انتقلت الأمم المتحدة في ضغطها على النظام السوري، إلى مرحلة تأليف لجنة لتقصي الحقائق في سوريا، على وقع سقوط 20 قتيلاً، بحسب المعارضة، وسماع المستشارة الرئاسية بثينة شعبان موقفاً روسياً جديداً مؤيداً للنظاممع انخفاض حدة التطورات الميدانية في سوريا، أمس، التي أفادت بمقتل 20 مواطناً في حمص وحماه ودوما بريف دمشق، بحسب مصادر المعارضة، فُسح المجال أمام المواقف السياسية، مع تصدُّر مستشارة الرئيس السوري بشار الأسد، بثينة شعبان، المشهد من موسكو التي تزورها، بالتزامن مع تواصل الضغوط الغربية على دمشق. وجدد الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف دفاعه عن حليفه السوري، مشيراً إلى أنه لا جدوى في فرض عقوبات جديدة على نظام الأسد. ورأى، أثناء لقاء مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في موسكو، أن ممارسة «ضغوط اضافية» على دمشق في اطار قرار جديد لمجلس الأمن الدولي «أمر غير ضروري»، كما أشار إلى ان «مثل هذا القرار يجب أن يكون شديد اللهجة، لكن يجب ألا ينص على تبني عقوبات على نحو تلقائي، لأنه سبق اعتماد عدد كبير من العقوبات أساساً من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وبالتالي ليس هناك ضرورة لممارسة ضغوط اضافية على دمشق». وجدد التأكيد أن بلاده «تنطلق من مبدأ أن من الضروري اعتماد قرار حازم، لكن متوازن وموجه الى طرفي النزاع السوري، أي السلطات الرسمية والمعارضة على حد سواء». كلام قابله موقف قديم ـــــ جديد لكاميرون ومفاده «لا نرى مستقبلاً للرئيس الأسد ونظامه». وسرعان ما نددت فرنسا بالموقف الروسي، إذ أوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية برنار فاليرو أن «عرقلة اتخاذ قرار في مجلس الامن تمثل فضيحة». كلام دفع بمنظمي التظاهرات السورية إلى «يوم غضب ضد روسيا» اليوم الثلاثاء.
في غضون ذلك، كانت شعبان تلتقي مبعوث الكرملين إلى المنطقة، ميخائيل مارغيلوف، وتكشف، للمرة الأولى منذ بدء الاحتجاجات في سوريا منتصف آذار الماضي، عن حصيلة رسمية لعدد القتلى التي بلغت بحسب كلامها 1400 شخص، هم 700 شرطي وعسكري، و700 من «المتمردين»، مشيرة إلى أن لدى السلطات «لائحة بأسماء الضحايا ويمكننا تقديمها». وأعربت شعبان عن رغبة بلادها في أن «يحذو الغرب حذو روسيا في مواقفه بدلاً من أن يدعو الى أعمال تسهم في تصعيد العنف» مثلما يحصل في العراق وليبيا. وقالت «نحن الشعب السوري والشعوب العربية نرى أن الغرب لا يرغب في بذل جهود للتوصل الى حل سلمي»، متسائلة «أين كان الغربيون في العراق حين قتل مليون شخص، وحيث لا تزال الخلافات بين السنّة والشيعة مستمرة؟». ودعت المسؤولة السورية «جميع الصحافيين من دون استثناء إلى زيارة دمشق وغيرها من المناطق ليروا ما يحدث بأعينهم، لأن الكثير من وسائل الإعلام تزيف المعلومات».
من جهته، شدد مارغيلوف على أن روسيا «لا تريد أن يتكرر السيناريو الليبي في سوريا»، معلناً أن وفداً من مجلس الاتحاد (المجلس الأعلى في البرلمان) سيزور سوريا قريباً برئاسة عضو مجلس الشيوخ الروسي إلياس أوماخانوف. وكانت القيادة الروسية قد استقبلت يوم الجمعة ممثلين عن المعارضة السورية، ودعتهم الى فتح حوار مع السلطة، بالتزامن مع تصريح لمدفيديف رأى فيه أن «بعض المعارضين السوريين يمكن أن يُعدّوا إرهابيين».
وفي سياق العلاقات الروسية ـــــ السورية، كشف مصدر في وزارة الدفاع الروسية أن دمشق أبدت اهتماماً بشراء المزيد من الأنظمة الدفاعية الجوية الروسية، تحديداً أنظمة «أس 300 فايفوريت» الطويلة المدى، وأنظمة «باك» المتوسطة المدى، وأنظمة «تور» القصيرة المدى».
وفي مقابل الرقم الذي أوردته شعبان عن حصيلة ضحايا العنف في سوريا، أشارت المفوضة العليا لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة نافي بيلاي إلى أن الحصيلة بلغت 2600 قتيل، وذلك في كلمة ألقتها لدى افتتاح الدورة الـ 18 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف.
كذلك ألّف مجلس حقوق الانسان لجنة لتقصي الحقائق تتألف من ثلاثة أعضاء بشأن سوريا، وتمنّى المجلس أن يلقوا تعاوناً كاملاً من قبل السلطات السورية. وسيرأس البرازيلي سيرجيو بينهيرو لجنة التحقيق، التي من المفترض أن تحقق في حالات الاعدام التعسفي والاستخدام المفرط للقوة والقتل واعداد تقرير بحلول نهاية تشرين الثاني.
أما في سويسرا، فقد أعلنت وزارة الاقتصاد أنها جمّدت أرصدة مرتبطة بالنظام السوري تصل قيمتها إلى 45 مليون فرنك (37,3 مليون يورو) «تعود إلى أفراد سوريين أو شركات»، علماً أن برن فرضت عقوبات مالية بحق 23 مسؤولاً سورياً بينهم رئيس الاستخبارات علي مملوك ووزير الداخلية محمد ابراهيم الشعار.
وفي خطوة سورية لمواجهة العقوبات الأوروبية والأميركية، طرحت «شركة تسويق النفط السورية» (سيترول) الحكومية مزايدة لبيع شحنتين من الخام للشحن في منتصف تشرين الأول المقبل. وقال تجار سوريون «اليوم صدرت مزايدة. سوريا تعرض شحنة من الخام (السوري) الخفيف وأخرى من خام السويداء، كل شحنة تزن 80 الف طن».
وفي إطار محاولات دمشق تخفيف الضغوط الدولية عنها، أعربت دمشق عن استعدادها «للتعاون الكامل» مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بخصوص موقع دير الزور الذي يشتبه في أنه يضم مفاعلاً نووياً قصفته إسرائيل في 2007. وقال المدير العام للوكالة، يوكيا أمانو، إن «سوريا اعلنت أنها مستعدة للتعاون الكامل مع الوكالة بهدف حل المسائل المتعلقة بموقع دير الزور».
ميدانياً، أعلن المرصد السوري لحقوق الانسان، في بيان، «ارتفاع عدد القتلى، خلال العمليات التي تنفذها قوات عسكرية وامنية سورية في ريف حماة (وسط)، الى 17». واضاف ان القتلى «هم ثلاثة في قرية مورك وأربعة في قرية كفرنبوذة وعشرة اخرون في قرى كرناز وزيزون وكفر زيتي وقلعة المضيق وقرى اخرى في سهل الغاب».
وفي وقت سابق، قتل فتى في الثانية عشرة من عمره في دوما بريف دمشق برصاص، كما قتل رجل وابنه في منطقة حمص (وسط) خلال عمليات امنية في مدينة الرستن، وفق المصدر نفسه.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)