تفعل المحكمة مع محامي المتهمين». وهنا قاطعه رئيس المحكمة قائلاً «لقد أثبتنا حضوركم جميعاً ودوّنّا طلباتكم في محاضر الجلسات، فهل لديكم طلبات أخرى؟». هنا ردّ سالم أنهم يريدون توجيه أسئلة إلى الشاهد. ولما سمح رئيس المحكمة بذلك، اختلف المحامون على أسبقية توجية الأسئلة، ما دفع رئيس المحكمة إلى رفع الجلسة بعد أقل من عشر دقائق من انعقادها.
ولم تهدأ الخلافات بين المدّعين بالحق المدني داخل القاعة، وحدثت بينهم مشادات كلامية وصلت إلى حدّ التشابك بالأيدي. وعلّق عضو لجنة الدفاع عن أسر الشهداء سامح عاشور بالقول«ما حدث ليس سوى سوء فهم متبادل بين الطرفين أدى إلى ظهور الجلسة بهذة الصورة».



نتنياهو ــ وطنطاوي يتّفقان على تعزيز الحدود

أفادت صحيفة «معاريف»، أمس، بأنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحدث هاتفياً مع رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية حسين طنطاوي، وذلك للمرة الأولى منذ هجمات إيلات قبل أسبوعين ونصف أسبوع، وتباحثا في الأوضاع الأمنية على الحدود بين البلدين. ولم يُكشف عن فحوى الاتصال لعدة أسباب، بينها «الرأي العام المصري المعادي لإسرائيل»، وفقاً للصحيفة التي رجّحت أن يكون الاثنان قد تحدثا عن الوضع الأمني عند الحدود الإسرائيلية ــــ المصرية والحدود بين مصر وقطاع غزة. وأوضحت «معاريف» أن التقديرات تشير إلى أن نتنياهو وطنطاوي اتفقا على طرق لزيادة النشاط الأمني عند الحدود ومحاربة «الجهات الإرهابية الإسلامية»، مشيرة إلى أن قوات الأمن المصرية نفذت أخيراً عملية عسكرية واسعة ضدّ مسلحين في شمال سيناء. كذلك أشارت إلى أن «طنطاوي تدخّل شخصياً ومنع استدعاء السفير المصري من إسرائيل»، بعد استشهاد 5 جنود مصريين بعد هجوم إيلات. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين سياسيين إسرائيليين قولهم إن العلاقات السياسية بين إسرائيل ومصر موجودة في حالة «انعدام يقين».
(يو بي آي)