القاهرة | طارت الوثائق في الهواء، وبدت بالنسبة إلى متظاهرة في العشرين من عمرها مثل «نجوم تسقط من السماء»، تراقبها تسقط أرضاً، ورقة تلو أخرى، كأنها لا تصدق ما ترى بأم عينيها. سقطت النجوم بينما كانت الدهشة أكبر من الذين اقتحموا مخزن أوراق السفارة، والأمن لم يفهم حتى الآن كيف حدث ذلك؟ ونتيجة هذا الارتباك جاءت بعد ذلك بساعات، حين دهست مدرعات الشرطة متظاهرين، وطاردت قوات الأمن المتظاهرين في الشوارع المحيطة.«النجوم المتساقطة من السماء» كشفت ما هو معروف عن «أصدقاء اسرائيل». مجموعة من المراسلات والخطابات بين سفارة اسرائيل وعدد من الدبلوماسيين المصريين والمعارضين. وأكثر هذه الوثائق مفاجأة كانت موقعة باسم «صديقكم المخلص» والاسم بجوارها يخص أحد المعارضين لنظام حسني مبارك، وهو طلعت السادات، ابن شقيق الرئيس الراحل أنور السادات، النائب السابق في مجلس الشعب، وآخر رئيس للحزب الوطني بعد سقوط مبارك. الورقة المتطايرة هي عبارة عن دعوة وجهها السادات إلى «جدعون بن عامي، السفير الإسرائيلي السابق لدى مصر والسيدة زوجته لحضور حفل عشاء أقامه السادات على شرف السفير الإسرائيلي في منزله»، وذلك لمناسبة انتهاء فترة عمل السفير الإسرائيلي في القاهرة. وتذكر الدعوة أن هذه الحفلة ستكون بحضور عدد من «أصدقاء السادات المحبين للسلام»، وتؤكد «احترام السادات للسفير، متمنياً لأصدقائه الإسرائيليين أطيب أمنياته، داعياً الله أن يحفظ السلام في المنطقة».
وينقل الخطاب تمنيات السادات على السفير الإسرائيلي قبول دعوته، واعداً بأنه إذا أعاقت الظروف قبول هذه الدعوة، فإن «السادات سيعيد ترتيب هذه الحفلة مجدداً، مع خالص الاحترام والتقدير لشخص السفير وزوجته».
ملف طلعت السادات لم يكن وحده، هناك أسماء مثل عبد اللطيف المناوي، رئيس قطاع الأخبار في التلفزيون المصري خلال الأيام الأخيرة للرئيس المخلوع حسني مبارك، إضافة الى مراسلات دائمة ودعوات دورية بين السفير الإسرائيلي في القاهرة ووزير الخارجية الأسبق، عمرو موسى، تتعلق بالتنسيق بين البلدين في ما يخص ملف الصراع العربي الإسرائيلي.
الوثائق الأخرى إدارية وتضم مثلاً، طلب تراخيص لحمل سلاح لدبلوماسيي السفارة الإسرائيلية. وهناك وثيقة دبلوماسية بهذا الشأن باسم «جورن إيريز»، وتطلب ترخيصاً بحمل مسدس ماركة «جلوك» عيار 9 ميلمترات رقم 606 «سي في في»، طبقاً للمادة الخامسة من القانون الرقم 394 لعام 1954. ووثيقة أخرى للدبلوماسي «بن جيرشون شاؤول شومر»، برقم ترخيص 1709. وطلب شهادة ترخيص سلاح برقم 1537 باسم الملحق الدبلوماسي «إلياهو عميدي» لحمل مسدس من طراز «بريتا» عيار 22 ميلمتر رقم 47879.
إضافةً الى طلبات ترخيص السلاح، وُجدت بين الأوراق خطابات رسمية من السفارة إلى وزارات خدمية، أحدها إلى وزارة الكهرباء، يطلب فيه السفير تأمين مولد كهربائي ذي قدرة عالية، لاحتفالات السفارة بذكرى النكبة الفلسطينية، التي تطلق عليها إسرائيل احتفال «الاستقلال»! وأوراق تتعلق بطلبات لمنح إسرائيليين إقامة مجانية في مصر لمدة 6 أشهر، وطلبات أخرى تتعلق ببعض التخليصات الجمركية. وعُثر على بطاقات شخصية مصرية، إحداها لشخص يدعى «علي محمد عبد اللطيف عبد الله» يسكن في 28 شارع حسن الأنور منطقة مصر القديمة، مكتوب أمامها «أوكي». وهناك شيك موقع من قبل السفارة الإسرائيلية من حسابها في «سيتي بنك» بمبلغ 30262 جنيهاً مصرياً، لكن لم يكن اسم الشخص المستحق له مذكوراًً على الشيك.