أكّد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أن الشعب السوري سيطيح الرئيس السوري بشار الأسد «عاجلاً أو آجلاً»، بما أن «زمن الحكم الدكتاتوري يتلاشى في أنحاء العالم». وفي مقابلة مع شبكة «سي أن أن» الإخبارية الأميركية، واصل أردوغان لهجته المتشددة تجاه إسرائيل، وحذر من أن العلاقات «قد لا تعود إلى طبيعتها أبداً معها»، من دون أن ينسى تخصيص الرئيس الأميركي باراك أوباما بالعبارات الودّية. ووجّه أردوغان، وفقاً لنص المقابلة، كلامه إلى الأسد قائلاً: «لا يمكنكَ أبداً أن تظل في السلطة عن طريق القسوة. لا يمكنك أبداً أن تقف في وجه إرادة الشعب». وأضاف أن «هذه العملية (الاحتجاجات) قد تستمر لفترة أطول قليلاً، لكن عاجلاً أو آجلاً، إذا اتخذ الناس قراراً مختلفاً في سوريا، فإن ذلك القرار سيُلبّى، لأن الشعب يريد الحرية، مثلما حدث في مصر وتونس وليبيا».
وفي حديثه عن سوريا أيضاً، أشار إلى أن «خطى الديموقراطية أصبحت تسبق الحكم الاستبدادي، والأنظمة الدكتاتورية تحترق وتسقط أرضاً». ووصل الأمر بأردوغان إلى التنصّل من العلاقة الشخصية التي كانت تربطه بالأسد، وذلك في إطار ردّه على استفسارات عن تقارير تحدثت عن قضائه إجازات خاصة مع الأسد. وكشف أن الرئيس السوري دعاه لقضاء العطل في سوريا «لكن لمناقشة العلاقات بين البلدين»، موضحاً أنهما لم يقضيا معاً أي عطلة في إطار صداقة شخصية. وهنا أيضاً جزم بأن صبره من الأسد نفد أخيراً. واستطرد قائلاً «إذا كنتَ ستتخذ إجراءات ضد الحقوق الأساسية والحريات والقانون، فسوف تفقد مكانك في قلبي كأخ وصديق. لقد تحلّيتُ بالصبر الشديد. الصبر الصبر الصبر. وبعد ذلك ضقت ذرعاً».
أما بالنسبة إلى أوباما وتشديد أنقرة على الطابع الاستراتيجي الذي يربطها بواشنطن، بدليل أن أردوغان أجرى تسعة اتصالات هاتفية مع أوباما خلال العام الجاري، فقد قال المسؤول التركي «بصفة شخصية، أنا معجب فعلاً بباراك أوباما. وبالنسبة إلى سياسته وتطبيقه لها، فأريد منه أن يكون أكثر نجاحاً»، متمنياً له حظاً سعيداً في الانتخابات الرئاسية المقبلة في تشرين الثاني 2012. ولدى سؤاله عن الاختلاف الكبير بين الولايات المتحدة وتركيا بشأن القضية الفلسطينية، اقتصرت إجابة أردوغان على العموميات، إذ أشار إلى أنه «ينبغي الدفاع عن الديموقراطية والحقوق والحرية». وسبق لأردوغان أن أعلن من نيويورك، يوم الجمعة، أن الإدارة الأميركية وافقت «من حيث المبدأ» على تزويد تركيا طائرات من دون طيار على الأراضي التركية للمساعدة في محاربة مقاتلي حزب العمال الكردستاني.
ورداً على سؤال بشأن الأزمة التركية ــــ الإسرائيلية الآخذة في الاتساع، كرّر أردوغان كلامه: «أعطينا تحذيراتنا لإسرائيل. هذا (جريمة أسطول الحرية) مدعاة للحرب. هذا شيء لا يمكنك أن تفعله في المياه الدولية. لكن بما أننا دولة عظيمة، فإننا تسامحنا، ولهذا السبب تحلينا بالصبر الشديد». ولفت إلى أنه «إذا لم تلبّ هذه المطالب (الاعتذار عن الجريمة والتعويض المالي لذوي الشهداء التسعة)، فإنّ العلاقات بين تركيا وإسرائيل لن تصبح عادية مجدداً. ليس لدينا أي شيء ضد شعب إسرائيل، لكن ضد الموقف الذي تتخذه حكومة إسرائيل». وخاطب حكومة بنيامين نتنياهو بـ«إذا كنتم تصرّون على إثارة سبب للاضطرابات، فإنكم ستصبحون معزولين أكثر فأكثر، وهذه العزلة هي مصير إسرائيل في ظل هذه الظروف». وفي إطار سعي أردوغان إلى طمأنة المخاوف من أن تتجه تركيا نحو سياسة خارجية إسلامية وتتخلى عن تاريخ من التحالف والصداقة مع الغرب، أوضح أردوغان أن حكومته تسعى «للحصول على المعرفة من أي جزء من العالم يكون أكثر تقدماً. لا نريد أن نرى صراعاً للحضارات في هذا العالم، بل تحالفاً للحضارات، لأن العالم سئم الحروب».
وكان للدرع الصاروخية الأطلسية التي وافقت أنقرة على نشرها أخيراً على أراضيها حيّز من المقابلة مع أردوغان، إذ شدّد على أن هذه الدرع الصاروخية «ليس لها صلة بالتوترات بين إيران وإسرائيل». وقال «لا نعتقد أنه يجب التعدّي على إيران من دون سبب. لا نريد أن تخرج إسرائيل بتفسيرات تختلف عمّا يحدث في حقيقة الأمر». وتساءل عن السبب وراء الحيلولة دون حصول إيران على التكنولوجيا النووية في الوقت الذي يسمح فيه لإسرائيل بأن تصبح الدولة الوحيدة في المنطقة التي لديها أسلحة نووية. وواصل دفاعه عن طهران على قاعدة أنها «تؤكد أن هدفها الوحيد هو توليد طاقة بأسعار رخيصة من خلال الطاقة النووية، ولا نريد أن نتصرف بناءً على افتراضات، وتركيا لا تقبل بفرض عقوبات تستند إلى افتراضات».
(رويترز)