رام الله | ما إن وصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى رام الله، آتياً من نيويورك عبر لندن وعمّان، حتى وجد الآلاف من المواطنين الفلسطينيين بانتظاره في مقر «المقاطعة»، حيث خاطب أبو مازن المجتمعين بالقول: «ارفعوا رؤوسكم فأنتم فلسطينيون»، مضيفاً أن «الشعب يريد دولة فلسطين، ونحن بلا شك أقوياء بحقنا، أقوياء بشرعيتنا، أقوياء بتصميمنا، أقوياء بمطالبنا بعيوننا وعقولنا وثقافتنا».
وقال عباس: «يجب علينا أن نعرف تماماً أن هناك من يضع العقبات، وهناك من لا يزال يرفض الحق ويرفض الشرعية، وسيقف بوجهنا، لكن بوجودكم نحن أصلب من الجميع للوصول إلى حقنا».
وأضاف: «ذهبت إلى الأمم المتحدة أحمل آمالكم وأحلامكم وطموحاتكم وعذاباتكم ورؤيتكم إلى المستقبل وحاجتكم الملحة إلى دولة فلسطينية مستقلة، ولا أشك لحظة واحدة في أن العالم كله، العالم الحر من أقصاه إلى أقصاه، استقبل ما نقلناه عنكم وعن تاريخكم وعن عذاباتكم وعن نضالاتكم وعن تطلعاتكم بكل الاحترام والتقدير».
وتابع عباس: «هناك الربيع العربي، ولكن الربيع الفلسطيني موجود هنا، ربيع شعبي جماهيري مقاوم سلمياً للوصول إلى غاياتنا، وأمام هذا الإصرار الذي نقلته من عيونكم إلى العالم وقف الجميع احتراماً وتقديراً لتطلعاتكم». وواصل قائلاً: «نحن واقعيون، نحن نقول إن مسيرتنا الدولية الدبلوماسية العالمية قد بدأت، وأمامنا شوط طويل، طويل جداً. نحن أكدنا للجميع أننا نريد أن نصل إلى حقوقنا بالطرق السلمية بالمفاوضات، ولكن ليس أي مفاوضات»، مضيفاً: «لن نقبل إلا أن تكون الشرعية أرضية وأن يوقفوا الاستيطان وقفاً كاملاً، لقد شاهد العالم حضارة هذا الشعب عبر الشاشات وعبر التلفزيونات وعرف تماماً أن هذا الشعب حضاري يطالب بحقه فقط، ويطالب بتثبيت هذا الحق، وكما قلنا لهم نحن في هذه الأرض باقون وسنكون وسنكون».
وكان لعباس مواقف أطلقها على متن الطائرة في طريق عودته؛ إذ قال: «إن الفلسطينيين يتوقعون من مجلس الأمن أن يتخذ قراراً بشأن محاولتهم نيل العضوية الكاملة في الأمم المتحدة خلال أسابيع لا أشهر». وأضاف أن الدول الأعضاء في مجلس الأمن لم تبد في البداية حماسة لفكرة مناقشة الطلب.
لكن الأجواء تغيرت بعد إلقائه لخطابه أمام الجمعية العامة. وقال متحدثاً عن العودة إلى مفاوضات السلام: «أي مبادرة لا يوجد فيها وقف استيطان أو حدود الـ67 لا نتعامل معها». وقال: «إن استمرار مشروع الاستيطان ينهي مشروع حل الدولتين وهم يرون الاستيطان أمراً واقعاً، طبعاً لا نقبله وهذا الاستيطان برأينا يمثّل خطراً كبيراً على الدولة الفلسطينية». غير أنه أوضح «أن لا تعليق على بيان الرباعية إلا بعد دراسته من القيادة الفلسطينية وأيضاً هناك المبادرة الفرنسية والمبادرة العربية الأوروبية والرباعية»، وشدد على «أنه يجب نسف اقتراحات الرباعية القديمة».
وأعلن كذلك أنه سيجري محادثات مع حركة حماس تتناول شؤون الحكومة والمصالحة وكل ما يتعلق بالأفق الفلسطيني العام. وأوضح أن «مسؤولين في حماس أبدوا اعتراضات على طلب عضوية دولة فلسطين، ولهم بعض الملاحظات، لكن طلبنا بعضوية فلسطين بالمجمل تلقى تاييداً كبيراً من قيادات من حماس». وقال: «إننا لم نتجاهل أي مبادرة سياسية، ومن الخطأ السياسي تجاهل مبادرات؛ لأنه قد يكون فيها بعض الإيجابيات ونطورها، وخاصة أننا نحن أقدر على تطويرها ممن يقدمها؛ لأنهم يريدون حلاً ما، أو تفادي حل ما».
وبعيداً عن تهديد الفيتو الأميركي، فلا يزال من غير الواضح أيضاً ما إذا كان تسعة من بين 15 عضواً في مجلس الأمن، الذي يجتمع اليوم للتشاور حول الطلب، سيوافقون على الطلب. وأبلغ وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي الإذاعة الوطنية بأن المسؤولين لا يزالون يأملون حشد الأصوات المطلوبة. ونقل عن المالكي قوله إن المشاورات مستمرة، وخاصة مع الغابون ونيجيريا والبوسنة والهرسك، وهي دول لم تحدد موقفها بعد.
إلا أن عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، نبيل شعث، أعلن أن تسعة أعضاء في مجلس الأمن الدولي سيصوتون لمصلحة طلب عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، ما يعني أن الطلب سينجح إذا لم تستخدم واشنطن الفيتو ضده. وقال، في حديث لإذاعة صوت فلسطين: «سنتدخل كلما حصل تعطيل لطلب فلسطين بحصول عضويتها»، مشيراً إلى أن المداولات في مجلس الأمن ستأخذ ما بين خمسة إلى ستة أيام. وطالب واشنطن بـ«الاختيار بين اللوبي اليهودي ومصالحها في المنطقة العربية عند تصويتها في مجلس الأمن».
وعن مقترحات الرباعية والفرنسيين، أعلن شعث أنه لا يمكن قبول أي مبادرات لا تتضمن وقف الاستيطان، مبدياً استعداد القيادة الفلسطينية للنظر بجدية في المقترحات إذا استندت إلى بيانات سابقة للرباعية الدولية تدعو إلى وقف الاستيطان وحدود عام 1967. وأشار إلى أن «المرحلة المقبلة ستشهد اشتباكاً على أكثر من جهة، ولن تقبل السلطة الوطنية تنفيذاً انتقائياً لاتفاقية أوسلو». وأوضح أن اتفاقية باريس تتضمن السماح لمئة وخمسين ألف عامل فلسطيني بالعمل في إسرائيل، غير أن الأخيرة تعرقل تنفيذ هذا الاتفاق. وشدد شعث على أن السلطة الوطنية ستعيد النظر في التجارة مع إسرائيل التي تبلغ قيمة صادراتها إلى الأراضي الفلسطينية نحو مليارين ونصف مليار دولار سنوياً.