مخاوف من ضياع مكتسبات الثورة... وانتقادات واسعة للإجراءات الجديدة

تترافق زيارة رئيس الوزراء التركي إلى مصر مع جدل سياسي كبير مرده لجوء المجلس العسكري إلى توسيع نطاق قانون الطوارئ، الذي كان معمولاً به في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، وهو ما أثار انتقادات كثير من التيارات السياسية في القاهرة
تصاعدت حدة مخاوف المصريين، أمس، من أن تصاب المكاسب السياسية التي تحققت منذ إطاحة الرئيس المصري السابق حسني مبارك بانتكاسة بعد لجوء المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية إلى استغلال الهجوم الذي تعرضت له السفارة الإسرائيلية قبل أيام، من أجل تفعيل قانون الطوارئ، فيما من المتوقع أن تسلط زيارة رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان إلى مصر الضوء على مساعي تركيا لتعزيز نفوذها الإقليمي.

وأعلن العضو في المجلس الاعلى للقوات المسلحة المصرية، اللواء ممدوح شاهين، أن المجلس الذي يتولى ادارة البلاد منذ سقوط نظام مبارك في شباط الماضي، قرر توسيع نطاق قانون الطوارئ الساري العمل به في البلاد منذ 30 عاماً ليشمل مجالات أخرى بينها «قطع الطرق وتعطيل المواصلات وحيازة الأسلحة، فضلاً عن نشر معلومات كاذبة»، لافتاً إلى أن العمل بالقانون سيستمر حتى حزيران 2012، «لأن ما يشهده الشارع في الوقت الحالي يمكن إدراجه تحت بند الإرهاب».
وأوضحت الوكالة أن قانون الطوارئ سيُستخدَم لمكافحة «الإخلال بالأمن القومي والنظام العام بالبلاد، وتمويل ذلك كله وحيازة الأسلحة والذخائر والاتجار بها، وجلب وتصدير المواد المخدرة والاتجار بها»، كما سيطبق لمواجهة «أعمال البلطجة وتخريب المنشآت».
وعلى الأثر، اتهم ناشطون وسياسيون مصريون المجلس الاعلى للقوات المسلحة بعدم الوفاء بوعده بإلغاء قانون الطوارئ.
ورأى القيادي في حركة «6 أبريل»، محمد عادل، أن الإجراء الجديد ينتهك الإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس العسكري بعد مبارك، والذي تعهد فيه رفع حالة الطوارئ خلال ستة أشهر، مشدداً على أنه يتعين إجراء استفتاء لتمديد القانون. وأضاف: القانون المصري فيه العديد من المواد التي تتعلق بالتعامل مع البلطجية والإرهاب، لذلك فإنه لا يرى سبباً لتمديد قانون الطوارئ.
بدوره، رفض المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر، أي قوانين استثنائية تحد من حرية الأفراد. ونقل الموقع الإلكتروني لصحيفة «الأهرام» المصرية عن نائب رئيس المجلس محمد فائق، قوله إن «تطبيق قانون الطوارئ هو رد فعل خاطئ على ما حدث من شغب أمام السفارة الإسرائيلية»، مؤكداً وجود «قوانين أخرى تُعالج ما حدث إذا جرى تطبيقها، غير قانون الطوارئ، لأننا جميعاً ضد البلطجة والشغب ومع دعم رجال الشرطة والأمن واستعادة هيبتهم».
من جهته، قال المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد البرادعي، «إن من حق كل مصري أن يحاكم أمام قاضيه الطبيعي، لكن من المؤسف ألا يحدث ذلك مع زيادة الاعتماد على المحاكم العسكرية والاستثنائية».
بدورها، نددت جماعة الإخوان المسلمين، أكثر الجماعات السياسية تنظيماً، باللجوء إلى محاكم الطوارئ في واحد من أشد البيانات التي أصدرتها الجماعة ضد الجيش حتى الآن.
أما القيادي السابق في الإخوان، المرشح المحتمل أيضاً للرئاسة، عبد المنعم أبو الفتوح، فأعرب عن خشيته من أن تكون «الإجراءات الأخيرة جزءاً من سيناريو معد سلفاً للالتفاف على الثورة». وقال «لذا أحذر السلطة الحاكمة في مصر من المضي في هذا المسلك. وأرجو أن يعلم الجميع أن الشعب المصري لن يسمح بتمرير مثل تلك السيناريوهات، ولن يسمح بإجهاض ثورته التي بذل فيها دماء أغلى أبنائه تحت أي مبرر»، فيما أكد الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، حسام تمام، أن كثيرين يخشون أن يكون المجلس العسكري يبحث عن أسباب لإبطاء التحول الى نظام جديد، كما يخشون من فراغ أمني يخدم هذا الغرض.
وفي خضم هذه الجدل الطاغي على الساحة السياسية المصرية، بدأ رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان زيارة أمس إلى القاهرة، تستمر يومين، على أن تليها زيارتان إلى كل من تونس وليبيا، لتسلط جولته الضوء على محاولة تركيا زيادة نفوذها الإقليمي.
ومن المقرر أن يلتقي اردوغان، الذي يرافقه عدد من المسؤولين الاقتصاديين و200 رجل أعمال تركي، اليوم المشير رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، فضلاً عن إلقائه كلمة في الجامعة العربية بالقاهرة، كما سيلتقي رئيس الوزراء التركي نظيره المصري عصام شرف، على أن يوقع الجانبان إعلاناً سياسياً لإنشاء مجلس استراتيجي للتعاون، كذلك سيوقعان عدداً من الاتفاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية.
وفي السياق، أعرب مدير المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية في القاهرة، عادل سليمان، عن اعتقاده بأنه «سيكون هناك تنافس على الدور الإقليمي» في المنطقة بين مصر وتركيا، قبل أن يستدرك بالقول «مصر ليست في وضع يسمح لها بأداء مثل هذا الدور في الوقت الراهن، لذلك فإن اردوغان يحاول انتهاز هذا».
كذلك قلل سليمان من احتمالات ترتيب سياسات مصرية ـــــ تركية مشتركة ضد الدولة العبرية، على الرغم من خلافات كل من القاهرة وأنقرة مع تل أبيب، مشيراً إلى وجود «قدر كبير من المبالغة والتحركات المسرحية التي تفتقر الى جانب عملي».
(رويترز، أ ف ب، يو بي آي)