لم تفلح لقاءات الموفدين الأميركيين مع المسؤولين الفلسطينيين في جسر الخلافات المتعلقة بالتوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة؛ إذ بقي الخلاف على حاله، رغم الضغط الأميركي الذي لم يخل من التهديد المبطن. وقال الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، خلال لقائه مبعوث الإدارة الأميركية الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط ديفيد هيل بحضور المسؤول الأميركي دينيس روس والقنصل الأميركي دانيال روبنشتين في مقرّ الرئاسة برام الله، إن «توجه الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة من شأنه إخراج مسيرة السلام من المأزق الذي وصلت إليه بسبب التعنت الإسرائيلي». وكان الرئيس الفلسطيني قد بحث مع مبعوث اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط طوني بلير مسألة إعلان الدولة الفلسطينية، وأكد أن «الجانب الفلسطيني مستعد للعودة إلى المفاوضات في حال التزام إسرائيل بمرجعيات العملية السلمية ومبدأ حل الدولتين على حدود عام 1967، ووقف الاستيطان في الأرض الفلسطينية».

بدوره، أكد المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني نبيل أبو ردينة، الذي حضر اجتماع عباس مع الموفدين الأميركيين، أنه «لا تزال هناك فجوة واسعة في المواقف بخصوص توجهنا إلى الأمم المتحدة». وأضاف: «نحن متمسكون ومحتفظون بحقنا في التوجه إلى الأمم المتحدة لطلب عضوية دولة فلسطينية الكاملة». وأعلن أن لجنة المتابعة العربية ستعقد في 12 أيلول الجاري في القاهرة آخر اجتماع لها قبل التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة لطلب عضوية كاملة لدولة فلسطينية. وأضاف أن «الأسبوع المقبل، وهو الأسبوع الأخير، الذي يسبق اجتماعات الأمم المتحدة، سيشهد سلسلة اجتماعات مكثفة ومركزة للجنة المتابعة العربية ومع الإدارة الأميركية واللجنة الرباعية». وأكد كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، أن «اللقاء كشف بوضوح حجم الخلاف في الموقف بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وأنه لا يزال الخلاف في المواقف قائماً بخصوص توجهنا للأمم المتحدة». وأضاف أن عباس: «أوضح لهم أننا لا نرى تناقضاً بين التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة واستمرار المفاوضات، لكن إحياء المفاوضات يتطلب وقفاً شاملاً للاستيطان والقبول بمرجعية حدود عام 1967». وشدّد على أن «الموقف الأميركي عبّر عن رفض التوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة، وأنه ليس خياراً وطريقاً لإقامة الدولة الفلسطينية»، موضحاً بقوله: «إنهم أبلغونا بأن مبعوث اللجنة الرباعية طوني بلير يقوم بجهود مكثفة لإصدار بيان من الرباعية لدعوة الأطراف لاستئناف المفاوضات».
وكان روس وهيل قد اجتمعا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه إيهود باراك قبل أن يلتقيا عباس. وأجرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون مكالمة هاتفية مع عباس وحثته على أن «يعيرهما آذاناً صاغية وأن يواصل العمل بجد معنا لتفادي سيناريو سلبي في نيويورك في نهاية الشهر». وقالت المتحدثة باسم الخارجية، فيكتوريا نولاند، إن الولايات المتحدة ستوضح للسلطة الفلسطينية أن بعض المشرعين الأميركيين غاضبون بسبب التحرك الفلسطيني في الأمم المتحدة، لكنها لم تصل إلى حد القول إن واشنطن تهدد بخفض المعونات. وقالت: «نحن لا نهدد. لكننا نحرص على أن يسمعوا الأصوات التي تتعالى في الكونغرس في هذا الموضوع».
من جهته، رأى أمين سرّ اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ياسر عبد ربه إن الولايات المتحدة تبدي استهتاراً بالعرب عبر محاولتها منع الفلسطينيين من نيل الاعتراف بدولة فلسطين. وقال لإذاعة صوت فلسطين إن «الموضوع صار ينحصر في نقطة واحدة، هو تجنب الذهاب إلى الأمم المتحدة. الموضوع ليس موضوع الاستيطان وليس موضوع الاستقلال الفلسطيني ولا موضوع حقوق الشعب الفلسطيني ولا الانتهاكات الإجرامية التي يشنها المستوطنون على الشعب الفلسطيني». وأضاف «كل هذا يجري العبث فيه وإلغاؤه واستثناؤه ويصبح الموضوع الوحيد هو قضية أن لا نذهب إلى الأمم المتحدة. هذا في الواقع ليس استهتاراً بالموقف الفلسطيني، ولكنه استهتار بما يجري في المنطقة من حالة نهوض تريد العدل لشعوب العالم العربي وتريد العدل للمنطقة».
وفي السياق، دعت مصر أكثر من 100 دولة عضو في حركة عدم الانحياز إلى تأييد الدولة الفلسطينية. الموقف المصري عبر عنه وزير الخارجية محمد عمرو خلال رئاسته اجتماع حركة دول عدم الانحياز في بلغراد، الذي استمر ليومين. وقال المنظمون إن التصريحات كانت نيابة عن نحو 101 دولة تتمتع بعضوية كاملة أو بوضع مراقب. وأعلنت منظمة التعاون الإسلامي أنها تعتزم عقد اجتماعات مكثفة في نيويورك خلال الفترة 18 ـــــ 25 أيلول الحالي، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة لبحث تطورات القضية الفلسطينية والاعتراف بالدولة الفلسطينية.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، أ ف ب)