أكّد مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى والمبعوث الأميركي لليبيا، جيفري فيلتمان، أمس، أن العمليات العسكرية لحلف شمالي الأطلسي ستتواصل ما دام الأمر يتطلب ذلك، مبدياً خشيته من خطر انتشار سلاح كيماوي، بالتزامن مع استمرار المعارك في بلدة بني وليد. وقال فيلتمان، بعد لقائه رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل، إن «الولايات المتحدة وشركاءنا الدوليين لديهم التزام دائم بدعم الشعب الليبي، وهو يرسم مستقبل بلده». وأضاف «يشمل ذلك (الالتزام) العمل مع حلف شمالي الأطلسي ومع شركائنا في التحالف لمواصلة العمليات الرامية إلى حماية المدنيين الليبيين حتى يصبحوا غير معرضين لأي تهديد»، لكنه أكد أنه «لن تكون هناك عمليات قتالية على الأرض» بالنسبة إلى القوات الأميركية.
من جهة ثانية، أوضح فيلتمان أن الولايات المتحدة تبحث مع الحكام الجدد لليبيا في شأن مخاطر انتشار الصواريخ التي تطلق من على الكتف، إضافة إلى الأسلحة الكيماوية كغاز الخردل، موضحاً أن مشتقات الخردل في ليبيا غير موجودة على شكل أسلحة، وهذا يجعله أقل تهديداً. وشدّد على أن «الولايات المتحدة تسعى إلى إقامة علاقات واسعة مع ليبيا على أساس الاحترام المتبادل ومصالحنا المشتركة، ويجب أن يشمل ذلك علاقات التعاون الاقتصادي والتدريب والمساعدات للمجتمع المدني»، من دون تحديد نوعية التدريب. وقال إن «الولايات المتحدة تحترم سيادة ليبيا، ويجب أن يقرر الليبيون وحدهم مصير ليبيا»، وإن بلاده «جاهزة لتلبية أي طلب يتقدم به الليبيون للمساعدة» في مسائل الأمن، «لكن هذا الأمر بيد الليبيين، وأي طلب سنلبيه يجب أن يقوم على طلب محدد من السلطات الليبية». وأوضح المبعوث الأميركي أنه «طلبنا مسؤولين وخبراء في الأمن للمساعدة على فتح سفارتنا، لكن ليس هناك قوات قتالية على الأرض». وأعرب عن قلق أميركي من «تواصل القتال في بعض المناطق مثل سبها وبني وليد، ومن استمرار التهديد الذي يتعرّض له المدنيون».
وعاين فيلتمان، وهو المسؤول الأميركي الأرفع الذي يزور ليبيا بعد سقوطها في أيدي الثوار، الأضرار في مبنى السفارة الأميركية، والتقى بموظفين في السفارة، وعقد اجتماعاً مع رئيس المجلس الانتقالي الليبي، بحسب المتحدثة باسمه ليسلي فيليبس. وقد أوضح أنه «سيلتقي خلال زيارته طرابلس بأعضاء منظمات غير حكومية، ثم سيذهب إلى المركز الطبي في العاصمة الليبية، قبل أن يعود إلى الولايات المتحدة، على أن تستمر زيارته يوماً واحداً».
في المقابل، أقرّ الحلف الأطلسي بأنه يجهل مكان وجود العقيد معمر القذافي حالياً، فيما بات ابنه الساعدي القذافي تحت الحراسة في نيامي عاصمة النيجر. وقال المتحدث باسم عملية «الحامي الموحد» التي يقودها الأطلسي، الكولونيل رولان لافوا، إنه لا يملك معلومات عن مصير القذافي الذي صدرت بحقه مذكرة توقيف عن المحكمة الجنائية الدولية ومذكرة حمراء أصدرها الإنتربول. وأضاف أن القذافي «لم يظهر علناً في البلاد منذ فترة طويلة، ولا نملك معلومات أكيدة عن مكان وجوده حالياً». وأكّد أن «المنطقة التي تنشط فيها (قوات القذافي) تتقلص وتتعرض للمزيد من التضييق».
وفي السياق نفسه، أفاد مصدر حكومي في النيجر بأن الساعدي القذافي دخل من شمال البلاد يوم الأحد، ووصل مساء الثلاثاء إلى نيامي، حيث سيكون تحت حراسة قوى الأمن النيجرية. وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد أعلنت على لسان المتحدثة باسمها، فكتوريا نولاند، أن الساعدي بن القذافي وصل إلى النيجر يوم الأحد ضمن واحدة من أربع قوافل أقلّت بعض كبار الموالين للزعيم المخلوع، وعبرت الحدود الصحراوية الجنوبية. وقالت «فهمنا أنه، مثل الباقين، محتجز في دار ضيافة حكومية». وأضافت أنه «في جوهره تحديد للإقامة في هذه المنشأة الحكومية، هذا هو ما فهمناه»، مشيرة إلى أن النيجر تتعاون مع حكام ليبيا المؤقتين في هذا الصدد.
من جهته، أعلن المتحدث باسم الزعيم الليبي معمر القذافي، موسى إبراهيم، أن «القذافي لا يزال في ليبيا، وفي حالة معنوية جيدة، ويجمع قواته ليقاتل». وأضاف أن «القتال أبعد عن الانتهاء ممّا يتصوره العالم»، مشيراً إلى أن «معسكر القذافي لا يزال قوياً جداً، وجيشه لا يزال قوياً، ولديه آلاف مؤلّفة من المتطوعين».
وتحاصر قوات الحكومة المؤقتة واحدة من معاقل القذافي الأخيرة، وهي بلدة بني وليد، فضلاً عن سرت، مسقط رأس القذافي على البحر المتوسط، وسبها في عمق الصحراء في الجنوب. وبعد أسبوع من القتال، دعت قوات المجلس في بني وليد السكان إلى الرحيل قبل اقتحام البلدة. وغادرت عشرات السيارات. وأوضح قادة من المجلس الوطني أن الناس في بني وليد أبلغوا من خلال رسائل أن أمامهم يومين لمغادرة البلدة.
(أ ف ب، يو بي آي، أ ب، رويترز)