ترك اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، أمس، مخيماتهم. جاؤوا إلى ساحة جبران من مخيمات بيروت والجنوب. تجمعوا أمام مقر الأمم المتحدة في ساحة رياض الصلح لدعم توجّه الرئيس الفلسطيني محمود عباس المطالب بالعضوية الكاملة للدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، وليقدموا مذكرة إلى ممثّل الأمم المتحدة ادم البدير. في الحديقة الخضراء وقف اللاجئون من مختلف الفصائل الفلسطينية رافعين علماً واحداً هو العلم الفلسطيني. أمس لم يكن للمناكفات بين الفصائل أي مكان. فهم هنا ليخوضوا صراعاً جديداً. صراع على الهوية وعلى ضرورة تأكيدها عبر قيام دولة لطالما حلموا بها. بالنسبة إلى هؤلاء الدولة أفضل من السلطة المحدودة، حتى ولو «قامت دولتنا على جزء من أرض فلسطين، إلا أنها ستصبح لاحقاً على كامل التراب الفلسطيني»، يقول محمد إبراهيم ابن مخيم شاتيلا. هكذا، وقف أمس الفلسطينيون ليستمعوا إلى كلمات الرئيس الراحل ياسر عرفات الذي كان قد أعلن «باسم الله وباسم الشعب الفلسطيني» قيام الدولة الفلسطينية في عام 1988. أمس، افترش اللاجئون الأرض بانتظار الكلمات. بالطبع لم يستمع الجميع إلى الخطابات والأصوات الجهورية التي ملأت فضاء المكان. ففي الخلف كانت حلقة من الشباب يردّدون شعاراتهم الخاصة، «يا مستوطن اطلع برّا، فلسطين دولة حرّة»، إضافة إلى «من القدس لبيروت شعب واحد ما بموت». رأي هؤلاء عن الدولة الفلسطينية واضح لا لبس فيه «اعترفوا بدولة اسمها جنوب السودان لماذا لا يعترفون بنا كفلسطينيين. نحن شعب تشتّت ونستحق دولتنا»، يقول أحد هؤلاء. في ساحة جبران كان الأطفال يلهون على العشب الأخضر يركضون على أنغام الأغاني الوطنية الفلسطينية التي كانت مثل فاصل بين كلمة مسؤول وآخر. ففي المخيمات كما هو معروف لا توجد مثل هذه المساحات للأطفال ليلهوا، ومثل هذه المناسبات جيدة بالنسبة إليهم «لشمّ الهوا». هكذا، توزعت الكلمات على سفير دولة فلسطين في لبنان عبد الله عبد الله الذي طالب المجتمع الدولي بأن يقف مع «الشعب الفلسطيني الذي يتمسك بحزم وإصرار بحقه في تقرير المصير»، مؤكداً أنه «حان الوقت ليقف العالم مع هذا الشعب في وجه من يريد أن يضع عراقيل في طريقه».
من جهته، قال النائب اللبناني مروان فارس إن «قيام الدولة الفلسطينية هو استكمال للصراع مع العدو للحصول على دولة فلسطين التاريخية، التي سيعود إليها اللاجئون الفلسطينيون»، مؤكداً أن «دولة لبنان رئاسة وحكومةً وشعباً مع توجّه الشعب الفلسطيني». ثم قال ممثل الحزب التقدمي الاشتراكي، بهاء أبو كروم، إن «حق تقرير المصير هو حق للفلسطيني، لذلك يحق للفلسطيني أن تكون له دولته المستقلة مع التركيز على حق العودة». وأضاف أن «التحرك باتجاه المطالبة بالدولة ليس آخر التحركات بل البداية».
بالطبع التحركات الفلسطينية لا تقتصر على الفلسطينيين فقط، إذ كانت للنشطاء الأجانب كلمتهم أيضاً. الناشطة الأميركية نيكول براونز ألقت كلمة باسم هؤلاء وطالبت حكومتها بـ«دعم توجّه الفلسطينيين من أجل الحصول على دولتهم والضغط على الدولة الإسرائيلية من أجل تسهيل حياة الفلسطينيين». ثم طالب أمين سر حركة فتح في لبنان فتحي أبو العردات، باسم منظمة التحرير الفلسطينية، بأن «يكون لفلسطين دولة تحمل الرقم 194، مع التشديد على القرار الدولي 194 الذي يضمن حق العودة للاجئين إلى ديارهم»، معتبراً أن المدخل للسلام هو «الحصول على دولة مستقلة». تنتهي كلمة أبو العردات ليبدأ مسؤولو الفصائل بإلقاء كلماتهم. تطول الكلمات، يملّ الحضور، يبدأون بالانسحاب من الحديقة متوجهين إلى حافلاتهم على أن يلتقوا نهار الجمعة المقبل في ملعب مخيم مار الياس لمشاهدة كلمة الرئيس الفلسطيني مباشرة على الهواء.