ظلّ الأبرز من ناحية التطورات السياسية والميدانية في سوريا، أمس، أنباء المعارضات السورية النشطة هذه الأيام، في الداخل كما في الخارج. وتداخلت المواقف الدولية الضاغطة على نظام الرئيس بشار الأسد مع بعض المعارضين الذي التقوا مسؤولين فرنسيين، إضافة إلى الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، ما أعاد فتح مواجهة كلامية جديدة بين الجامعة ودمشق.
وأعلن معارضون سوريون في إسطنبول، أمس، تأليف «المجلس الوطني السوري» لتنسيق جهود إسقاط النظام السوري. وذكرت وكالة أنباء «الأناضول» التركية الحكومية أن المُعارِضة السورية، بسمة قضماني، المقيمة في باريس، تلت إعلان إنشاء «المجلس الوطني» نيابة عن أعضائه، وقالت إنه «بعد انتهاء المرحلة الأولى من الاجتماعات التشاورية، قرر شباب ثوار وشخصيات سياسية ونشطاء وتكنوقراط تأليف المجلس الوطني السوري». وأضافت قضماني أن «جهود المعارضة لاستبدال الديكتاتورية في سوريا بدولة مدنية تعددية وديموقرطية قد نضجت في فترة 6 أشهر»، مطمئنة إلى أن أبواب المجلس ستبقى مفتوحة أمام القوى السياسية الأخرى. وأشارت الى أن من بين أهداف المجلس «إسقاط النظام في سوريا عبر وسائل شرعية، وحماية المؤسسات العامة، ومواصلة الثورة بالأساليب السلمية، وحماية الوحدة الوطنية، والإخلاص للثورة، وإقامة دولة مدنية، وصون الحرية والديموقراطية»، لافتةً إلى أن هذا «مشروع سياسي وبرنامج يطبّق على 3 مراحل، أولاها إطاحة النظام في سوريا». ولم يرد في خبر الوكالة التركية عدد أعضاء «المجلس الوطني السوري» ولا أسماؤهم.
وفي سياق متصل بالنشاط السوري المعارض، كشف أمين سر هيئة التنسيق الوطنية للتغيير الديموقراطي، حسن عبد العظيم، أن الهيئة تعتزم، مع معارضين آخرين، إقامة مؤتمر خاص بها يوم السبت المقبل «في مكان خاص خارج دمشق». ووفق صحيفة «الوطن» الخاصة، فإن «المؤتمر مخصَّص ليوم واحد يليه مؤتمر صحافي في اليوم التالي، حيث يقارب عدد المدعوين والمتوقع حضورهم ما بين 200 و300 شخص من خلفيات سياسية وشخصيات وطنية وفاعليات شعبية». ونقلت الصحيفة عن مصادرها أن اللقاء يهدف إلى تأسيس «مجلس وطني لهيئة التنسيق الوطنية وقوى التغيير الديموقراطي»، مشيرةً إلى أن «الهيئة يمكن أن تتوسع عبر تكوين ائتلاف بينها وبين حركات كإعلان دمشق وبعض الشخصيات الإسلامية التي شاركت في المؤتمر الثاني في إسطنبول الذي تميّز بطابع إسلامي».
وتضم الهيئة المذكورة، التي أعلن تأسيسها أواخر حزيران الماضي، أحزاب التجمع اليسار السوري وحزب العمل الشيوعي وحزب الاتحاد الاشتراكي و11 حزباً كردياً، إضافة إلى شخصيات معارضة من الداخل كعارف دليلة وميشال كيلو وفايز سارة وهيثم المالح، ومن الخارج برهان غليون وهيثم المناع ورامي عبد الرحمن وزكريا السقال وسمير العيطة وآخرين.
في موازاة ذلك، انضمت القيادة الفرنسية إلى نظيرتيها الأميركية والبريطانية في استقبال معارضين سوريين مقيمين في الخارج؛ فقد أكّد المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، برنار فاليرو، أن وزارته استقبلت أعضاءً من المعارضة السورية «من أجل تطوير اتصالاتنا مع المعارضين». ولم يشأ المتحدث الكشف عن هوية الأشخاص الذين جرى استقبالهم في وزارة الخارجية «لأسباب تتعلق بأمنهم». وبحسب وكالة «فرانس برس»، تعتزم حركة «تحالف القوى العلمانية والديموقراطية السورية» تنظيم مؤتمر في قصر المؤتمرات في باريس لدعم «الثورة السورية»، بمشاركة كتاب وباحثين وجامعيين، ولا سيما مدير مركز دراسات الشرق المعاصر في جامعة السوربون الذي يديره برهان غليون.
في هذا الوقت، تقدم مندوب سوريا الدائم لدى جامعة الدول العربية يوسف أحمد بمذكرة احتجاج رسمية شديدة إلى الأمين العام للجامعة نبيل العربي، بعد لقائه أول من أمس معارضين سوريين، وتسلّمه منهم ورقة تتضمن 8 مطالب، بينها فرض حظر جوي على سوريا. وأعرب أحمد في المذكرة عن «استغرابه وقلقه العميق من هذه الخطوة التي تمثّل سابقة خطيرة في العمل العربي المشترك، في أن يقدم أمينها العام على مثل هذا التصرف غير المدروس، متجاوزاً صلاحياته وتفويضاته ومهماته التي حددها ميثاق الجامعة ونظامها الداخلي، ومتناقضاً مع حقيقة راسخة، وهي أنه الأمين العام لمنظمة إقليمية تمثّل حكومات الدول العربية».
وفي إطار الضغط العربي المتواصل على دمشق، انتقد رئيس البرلمان العربي، الكويتي علي سالم الدقباسي، البيان الصادر عن اجتماع مجلس الجامعة العربية على مستوى وزارء الخارجية يوم الثلاثاء بشأن سوريا، واصفاً إياه بـ«المخيّب للآمال». أما البرلمان الأوروبي، فقد رأى أن الرئيس السوري بشار الأسد «فقد شرعيته بسبب استعمال القوة ضد المتظاهرين»، ودعاه إلى التنحّي «فوراً».
في المقابل، أعلن مدير الهيئة الفدرالية الروسية للتعاون العسكري ــــ التقني، ميخائيل ديميترييف، أن بلاده ستعلّق التعاون العسكري التقني مع سوريا فوراً إذا فرضت عقوبات دولية على الأخيرة. كلام أرفقه المندوب الروسي لدى الاتحاد الأوروبي، فلاديمير تشيجوف، بجزمه أنّ روسيا والاتحاد الأوربي «متفقان على ضرورة وقف العنف واللجوء إلى المسار السياسي في سوريا، ووجود حاجة إلى الإصلاح» فيها، كاشفاً أن موسكو «لفتت انتباه القيادة السورية إلى أنها تأخرت في تطبيق الإصلاحات بما يكفي».
وفي السياق، أشار إلى أن وزراء خارجية روسيا والاتحاد الأوروبي سيناقشون الوضع في سوريا وليبيا الأسبوع المقبل في نيويورك.
ميدانياً، كان الأبرز إعلان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن شخصين توفيا أمس في حمص متأثرين بجراح أُصيبا بها سابقاً، واعتُقل العشرات في محافظات إدلب وريف دمشق ودير الزور، في وقت تستعد فيه المدن السورية اليوم لتظاهرات جديدة تحت عنوان «ماضون لإسقاط النظام».
إلى ذلك، حثت الولايات المتحدة الأميركية رعاياها على مغادرة سوريا على الفور وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن الحملة الحكومية العنيفة ضد الاحتجاجات السلمية أوجدت وضعا متقلبا.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)