بقيت الكويت خارج سباق «جمعات العالم العربي» وثوراته، إلا في حالات استثنائية واجهتها السلطة بالقنابل المسيلة للدموع والهراوات بعد المطالبة بتغيير رئيس الوزراء ومزيد من الحرية السياسية، إذ إن غالبية الاحتجاجات الكويتية، ألصقتها السلطة بـ«البدون»، وهم السكان الذين لا يحملون الجنسية الكويتية، فيما تغيّرت المعادلة اليوم بعد الإعلان عن تظاهرة شعبية تحمل شعار «الإمارة الدستورية والحكومة المنتخبة». وانطلقت في ساحة الصفاة الكويتية، مساء أول من أمس، تظاهرة شعبية من دون أي مشاركة نيابية، أُعلنت خلالها المطالب الشعبية التي وصفت بأنها لا تتعلّق بالتنافر السياسي والصراع الحكومي النيابي، إذ طالب المتظاهرون بالإصلاح السياسي ومحاربة الفساد في أروقة الأجهزة الحكومية والمؤسسة التشريعية عبر إدارة نزيهة للدولة وأمينة تعيد ثقة الشعب بمؤسساته وتكون نابعة من خيار الشعب. ومن المطالب أن يكون الشعب قادراً على محاسبة الإدارة التي اختارها وتقويم أي اعوجاج.
وشرح الشباب أن هذه الإدارة لا يمكن أن تكون إلا بتحقيق مشروع سياسي يتكون من عدة خطوات، وهي: تعديل قانون الانتخاب، بحيث يضمن العدالة والنزاهة الكفيلة بوصول مجلس يعبر بحق عن إرادة الأمة، وذلك بجعل الكويت دائرة واحدة وفق نظام القوائم والتمثيل النسبي، وتنظيم الفوضى السياسية بقانون ينظّم عمل الجماعات السياسية ويراقب أداءها وأنشطتها. بالإضافة الى ما سبق، يرى الشباب ضرورة وجود هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات ومراقبتها بعيداً عن أي تدخلات من أي أطراف أخرى لها مصلحة مباشرة أو غير مباشرة بالعملية الانتخابية. كما أنه يجب «حلّ مجلس الأمة والحكومة بعد إقرار تلك القوانين الضامنة لنزاهة الانتخابات لتجري انتخابات مبكرة تفرز مجلساً كفؤاً للنظر في التعديلات الدستورية»، كمطلب أساسي.
وبالرغم من التحذيرات التي وجّهها عدد كبير من نواب وكتل برلمانية من خطورة اللجوء إلى الشارع وتداعيات هذه الخطوة على الأمن والاستقرار والسلم الأهلي في البلاد، فقد حظيت التظاهرة بتأييد ومباركة كتلتي «العمل الشعبي» و«التنمية والإصلاح»، فيما عمدت وزارة الداخلية إلى مضاعفة جهودها لمنع أي مسيرات تصاحب هذه التجمعات والتصدي لها منذ البداية.
من جهة أخرى، شهدت الكويت أعمال شغب أشعلها النواب داخل البرلمان، بعدما اختلفت قوى المعارضة التي دعت إلى اعتصامات وتظاهرات ضد الحكومة أمس الجمعة ويوم الأربعاء المقبل، وبين السلطة.
ولم تقتصر أعمال الشغب على تبادل الاتهامات والفضائح والتركيز على قضايا الزواج العرفي والفساد المالي والثراء إثر استغلال أموال الشعب، بل تخطى الأمر الرشق الكلامي ليصل الى التطاول بالأيدي والعصيّ.
واللافت أن النائب شعيب المويزري كان الأكثر هجوماً، إذ أشار الى نواب لم يحدّدهم بالكيد له والعمل على تشويه سمعته والإساءة إليه. وذكر، في مؤتمر صحافي خصّصه لعرض «الفضائح»، أن أحد النواب اتهمه قبل أسبوع بشراء شقة بـ 380 مليون دولار في لندن، فردّ عليه «أنت متزوج عرفياً في المغرب ومصر ومواطنة عراقية». واتهم نائباً آخر بأنه «ببناء قصر له في سويسرا على مساحة ثلاثة آلاف متر مربع، رغم أنه كان قبل خمسة عشر عاماً لا يمتلك أي شيء».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)