بعدما غادر الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، عبد اللطيف الزياني، صنعاء من دون النجاح في إحداث أي اختراق في جدار الأزمة السياسية المتواصلة في البلاد، اتجهت الأنظار نحو السعودية بوصفها القوة الإقليمية الأبرز القادرة على الضغط على الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح للتنحي وتجنيب بلاده شبح الحرب الأهلية، في ظل استمرار توسع المعارك ودخول الاشتباكات القبلية عنصراً جديداً فيها.ويرى المحللون أن السعودية، رغم الثقل الإقليمي والنفوذ الذي تتمتع به في اليمن، فإنها غير قادرة في ما يبدو على اتخاذ قرار بالضغط على صالح، المقيم لديها منذ شهر حزيران الماضي ليتنحى، في ظل الخلافات بين أمرائها على الشخصية الأصلح للسيطرة على البلاد من بعده.
ويقول غانم نسيبة، وهو شريك في شركة «كورنرستون غلوبال» للاستشارات: «هناك من هم في النظام ممن يشعرون بارتياح أكبر إزاء مزيد من الديموقراطية في اليمن، وهناك آخرون لا يريدون أن يحدث هذا». بدوره، يقول السفير السابق للولايات المتحدة في الرياض، روبرت جوردن: «من الصعب في مجتمع قبلي كثير الأجزاء معرفة النظام واللاعبين التاليين الذين تريد أن تدعمهم».
أما أستاذ العلوم السياسية في الرياض، أسعد الشملان، فيؤكد أن السعودية تريد استقرار اليمن وأن تكون له حكومة قوية قادرة على السيطرة على أراضيه ولا تتيح مجالاً لتنظيمات «إرهابية» مثل القاعدة، ولا سيما أن السعودية ترى أن حدودها الوعرة غير المحكمة مع اليمن عند طرف شبه الجزيرة العربية أسوأ تهديد أمني لها. وأوضح الشملان أن مسألة اليمن بالنسبة إلى السعودية هي في الأساس ليست مسألة سياسة خارجية، إنها مسألة أمن قومي لها بعد في السياسة الخارجية، ولهذا يهتم بها الكثير من الأجهزة في الحكومة السعودية، وقد فوض الملك عبد الله بن عبد العزيز، إلى رئيس الاستخبارات السعودية، الأمير مقرن بعض المسائل المتعلقة بالسياسة اليمنية. كذلك، إن وزير الداخلية الأمير نايف وابنه ونائبه محمد الذي يقود جهود المملكة لاجتثاث تنظيم القاعدة لهما مشاركة وثيقة في القضية اليمنية.
أما ولي العهد، سلطان فظل طوال السنوات الماضية مهيمناً على سياسة الرياض تجاه اليمن. لكن منذ مرضه في الأعوام القليلة الماضية تدخل أمراء آخرون وهيئات حكومية على نحو وثيق. وكان الأعضاء البارزون في الأسرة الحاكمة ينشئون شبكات المحسوبية الخاصة بهم من رجال القبائل والساسة في اليمن بالاستعانة بالهدايا والمبالغ النقدية والنفوذ السياسي.
ويبدو أن صالح يفهم جيداً الديناميكية التي تحرك سياسة السعودية تجاه اليمن والتي تتطلب ألا يكون اليمن شديد الضعف أو شديد القوة، ولذلك يسعى إلى استغلال هذا الاختلاف لمقاومة الضغوط بتنحيه، فيما يواصل نجله أحمد، مدعوماً بقوات الحرس الجمهوري، نشر الموت في العاصمة اليمنية صنعاء، وعدد من المحافظات الأخرى.
وقالت مصادر محلية وشهود عيان «إن القناصة (التابعين لقوات نجل الرئيس) الذين كانوا يعتلون أسطح عمارات مطلة على ساحة التغيير بجامعة صنعاء قتلوا 4 مدنيين، بينهم امرأتان». وأشاروا إلى إصابة 12 شخصاً بجروح بأماكن متفرقة من أجسادهم جراء عمليات القنص.
كذلك تجددت المواجهات العسكرية اليوم بين قوات نجل صالح وقوات الفرقة الأولى مدرع التي يقودها اللواء علي محسن الأحمر.
وفي تطور لافت، شهدت العاصمة صنعاء اقتتالاً بين رجائل قبائل موالين للنظام ومعارضين له، أدت إلى مقتل 6 أشخاص على الأقل. وقال شهود عيان إن اشتباكات عنيفة اندلعت بين أنصار زعيم قبيلة حاشد صادق الأحمر ومجموعة من المسلحين تتبع الشيخ القبلي عزيز صغير، الموالي للرئيس صالح في حي الحصبة شمال صنعاء.
(رويترز، يو بي آي، أ ف ب)