يتابع خبراء القانون الدولي في إسرائيل، باهتمام كبير، المسار الذي تسلكه السلطة الفلسطينية للاعتراف بالدولة الفلسطينية عبر قناة الأمم المتحدة، ويتوقفون خصوصاً عند التداعيات والآثار القانونية التي يُرتّبها هذا الاعتراف، ولا سيما الدعاوى التي يمكن أن تُقدم ضد إسرائيل عبر المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي في كل ما يتعلق بالسياسة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين عموماً، وبالسلوك الإسرائيلي في أراضي الضفة الغربية خصوصاً.في هذا المجال، نقلت صحيفة «هآرتس» عن البروفسور روبي سيبال، المستشار القانوني السابق في وزارة الخارجية، قوله إن ثمة تخوّفاً من جرّ عناصر إسرائيلية إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، لجملة أسباب، بينها على سبيل المثال لا الحصر دور تلك العناصر في المشروع الاستيطاني، ذلك أنه حسب قانون المحكمة الجنائية الدولية، النقل المباشر أو غير المباشر لسكان الدولة التي تحتل الأرض إلى الأرض المحتلة هو جريمة حرب.
وفي تقدير نيك كوفمان، خبير القانون الدولي الذي يعمل محامياً في المحكمة في لاهاي، ود. دفنا ريتشموند ــــ باراك، خبيرة القانون الدولي من مدرسة ردزنر للقانون، أن الفلسطينيين سيكثفون استخدامهم للمحكمة الجنائية الدولية بعد أيلول. وحسب أقوالها التي نقلتها «هآرتس»، هناك تخوّف من أن يطلب الفلسطينيون من المحكمة التحقيق في حالات تقع في إطار جرائم الحرب من عام 2002. وقالت إن «احتمال أن يجد إسرائيليون أنفسهم في المحكمة في لاهاي سيزداد بلا شك بعد أيلول».
ونشرت المحاميتان آن سوتشيو وليمور يهودا، من جمعية حقوق المواطن في إسرائيل، وثيقة تفصّل الآثار المحتملة للخطوة الفلسطينية على حقوق الإنسان في مناطق الضفة. وبحسب قول يهودا، فإن «معنى تدخل المحكمة يمكن أن تؤلف هيئة رقابة أخرى على ما يجري في الضفة حين يكون هناك اشتباه في تنفيذ جرائم حسب القانون الدولي. واضح أنه إذا كانت الدولة التي لها صلة مباشرة بالفعل قد اتخذت إجراءات، حقّقت وقدمت إلى المحاكمة المسؤولين عن الأفعال، فإن المحكمة لن تتدخل. والجدير بالذكر أن انضمام الفلسطينيين إلى ميثاق روما سيلزمهم بالحفاظ على حقوق الإنسان. مثلاً، الامتناع عن التعذيب والامتناع عن إطلاق النار على السكان المدنيين في إسرائيل. هذا كفيل بأن بالتشدّد في واجب الطرفين تجاه حقوق الإنسان».
بدوره، يشرح أستاذ القانون الدولي يوفال شاني أن «التصويت في الأمم المتحدة سيسمح للفلسطينيين بتقديم شكوى ضد إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جريمة حرب ببناء المستوطنات في منطقة» تخضع لسلطة دولة هي الدولة الفلسطينية. وأضاف أن مثل هذه الدعوى «تبدو في هذا المضمون أقوى وأخطر ورقة ضد إسرائيل سيمتلكها الفلسطينيون بعد التصويت». وبحسب شاني، فإن المسؤولين الإسرائيليين من الممكن أن يجدوا أنفسهم مبعدين من المجتمع الدولي «مثل معمر القذافي» الذي يواجه مذكرة توقيف صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية.
ورأى أستاذ القانون الدولي في الجامعة العبرية في القدس، كلود كلاين، أن «الذهاب إلى المحكمة الجنائية الدولية من الممكن أن يمثّل مشكلة خطيرة لإسرائيل».
من جهته، تطرق الباحث في برنامج الأمن القومي والديموقراطي في المعهد الإسرائيلي للديموقراطية، الدكتور عميحاي كوهين، إلى الأهمية القانونية للتصويت على الدولة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، فأشار إلى أنه في حال حدوث تصويت إيجابي، في ظل عدم توصية مجلس الأمن، فإن أكثر ما يمكن أن تفعله الجمعية العامة هو رفع مستوى التمثيل الفلسطيني إلى درجة مراقب، مثل مستوى الفاتيكان، أو دعوة منظمات دولية أخرى إلى قبول الدولة الفلسطينية في عضويتها. ورأى أن اعترافاً كهذا يمكن أن يكون مهماً.
في المقابل، قال عمانوئيل نفون، محاضر في العلاقات الدولية في جامعة تل أبيب، إن إعلان الدولة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة سيكون تصريحاً فارغاً، وشكّك في استيفاء السلطة الفلسطينية للمعايير للدولية للاعتراف بها كدولة. وأشار، في صحيفة «إسرائيل اليوم»، إلى أنه بحسب ميثاق الأمم المتحدة، فإن الدولة التي تريد أن تُقبل في المنظمة يجب أن تتوجه إلى الأمين العام الذي ينقل الطلب إلى مجلس الأمن، لكن يجب قبل ذلك أن توجد دولة. وأضاف أنه «فضلاً عن أن محمود عباس لم يعلن إنشاء دولة، فإن السلطة الفلسطينية لا تستوفي جميع معايير القانون الدولي كي تعتبر دولة، وهي سكان ثابتون، وأرض محددة، وحكومة وقدرة على إدارة علاقات خارجية»، في إشارة إلى معاهدة مونتفيديو من عام 1933، التي تضمنت التعريف الكلاسيكي لموضوع إقامة دولة.