القاهرة | خلافاً لكل الآراء التي قللت من شأن الدعوة، حققت الدعوة التي انتشرت منذ أسابيع نجاحاً كبيراً في ظل غياب التيارات الإسلامية ومقاطعتها، حيث انطلقت المسيرات أمس من المساجد والأحياء المختلفة، قبل أن تتجمع في النهاية في ميدان التحرير، بهدف «تصحيح مسار الثورة»، ورفع الشعارات نفسها التي نادت بالتغيير والحرية والعدالة الاجتماعية.انطلقت أولى المسيرات المشاركة من أمام مسجد الخازندارة في منطقة دوران شبرا، وشارك فيها مئات المصلين، وانضم إليها مئات الأقباط، وشباب «الألتراس». وجابت المسيرة شارع شبرا، حتى وصلت إلى ميدان التحرير، فيما حرص المتظاهرون على ترديد الهتاف الأول للثورة «عيش، حرية، كرامة إنسانية»، فضلاً عن هتافات أخرى تندد بالحكم العسكري وتطالب بوقف المحاكامت العسكرية للمدنيين وتطالب المجلس العسكري بتسليم الحكم لسلطة مدنية منتخبة من طريق إجراء انتخابات نزيهة وشفافة.
ومن مسجد الاستقامة، انطلقت مسيرة ضخمة ضمت نحو ثلاثة آلاف متظاهر، اتجهوا إلى ميدان التحرير، رافعين لافتات باسم «ائتلاف شباب الثورة وعدد من القوى الوطنية، ترفض مرسوم قانون الانتخابات وتقسم الانتخابات الذي يعتزم المجلس العسكري إقراره، وتطالب بالقصاص لدماء الشهداء، وتحديد جدول زمني لتسليم السلطة لمجلس رئاسي مدني».
وردد المتظاهرون هتافات «كلمة صدق وكلمة حق، حكم العسكر تاني لأ»، «كلمة واحدة وغيرها مافيش السياسة مش للجيش».
كذلك رفع المتظاهرون الهتافات التي رفعت يوم 25 كانون الثاني الماضي، والتي تنادي بضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية وكرامة المواطن المصري، ورددوا هتافات مناوئة للحكم العسكري، مطالبين بضرورة استكمال أهداف الثورة، ومطالبها ومن بين هذه الهتافات «عيش حرية عدالة اجتماعية»، و«واحد اتنين، الثورة راحت فين».
مئات من ألتراس الأهلي والزمالك، توجهوا إلى وزارة الداخلية، ورددوا هتافات مناوئة للداخلية وللقمع، وإصابة شباب للتراس في مباراة الأهلي الأخيرة، فيما توجه الآلاف إلى شارع مجلسي الشعب والشورى، وهتفوا ضد الحكم العسكري، مطالبين بسرعة تسليم السلطة لمدنيين.
وحطم مئات المحتجين شعار وزارة الداخلية المصرية واسمها من على مقر الوزارة في وسط العاصمة ورشقوا المبنى بالحجارة. وأشاروا إلى أن المحتجين كتبوا على باب وزارة الداخلية شعارات منها «الشعب هو الخط الأحمر... يسقط مجلس الخونة» و«الداخلية بلطجية» و«يسقط المشير» في إشارة إلى المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
أما في الميدان، فوصف إمام مسجد عمر مكرم الشيخ مظهر شاهين، الموجودين في التحرير بـ«الثوار الحقيقيين» من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية.
خطبة شاهين تركزت على تغيير بعض الشهود لشهادتهم في قضية قتل المتظاهرين، التي يحاكم فيها الرئيس المخلوع حسني مبارك ونجليه جمال وعلاء، بالإضافة إلى وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، قائلاً: «شاهد الزور عليه لعنة الله في الدنيا والآخرة»، مطالباً بضرورة اتخاذ إجراءات رادعة ضد كل من يغير شهادته أمام المحكمة، وحماية شهود الإثبات من أي ضغوط قد يتعرضون لها أو أي إغراءات قد يمارسها البعض ضدهم.
كذلك طالب شاهين بوقف المحاكمات العسكرية للمدنيين، ومحاكمتهم أمام قاضيهم الطبيعي، لا أمام محكمة خاصة أو عسكرية، مستنكراً عدم إصدار المجلس العسكري قانون حظر العمل السياسي على فلول الحزب الوطني المنحل، وقال: «ليعلموا أن 25 يناير يأتي مرة كل عام». وطالب أيضاً المجلس العسكري ومجلس الوزراء بضرورة إقرار قانون يحظر العمل السياسي على أعضاء الحزب الوطني المنحل ورموز النظام البائد.
وللمرة الأولى يظهر الفلاحون في المشهد، حيث تجمع المئات من ممثلى نقابة الفلاحين الوليدة في وقفة احتجاجية أمام وزارة الزراعة للمطالبة بإقالة وزير الزراعة وتمليك أراضي الجمعيات الزراعية للفلاحين، ثم انطلقت بعد ذلك المسيرة في اتجاه التحرير، رداً على المليونية التي نظمتها الوزارة احتفالاً بـ«عيد الفلاح» في استاد القاهرة، حتى تقطع الطريق على كل من أراد المشاركة في جمعة «تصحيح المسار».
من جهةٍ ثانية، حطم متظاهرون قسماً من الجدار الذي أقامته السلطات المصرية قبل فترة قصيرة لحماية السفارة الإسرائيلية في القاهرة.
وأشار مراسل وكالة «فرانس برس» إلى أن نحو ألف متظاهر تجمعوا أمام المبنى الذي يضم السفارة الإسرائيلية وباشروا بهدم الجدار بالمطارق والقضبان الحديدية من دون أن تتدخل الشرطة العسكرية التي كانت على مقربة من المكان.